مشروع عطلة الأمومة والأبوة رهين التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية في تونس

تكوين لجنة فنية مشتركة للمزيد من التعمق في هذا المشروع.
الخميس 2022/02/17
تمديد عطلة الأمومة والأبوة يحقق التوازن النفسي للأطفال

مازال مشروع عطلة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش بين الأطراف المتدخلة، وأمام وضعية الصناديق الاجتماعية التي تشكو عجزا متناميا تأخرت الموافقة على هذا المشروع، وطالبت وزارتا المرأة والشؤون الاجتماعية بالتعمق في دراسته لمعرفة مدى انعكاساته على التوازنات المالية لتلك الصناديق. وينص مشروع القانون على تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعا في القطاعين العام والخاص.

تونس ـ تعمل الأطراف المتخصصة في مجال الأسرة في تونس على المزيد من التوافق حول مراجعة مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة في القطاعين العام والخاص، وذلك للمزيد من مواءمة التشريعات التونسية مع المعايير الدولية في مجال حماية الأمومة.

وقالت القاضية سامية دولة، المكلفة السابقة بمهمة بوزارة المرأة والأسرة والطفولة، إن مشروع القانون ينص على تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعا في القطاعين العام والخاص٬ مقابل ما يقارب 10 أسابيع في القطاع العمومي وشهر في القطاع الخاص٬ حاليا، ويمنح نفس النص القانوني عطلة أبوة مدتها 15 يوما٬ مقابل يومين، فحسب٬ وفق مقتضيات القانون المعمول به حاليا.

وأضافت دولة أنّ “صياغة مشروع القانون هذا٬ تهدف إلى ملاءمة القانون التونسي للمعايير الدولية، وبالخصوص منها ‘اتفاقية 183 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة’، وذلك تطبيقا لما جاء في الدستور التونسي الذي ينص على احترام حقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية”.

معز الشريف: المطالبة بالتمديد هدفها تقاسم تربية الأبناء بين الوالدين

وعُقدت بمقر وزارة المرأة جلسة عمل مشتركة بإشـراف كل من مالك الزّاهي وزير الشؤون الاجتماعية وآمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، خصصت للنظر في مشروع عطلة الأمومة والأبوة والوالدية في القطاعين العام والخاص.

وبعد النقاش وتبادل الآراء تمّ الاتفاق على تكوين لجنة فنية مشتركة للمزيد من التعمق في هذا المشروع، وخاصة من حيث انعكاساته على التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية، وذلك بتشريك الأطراف الاجتماعية والأطراف المتدخلة في هذا المشروع.

وتمر الصناديق الاجتماعية في تونس بوضعية مالية حرجة، خاصة منها الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، وهي مرشحة للتأزم أكثر إن لم يتم اتخاذ الحلول الكفيلة لاحتواء هذه الأزمة وخلق التوازن بين الموارد والنفقات. ويقدر العجز المالي للصناديق الاجتماعية بـ242 مليون دينار، وهذا العجز يعتبر مرتفعا جدا. كما بلغ العجز في صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية لوحده 170 مليون دينار.

وكانت مليكة البجاوي، مديرة شؤون الأسرة بوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، قد أكدت أنّ الوزارة بصدد العمل على مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة، مبيّنة في هذا الصدد أنه يهدف إلى رفع التمييز الحاصل بين القطاعين العام والخاص.

وبيّنت البجاوي على هامش مشاركتها في فعاليات حملة المناصرة التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل بعنوان “تعزيز قدرات المرأة العاملة من أجل إصدار قانون حماية الأمومة”، في نوفمبر الفارط أنّ مشروع القانون سيلغي التمييز بين الأمهات العاملات في القطاع العام ونظيراتهنّ بالقطاع الخاص، مع الترفيع في عطلة الأمومة والولادة في القطاعين معا. وكشفت عن ملامح مشروع القانون الذي سيمنح المرأة الحامل عطلة ما قبل الولادة بـ15 يوما، ويمكّنها من تمديدها في الحالات التي تعاني فيها المرأة من مشاكل صحية.

وبشأن عطلة الولادة، فإن مشروع القانون حدّدها بفترة ثلاثة أشهر سواء في القطاع العام أو الخاص، “مع تمكين الأم من شهر إضافي في صورة إنجابها توأما أو طفلا معوقا، وفي صورة إنجابها طفلا ميّتا فإن مشروع القانون يمنحها عطلة بشهر، مع إمكانية التمديد بشهر إضافي في صورة حدوث تعكرات على حالتها الصحيّة أو النفسيّة”.

