الأردنيون يكسرون الصمت الإعلامي في كلوب هاوس

محاولات حكومية للسيطرة على الرأي العام و"لملمة الفضائح" تحت شعار #الأردن_مستهدف.
الخميس 2022/02/24
إلى أين؟

يبدو أن مغرّدين أردنيين كانوا محقّين حين اعتقدوا أن ما كشفته وثائق باندورا بشأن الثروة التي يمتلكها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني “ليست إلا رأس جبل الجليد”، إذ تبيّن في اليومين الماضيين جزء آخر من هذا الجبل يناقش أردنيون تفاصيله على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تطبيق كلوب هاوس.

عمّان - في مواجهة صمت إعلامي توجّه الأردنيون إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي، وظهر تطبيق كلوب هاوس كلاعب جدّي ومحوري في مناقشة القضايا الداخلية. وسمع الأردنيون هذا الأسبوع عن تورط العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وزوجته الملكة رانيا في تسريبات بنك “كريدي سويس” السويسري من الإعلام الغربي ومواقع التواصل الاجتماعي وليس من وسائل الإعلام المحلية.

وقالت مصادر إعلامية إن وسائل الإعلام الرئيسية في الأردن تلقت تعليمات واضحة من الديوان الملكي بعدم نشر أي شيء إلا بتعليمات.

وكشفت تسريبات عن امتلاك الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا لعدد من الحسابات السرية في البنك السويسري، وهما اثنان من عدة شخصيات من جميع أنحاء العالم تم الكشف عن احتفاظهم بالملايين في بنك “كريدي سويس”.

ومع ذلك، كانت الاستجابة في الأردن لهذه التسريبات من قبل وسائل الإعلام المحلية الرئيسية والمصادر الرسمية ضعيفة إلى حد كبير الاثنين.

ولم تنشر أي وسيلة إعلامية أردنية تفاصيل التقرير الاستقصائي حول حسابات الزوجين الملكيّين، التي يعتقد أنها تساوي مئات الملايين من الدولارات.

وأصدر الديوان الملكي في الأردن مساء الاثنين ردا مفصلا على التحقيقات، ونشرته معظم وسائل الإعلام دون ذكر تفاصيل التحقيق نفسه.

وذكر بيان الديوان الملكي أن “أي مزاعم تربط الأموال في هذه الحسابات بالأموال العامة أو المساعدات الخارجية هي محاولات تشهير ولا أساس لها ومتعمدة لتشويه الحقائق واستهداف سمعة الأردن بشكل منهجي وكذلك مصداقية الملك عبدالله الثاني، لاسيما بعد تقارير مماثلة نُشرت العام الماضي”.

وأكد البيان أن غالبية الأموال التي تم الإبلاغ عنها تتعلق باستبدال طائرات ورثها العاهل الأردني من والده الراحل الملك حسين، بما في ذلك بيع طائرة إيرباص 340 بقيمة 212 مليون دولار واستبدلت بطائرة “غلف ستريم” الأقل تكلفة التي يستخدمها الملك عبدالله الثاني حاليًا.

الديوان الملكي في الأردن أصدر ردا مفصلا على التحقيقات ونشرته معظم وسائل الإعلام دون ذكر تفاصيل التحقيق نفسه

كما ألقى رئيس الوزراء بشر الخصاونة كلمة يوم الاثنين زاعمًا أن “الأردن وقيادته مستهدفان”. وبغض النظر عن التسريبات وأسبابها، هناك مستوى عال من عدم الثقة بين المواطنين والقيادة بسبب غياب الشفافية.

وفي مقابل الرواية الحكومية، افتُتح عدد من غرف المناقشة في “كلوب هاوس”. ويلتف الأردنيون على حظر رسمي غير معلن للتطبيق من خلال برامج تجاوز الحجب. وحملت إحدى هذه الغرف عنوان “هل الأردن مستهدف؟”. ويدير الغرفة المعارض علاء فزع الذي يعيش كلاجئ سياسي في السويد منذ عام 2013.

وانتقد المشاركون في غرفة النادي الملك عبدالله الثاني وطالبوا بإعادة الأموال المخزنة في الحسابات. وسأل أحد المشاركين في المجموعة “إذا كانت مصادر الأموال معروفة، فلماذا كانت مخبأة في حساب سويسري سري وليس في البنوك المحلية؟”.

وعلى تويتر وباستخدام هاشتاغ #الأردن_مش_بخير طالب الأردنيون باحترام عقولهم، وكان لافتا تداول روابط لمقالات غربية تحمل صورة الملك عبدالله الثاني وزوجته تحت شعار “عصابة حمادة وتوتو”.

و”عصابة حمادة وتوتو” فيلم مصري أنتج سنة 1982 وهو من بطولة كل من عادل إمام في دور حمادة ولبلبة في دور توتو.

وأكد إعلاميون وحقوقيون أن قرارات حظر النشر المعلنة أحيانا كما في قضية الفتنة وغير المعلنة كثيرا في قضايا تهم الرأي العام ولها تماس مباشر مع الشارع “تؤدي إلى زيادة الغموض في القضايا المنظورة وخلق مساحات واسعة لمروجي الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وفي عصر الإنترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقبولا استمرار العمل الإعلامي بشكله التقليدي دون تطوير مضمونه ورسالته، فالتطور في الإعلام مرتبط بتطور مستوى الخطاب الموجه إلى الجمهور المحلي.

