النقابات عامل ضغط إضافي على الحكومة المغربية

الرباط – لم يكن ينقص الحكومة المغربية التي تواجه جملة من التحديات بدءا من انعكاسات جائحة كورونا على الوضع الاقتصادي إلى الجفاف الذي تشهده البلاد وصولا إلى ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية، سوى ضغوطات النقابات التي تسعى لتسجيل حضورها في ظل هذه الأزمات.
وتسعى الحكومة لتنظيم حوار مع النقابات حيث حددت الجلسة الأولى من الحوار الاجتماعي نهاية شهر أبريل المقبل ومطلع مايو موعدا نهائيا من أجل الوصول إلى تسويات نهائية بشأن العديد من الملفات العالقة، بعد تسلم رئيس الحكومة عزيز أخنوش مذكرات نقابية.
وأعلنت رئاسة الحكومة عن مخرجات الحوار المبدئي مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والتي احتضنها مقر رئاسة الحكومة الخميس والجمعة، إذ تم الاتفاق على أربع نقاط أساسية تهم منهجية الحوار والملف الاجتماعي والتشريع الاجتماعي ثم الجدولة الزمنية.
وفيما تحاول الحكومة احتواء الضغوط النقابية تستمر النقابات في التصعيد ضدها حتى قبل بدء الحوار، فإلى جانب المطالب المالية والاجتماعية، وضعت النقابات ملفات مأسسة الحوار الاجتماعي وقانون التقاعد والنقابات والإضراب على الطاولة الحكومية.
النقابات تطالب الحكومة باتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية القدرة الشرائية وبالتدخل لوقف الزيادات في المواد الأساسية
وتجاوبا مع مطالب النقابات قررت الحكومة الجمعة عدم تفعيل الاقتطاع من رواتب الموظفين الذين لم يستكملوا مسار التلقيح وذلك على ضوء الانخراط الإيجابي للموظفين بالمرفق العمومي، والتزامهم بالإجراءات المتخذة للحفاظ على المكتسبات التي حققتها البلاد في مواجهة الجائحة.
والخميس وقعت الحكومة اتفاقا مع النقابات الممثلة لقطاع الصحة تضمّن حلولا لـ”الملفات ذات الأولوية” بعد سلسلة من جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي.
ويعكس التوقيع على هذا الاتفاق حسب بلاغ للحكومة “الإرادة القوية لدى الحكومة من أجل تكريس آلية الحوار الاجتماعي واعتماد المقاربة التشاركية بالتواصل مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين، والانخراط في الحوار الجدي والمسؤول وكذا النقاش البناء قصد إيجاد حلول تمكن من تحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية للموظفين، والقيام بإصلاح وتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية الوطنية تماشيا مع أهداف المشروع الملكي الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية”.
وتوج الحوار القطاعي بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وشركائها الاجتماعيين بالتوافق على عدد من النقاط على رأسها “تحسين وضعية الأطباء من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان بكامل تعويضاته، واستفادة الممرضين من الترقية في الرتبة والدرجة، والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الكوادر الإدارية وتقنيي الصحة”.
وكان رئيس الحكومة قد وعد خلال الحملة الانتخابية بزيادة في رواتب الأطباء بـ4000 درهم (400 دولار) ابتداء من السنة الأولى من الولاية الحكومية.
وفي المقابل كشفت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، أكبر نقابة في المغرب، أن تجربة الحوار الاجتماعي دخلت في مأزق حقيقي نتيجة الخلافات والتجاذبات التي طفت على الساحة الاجتماعية الوطنية في السنوات الأخيرة، موضحة أن تجارب الحوار الاجتماعي الناجع ينبغي أن تنطلق أولا من توفير الأداة السياسية الفعلية والأجواء الملائمة، واحترام وجهات نظر الشريك الاجتماعي واقتراحاته.
وأوضح نائب الكاتب العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل الهوير العلمي لـ”العرب” أن “الحكومة مطالبة بمبادرات وإجراءات اجتماعية، لأننا أكدنا أن الحل لمواجهة الأزمات والصدمات هو بناء الدولة الاجتماعية ومعالجة كل الأنظمة التي تخلق التفاوتات الاجتماعية والمجالية”.
فيما اعتبر ميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أنه لا معنى لحوار اجتماعي يبتغي ابتزاز الحركة النقابية من أجل فرض قوانين تراجعية ماسة بحقوق العمال، كمشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب في نسخته التراجعية، ومشروع قانون النقابات الذي يسعى في نسخته المطروحة للتدخل في الشؤون النقابية وتدجين العمل النقابي.
من جهته أكد رئيس المنظمة الديمقراطية للشغل علي لطفي لـ”العرب” على مطالب النقابة بالزيادة في الرواتب وتحسين الوضع المعيشي للطبقة العاملة وإعادة توزيع الدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية والإسراع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد إلى حيز الوجود لرصد دقيق للفئات ذات الدخل المحدود والفقيرة وحماية الفئات الأكثر تضررا.
فيما تحاول الحكومة احتواء الضغوط النقابية تستمر النقابات في التصعيد ضدها حتى قبل بدء الحوار
وكشف الاتحاد المغربي للشغل أن الاحتجاجات التي تشهدها الساحة العمالية ومعها الفئات الشعبية في المغرب في المرحلة الحالية نتيجة انهيار القدرة الشرائية للمواطنين أمام الارتفاع المهول للأسعار، ما هي إلا تعبير عن الاحتقان الذي أصبح يهدد السلم والتماسك الاجتماعي.
وطالب ميلود موخاريق الحكومة باتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية القدرة الشرائية للعمال وعموم المواطنين، وبالتدخل لوقف الزيادات في أسعار المحروقات وبعض المواد الأساسية.
وأكد نزار البركة وزير الاقتصاد والمالية المغربي عزم الحكومة على تسوية الأمور والعمل على مواجهة كل هذه التحديات في إطار متضامن، من أجل العمل على إرساء وتكريس وتقوية الدولة الاجتماعية.
ومن المرتقب أن يتجدد لقاء رئيس الحكومة بالمركزيات النقابية بعد أيام للحسم في تشكيلة اللجنة العليا للحوار، وباقي اللجان الفرعية التي ستبتّ في المشاكل العالقة بين الطرفين.