تحركات عربية متفاوتة لإجلاء الجاليات العالقة في أوكرانيا

السودان يحدد منفذين لإجلاء رعاياه، وليبيا ترحّل 200 من بين 1400، فيما طالبت مصر وتونس ببقاء مواطنيها في بيوتهم.
السبت 2022/02/26
تقطع السبل لمغادرة أوكرانيا

كييف - تشهد منصات التواصل الاجتماعي، تفاعلا عربيا واسعا على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تنتشر دعوات إلى إغاثة الجاليات العربية التي تواجه صعوبات في العودة إلى بلدانها بعد إغلاق المجال الجوي الأوكراني بالكامل، لكن رغم ذلك بدت تحركات السلطات الرسمية في أكثر من بلد عربي بطيئة في الاستجابة.

وتتعرض العاصمة الأوكرانية كييف السبت إلى قصف عنيف من عدة اتجاهات، بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس فلاديمير بوتين بدء العملية العسكرية ضد جارته، مؤكدا أنه لا ينوي احتلال أوكرانيا وإنما "تطهير القيادة الأوكرانية من النازية" التي اتهمها بارتكاب إبادة جماعية ضد الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا.

وتعد أوكرانيا وجهة دراسية مفضلة للطلاب العرب، لاسيما لدراسة الطب والصيدلة والهندسة المعمارية بسبب تكاليف التعليم الزهيدة، وتسهيل عملية القبول، وارتفاع معدلات التوظيف، وانخفاض نفقات المعيشة.

وفي الوقت الذي أكدت دول عربية استمرار جهودها لمحاولة إجلاء رعاياها، تصاعدت الحملة على مواقع التواصل بشكل كبير، مع توسع رقعة الحرب لتشمل عدة مدن أوكرانية من بينها العاصمة كييف.

وفي اليوم الثالث لانطلاق العملية العسكرية الروسية، حدد السودان السبت، منفذين لإجلاء رعاياه الراغبين في مغادرة أوكرانيا.

ووفق وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، "أعلنت السفارة السودانية في كييف أن السلطات البولندية سمحت بعبور السودانيين الراغبين في مغادرة أوكرانيا".

وأوضحت السفارة السودانية أنه "تم التنسيق أيضا مع السلطات الرومانية للسماح بعبور السودانيين من أوكرانيا"، كما وجهت نداء لرعاياها في أوكرانيا بسرعة تسجيل بياناتهم إلكترونيا، لأن العبور من خلال الحدود الرومانية يتطلب تقديم إفادة مسبقة ببيانات الأشخاص.

وأوصت السفارة السودانية رعاياها باستخدام القطارات العامة للوصول إلى المعبرين الحدوديين، داعية إياهم إلى "توخي الحيطة والحذر، وتجنب المناطق العسكرية ومحيطها".

ويواجه 1400 ألف ليبي عالقين في أوكرانيا ظروفا صعبة، في وقت بدأت فيه الشائعات بشأن مصير بعضهم تغزو مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن المواطنين الليبيين وجهوا استغاثات إلى حكومة تصريف الأعمال المنتهية ولايتها، والسفارة الليبية في أوكرانيا لإجلائهم في أسرع وقت، وسط تدهور الحالة الأمنية هناك.

وفي رد فعل أولي من وزارة الخارجية الليبية، أعلنت السبت البدء الفعلي في عملية ترحيل أول دفعة من الليبيين المقيمين والموجودين في أوكرانيا إلى سلوفاكيا، موضحة أن الدفعة تشمل 200 شخص.

وأشارت الوزارة في بيان إلى مغادرة الدفعة مقر السفارة الليبية في كييف، وأن العدد توزع بين حافلتين، فيما ستُجرى عمليات الترحيل لاحقا لباقي المقيمين والموجودين، على أن الأولوية للعائلات والمرضى والطلبة.

وأشادت الوزارة بتعاون السفارة الليبية في سلوفاكيا من أجل تسريع عملية الترحيل، مضيفة أن اللجوء إلى سلوفاكيا جاء بعد الإجراءات المعقدة التي كانت طلبتها السفارة الليبية بأوكرانيا وهو ما نتج عنه تأخير في عملية الترحيل.

وتسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ الخميس الماضي، بتقطع السبل بأكثر من 2606 أردنيين بينهم 727 طالبا جامعيا موزعين على 37 جامعة في أنحاء أوكرانيا، وفق الأرقام التي أعلنتها السلطات الأردنية.

وعاد 92 أردنيا من أوكرانيا، بينهم 22 طالبا، منذ الثاني عشر من فبراير وإلى غاية الثلاثاء الماضي، وفق تصريحات أحمد النعيمات مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات.

وأكدت الخارجية الأردنية على لسان الوزير أيمن الصفدي تقديم كافة أشكال الدعم المتاحة للأردنيين في أوكرانيا، والبدء بتنفيذ خطط إجلائهم إلى المملكة وتشكيل خلية لمتابعة الأزمة، وإرسال دبلوماسيين إلى الدول المجاورة لأوكرانيا لتسهيل دخول وإجلاء الأردنيين.

