تراجع شكوك الألمان من العواقب السلبية للهجرة

برلين - رصدت دراسة حديثة تراجعا في شكوك الألمان تجاه المهاجرين. وأظهرت الدراسة، التي أجراها معهد "كانتار إمنيد" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من مؤسسة "بيرتلسمان" عن ثقافة الترحيب بالمهاجرين في ألمانيا، أن المخاوف من العواقب السلبية للهجرة تراجعت أيضا، لكنها لا تزال تساور غالبية الألمان. كما كشفت الدراسة تزايدا واضحا في استعداد الألمان لاستقبال لاجئين.
واستطلع معهد "كانتار إمنيد" خلال نوفمبر 2021 آراء نحو ألفي ألماني فوق 14 عاما. وأظهرت النتائج التي نُشرت الأربعاء في جوترسلوه بوضوح أن "هناك شيئا يتحرك"، إلا أن النظرة الناقدة والرفض لا يزالان "حاضرين وملموسين".
وفي ما يتعلق بالاقتصاد، يعتقد 68 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع أن الهجرة تجلب مزايا لتوطين شركات دولية، ويرى 55 في المئة من الألمان أنها تساعد في مواجهة النقص في العمالة الماهرة.
68 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الهجرة تجلب مزايا اقتصادية كبيرة
ويتوقع حوالي ثلثي الألمان أن تتراجع شيخوخة المجتمع بفضل الهجرة، كما يتوقع 48 في المئة دخلا إضافيا لصندوق المعاشات التقاعدية. وفي المقابل، يخشى حوالي ثلثي الألمان من أعباء على الرفاهة الاجتماعية وصراعات بين المهاجرين والسكان المحليين.
ورغم تواصل تدفّق الآلاف من المهاجرين إلى ألمانيا، فإن الاقتصاد الألماني لا يزال يشكو نقصا حادّا في اليد العاملة الماهرة، ليحتّم ذلك على المسؤولين الحكوميين إيجاد حل سريع للمشكلة.
وحذّر عدة مسؤولين في الحكومة الألمانية من نقص كبير في اليد العاملة الماهرة في سوق العمل الألمانية. وقد يبدو ذلك أمرا مستغربا للوهلة الأولى، لأن ألمانيا من أكثر بلدان الاتحاد الأوروبي استقبالا للمهاجرين، بخاصة في السنوات القليلة الماضية، مع اندلاع الأزمات في بعض دول العالم، على الرغم من سياسات الاتحاد الأوروبي التي ساهمت كثيرا في انخفاض مستوى الهجرة.
واستقبلت ألمانيا منذ عام 2015 أكثر من مليون لاجئ ومهاجر، أغلبهم من سوريا والعراق وأفغانستان. وطرحت بعد ذلك في عام 2016 قانونا لإدماج اللاجئين في سوق العمل، ومنحتهم نفس الأولوية مع المواطنين الألمان في التقدم لأي وظيفة كانت، بعد أن كان قانون العمل الألماني يعطي المواطنين الألمان الأولوية.
ويشكل استمرار الحاجة الماسة إلى ملء الشغور في العديد من الوظائف الحيوية في عدة قطاعات خلال السنوات القليلة القادمة، أكبر تحدّ للاقتصاد الألماني.
وقال رئيس الوكالة الاتحادية للتوظيف في ألمانيا ديتليف شيل إن بلاده في حاجة ماسّة إلى نحو 400 ألف مهاجر سنويا، لسد النقص في اليد العاملة المتخصصة في عدة مجالات، من بينها الرعاية الصحية، والمناخ وتكييف الهواء، والخدمات اللوجستية، والأكاديميات، وغيرها.
الحاجة الماسة لملء الشغور في الوظائف الحيوية بعدة قطاعات يشكل أكبر تحدّ للاقتصاد الألماني
ويعزو رئيس الوكالة الاتحادية للتوظيف هذه الأزمة في الأساس إلى التهرم السكاني الذي تشهده ألمانيا، إلى جانب بقية البلدان الأوروبية، والذي أدى إلى انخفاض عدد العمال المحتملين فى سنّ الاحتراف التقليدي بمقدار 150 ألفا تقريبا.
وأشارت عدة إحصائيات رسمية إلى وجود نحو 1.2 مليون وظيفة شاغرة و57 ألف تدريب مهني شاغر في ألمانيا، ومن المرجح أن يرتفع هذا العدد إلى نحو 3.9 مليون في سوق العمل عام 2030، إن لم تتوصل الجهات الرسمية إلى حلول مجدية.
وسعت الحكومة الألمانية لتجاوز هذه الفجوة الكبيرة في سوق العمل، ودخل قانون الهجرة الجديد حيز التنفيذ عام 2020. ولكن على الرغم من التحسن الطفيف خلال الأشهر الأولى، فإن النقص احتدّ بعد ذلك. وحذّرت عدة تقارير صدرت في وقت لاحق من أن ترتفع النسبة مجددا العام الحالي.