واعتبر صحافيون أردنيون أن ما يحدث يجدد المطالبة بضرورة وجود إعلام دولة قوي.

وقال عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية في مقابلة مع راديو البلد المحلي “أجد صعوبة في قبول الكلمات المكررة بأن الأردن مستهدف من قبل القوات الأجنبية. لماذا لا تقوم الحكومة بتسريباتها الخاصة للصحافيين المحليين حول هوية هذه الهيئات الأجنبية؟”. وتابع “الإعلام الأردني غير قادر على التحقق من هذا الموضوع بسبب الطبيعة التقييدية لقوانين الإعلام التي تعيق حرية الصحافيين. إذا أرادت الحكومة منا أن نؤمن بموقفها الرسمي، فعليها أن تخبرنا من الذي يستهدف الأردن؟”.

وغرد الصحافي الأردني باسل رفايعة:

basilrafayeh@

قولوا غيرها، مع أنَّ لا غيرها، ولا سواها: يُعلن الملك عبدالله الثاني تفاصيل ثروته داخلياً وخارجياً ومصادرها، وينقلها إلى المملكة، ثمّ تخضع للقانون، وتتحصل عليها ضرائب كأي مواطن أردني برتبة ملك. أليس الملك عبدالله الثاني هو صاحب شعار “الأردن أولاً”؟ حسناً، هذه فرصةٌ سانحةٌ جداً، ليكونَ أولاً!

وكتب معلق:

Markhaddadin@

فضائح الملك عبدالله الثاني بالجملة! #الأردن_مش_بخير.

وتهكم آخر:

ALI_R_Tarawneh@

الأردن مش مستهدف.. بس أنتوا طلعت ريحتكم #شموا #الأردن_مش_بخير.

وتحاول الحكومة السيطرة على الرأي العام على تويتر بإنتاج عدة هاشتاغات على غرار #الأردن_مستهدف. وأغرق الترند بحسابات تشيد بالملك عبدالله الثاني وتنشر صوره أغلبها حسابات وهمية.

ونشر حساب يحمل اسم “أردني وأعشق ملكي أبا الحسين” غراف يشرح:

ShaqAlmlkr@

كيف نجح #الملك_عبدالله_الثاني في حماية #الأردن من المؤامرات؟

والمشهد تكرار لما حدث عندما نُشرت أوراق باندورا قبل أشهر والتي أظهرت أن الملك عبدالله الثاني يمتلك عقارات بقيمة 100 مليون دولار في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وفي ذلك الوقت أجبر الصمت الإعلامي العديد من النشطاء والسياسيين على اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة كلوب هاوس.

وبدأ نجم التطبيق بالصعود في الأردن بعد ظهور قضايا شغلت الرأي العام الأردني كقضية “الفتنة”، ووجد معارضون أردنيون في التطبيق فرصة لخلق حوارات بسقف مرتفع بعيدا عن منع النشر الذي فرضته السلطات الأردنية على القضية.

وتزعج شبكات التواصل الاجتماعي الحكومة، وعبّر مسؤولون أردنيون عن ذلك صراحة.

واعتقلت السلطات الأردنية قبل أسبوع نحو 10 ناشطين سياسيين ينتمون إلى قبيلة بني حسن انتقدوا الملك عبدالله الثاني والحكومة، وحذروا في منشورات على مواقع التواصل من الفساد بين قادة الأردن.

ونقلت عائلات معتقلين من حراك بني حسن أن “الاعتقال جاء على خلفية آراء سياسية طرحها المعتقلون على شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا على تطبيق كلوب هاوس، بالتزامن مع الحراك السياسي الذي تشهده المملكة على شبكات التواصل، والذي أثاره المعارض ليث شبيلات بعد سلسلة فيديوهات انتقد فيها الأوضاع في البلاد”.

وحسب المحامي محمد المجالي فإن “تسعة من المعتقلين اتهموا بنشر شائعات كاذبة بناء على معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي”. وأضاف “هذا انتهاك للدستور الأردني الذي يضمن حرية التعبير”.

وظهر المعارض ليث شبيلات في مقاطع فيديو مطالبا الأردنيين بتفويضه إلكترونيا “لاستعادة أموالهم المنهوبة”، على حد قوله.

وتصدر هاشتاغا #فوضناك و#ليث_شبيلات_يمثلني شبكات التواصل في الأردن في وقت سابق الأسبوع الماضي.

وبدا الأردنيون متحمسين لأفكار شبيلات على تطبيق كلوب هاوس، وقد أعربوا منذ بدء الاعتقالات أيضا عن قلقهم الشديد بشأن الحريات الشخصية.

وحملت إحدى الغرف على التطبيق عنوان “تغطية فعاليات حراكات بني حسن والسّلط.. الحرية لمعتقلي الرأي”.

من جانبها حاولت الحكومة الأردنية التقليل من شأن الاعتقالات وصاغتها على أنها جرت في إطار اتباع الإجراءات بموجب القانون “دون أن يكون لها أي صفةٍ سياسية مطلقاً”.

16