وأصدرت الوزارة الأردنية الجمعة بيانا قالت فيه إن العمل في خلية الأزمة والسفارة الأردنية في أنقرة، المعتمدة في أوكرانيا، وكذلك السفارات الأردنية المعتمدة في عدد من الدول الحدودية مع أوكرانيا، قد استمر طوال الساعات الماضية لتنفيذ خطة طوارئ للتعامل مع الأردنيين هناك.

ومع بدء الهجوم الروسي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجيَة العراقية أحمد الصحاف "إن الوزير فؤاد حسين أجرى اتصالا هاتفيا بالقائم بالأعمال العراقي في كييف حسين عباس، متفقدا أحوال الجالية العراقيّة والكادر الدبلوماسي العامل في السفارة هناك".

ويبلغ عدد أفراد الجالية العراقية في أوكرانيا 5537 شخصا من بينهم 450 طالبا يتوزعون على 37 جامعة، وفق بيان الخارجية العراقية.

 والجمعة، أكدت بغداد تلقيها طلبات من 76 طالبا يريدون مغادرة أوكرانيا، وقالت الخارجية العراقية إنها أوعزت إلى سفاراتها في روسيا وبولندا وهنغاريا ورومانيا بفتح خطوط ساخنة لتلقي الاتصالات ممن يمكنهم مغادرة أوكرانيا لتقديم الخدمة لهم، وذكرت في بيان رسمي أنها قامت بإجراءات خاصة في ما يتعلق بزوجات العراقيين الأوكرانيات.

ومن ناحيتها، أشارت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية، السبت إلى أن الوزير خالد عبدالغفار على تواصل دائم مع السفير أيمن الجمال سفير جمهورية مصر العربية في أوكرانيا، للاطمئنان على سلامة الطلاب، مؤكدا أن هناك متابعة مستمرة من جانب وزارة الخارجية ووزارة الدولة للهجرة، لمتابعة أحوال الطلاب.

ودفعت تصريحات وزارة التعليم العالي المصرية، الطلاب العالقين في أوكرانيا إلى إطلاق مناشدات لوضع خطة واضحة لإجلائهم، لتعلن بعدها السفارة هناك بأن السلطات الرومانية سوف تقوم بتنظيم معسكرات تجميع للقادمين من أوكرانيا، عند النقاط الحدودية مع الأخيرة، كما قال بيان السفارة إنها وضعت أرقاما خاصة للتواصل معها حول الموضوع.

وأطلقت السفارة المصرية عدة بيانات بعد ذلك، ناشدت فيها كافة المواطنين المصريين في أوكرانيا الالتزام بتعليماتها، وعدم التحرك من المدن لأن الطرق أصبحت غير آمنة في ضوء استمرار الاشتباكات، كما طالبت المصريين في مدينة كييف بعدم المغامرة بالخروج من المدينة لخطورة الوضع، والتزام المنازل إلى حين استقرار الأوضاع.

وعلق نور خليل الباحث في المفوضية المصرية للحقوق والحريات على قرار السلطات المصرية عبر حسابه على فيسبوك قائلا "إن الجالية المصرية التي تعيش في أوكرانيا قوامها أكثر من 6 آلاف مواطن، ويشكل الطلاب 60 في المئة منهم".

وأضاف "فيما كانت معظم الدول تطالب رعاياها بالمغادرة سريعا مع تصاعد التهديدات الروسية بغزو البلاد، كان الصمت سمة الموقف المصري، إلى غاية اليوم (الجمعة) حيث بدأت السفارة بإصدار بياناتها التي تطلب التزام أبناء الجالية لمنازلهم".

أما بالنسبة إلى الجالية التونسية العالقة في أوكرانيا فيبدو أن عمليات إجلائها أصبحت أكثر تعقيدا إلا عبر الحدود البرية والتي تتطلب تنسيقا مع الدول المجاورة من قبل الخارجية التونسية.

 ووضعت الخارجية التونسية على ذمة الجالية منصة رقمية لتسجيل معطياتهم وأسمائهم لتحديد قائمة الراغبين في العودة ومعرفة أماكن إقامتهم بأوكرانيا.

 وبلغ عدد التونسيين الراغبين في العودة إلى بلادهم أكثر من 300 شخص إلى غاية الجمعة، لكن محمد الطرابلسي مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بوزارة الشؤون الخارجية أكد في تصريحات إعلامية أن القائمة النهائية لم تتحدد بعد.

ويقدر عدد الطلبة التونسيين في الجامعات الأوكرانية بما يقارب الألف يدرسون في كليات الهندسة بمختلف اختصاصاتها والطب وإدارة الأعمال والمراقبة الجوية وقانون العلاقات الدولية والعلوم المالية والمصرفية.

وأشار الطرابلسي إلى أن تونس بصدد التنسيق مع المنظمات الدولية وبلدان جوار أوكرانيا لإعداد منافذ آمنة لاستقبال التونسيين دون تأشيرات.

وأكد الطرابلسي أنه لا يمكن مطالبة التونسيين العالقين في أوكرانيا بالخروج من منازلهم قبل تأمين عملية إجلائهم لاسيما وأن الأجواء الأوكرانية مغلقة بالكامل.

ومن جانبه، أفاد وزير الصحة علي مرابط في تصريحات صحافية أنه سيتم تخصيص طائرة لإجلاء التونسيين العالقين في أوكرانيا في بوخارست، وأنه سيتم إخضاعهم جميعا لتحاليل تقصي كورونا.