وأضافت أنّ مشروع القانون سيمكّن الأبوين (الأم أو الأب) من الحصول على العطلة الوالديّة (بعد الولادة)، ويمكن أن تصل مدتها إلى أربعة أشهر مع تقاضي نصف المرتّب أو ربعه، وهي عطلة اختياريّة.

واعتبرت دولة أن القانون الحالي فيه تمييز بين العاملين في القطاعين العام والخاص، مما يستوجب العمل من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين جميع العمال، مضيفة أن مشروع القانون ينص أيضا على الترفيع في حق التمتع بساعة الرضاعة إلى 12 شهرا في القطاعين العمومي والخاص، مقابل 9 أشهر حاليا، في القطاع العام و6 أشهر في القطاع الخاص.

وقالت مليكة الورغي، مديرة الأسرة بوزارة المرأة والأسرة وكبار السن، في تصريح سابق لـ”العرب” إنه تم الاتفاق مع عدد من الأطراف على مراجعة مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة في القطاع العام، إلا أن منظمة الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة) مازالت لم تبد موافقتها حول تمديد مدة عطلة الأمومة لشهرين.

وأضافت أن لقاء سيجمعهم بممثلي القطاع الخاص للنظر في المسألة، وتباحث الموضوع.

من شأن تمديد الإجازة أن يحقق التوازن النفسي للطفل وحتى لا يجد نفسه محروما من والديه منذ الصغر، خاصة وأن ظروف عمل الوالدين تستغرق ساعات طويلة من اليوم

وينص مشروع القانون على التمديد في عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعا في القطاعين العام والخاص، مقابل ما يقارب 10 أسابيع في القطاع العمومي وشهر واحد في القطاع الخاص حاليا. كما يجيز التمتع بعطلة أبوة مدتها 15 يوما مقابل يومين فحسب وفق مقتضيات القانون المعمول به حاليا.

وكانت نزيهة العبيدي، وزيرة المرأة السابقة، قد أكدت أن اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع عطلة الأمومة والأبوة والمتكونة من مختلف الهياكل الحكومية وغير الحكومية وأعضاء لجنة المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين بمجلس نواب الشعب (البرلمان) وممثلي المنظمات الوطنية، قد عقدت اجتماعا خصص لمناقشة النسخة النهائية لهذا المشروع.

وأشارت العبيدي إلى أن هذا المشروع يهدف أساسا إلى ملاءمة القانون التونسي للمعايير الدولية، وبالخصوص منها “اتفاقية 183 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة”. ويحقق تمديد عطلة الأمومة والأبوة التوازن النفسي للطفل، ويهدف إلى تقاسم تربية الأبناء بين الوالدين.

ويرى خبراء أن دعوات التسريع في تطبيق القانون الجديد تكشف عن وعي المجتمع المدني والجهات الرسمية بحجم النقائص التي يعاني منها الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، بسبب انشغال أهاليهم في العمل.

ومن شأن هذه الإجراءات حماية الأسرة التونسية من التفكك وتعزيز الروابط بين أفرادها. وتأتي هذه الدعوة في إطار جهود المجتمع المدني لترسيخ ثقافة المساواة بين الجنسين في تقاسم مسؤولية تربية الأطفال.

وقال معز الشريف، رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، في حديث سابق لـ”العرب” إن المطالبة بتمديد عطلة الأمومة والأبوة هدفها تقاسم تربية الأبناء بين الوالدين، إذ لم يعد مقبولا أن تتحمل الأم بمفردها عبء تربية الأبناء، وتابع “طالبنا بتمديد عطلة الأمومة أو الأبوة وهو أمر اختياري بين الطرفين بهدف توفير حاجيات الأطفال، خاصة أولئك الذين هم في مرحلة الطفولة المبكرة، ويعتبر هذا المطلب أحد أشكال المساواة”.

ويعتقد الشريف أنه من شأن تمديد الإجازة أن يحقق التوازن النفسي للطفل وحتى لا يجد نفسه محروما من والديه منذ الصغر، خاصة وأن ظروف عمل الوالدين تستغرق ساعات طويلة من اليوم، إلى جانب الوقت الذي يضيع في التنقل من مقر السكن إلى مقر العمل، ما يؤدي إلى إنقاص وقت الوالدين مع أبنائهم، وبالتالي إلى صعوبة في التواصل بين أفراد العائلة الواحدة.

17