العراق ينفي تعثر صفقة بـ27 مليار دولار مع توتال إنرجيز

بغداد - نفت وزارة النفط العراقية مساء الاثنين صحة الأنباء التي تحدثت عن تعثر الاتفاق مع شركة توتال الفرنسية، لاستثمار 27 مليار دولار في أربعة مشاريع عملاقة في قطاع الطاقة.
وقالت الوزارة في بيان "في الوقت الذي تؤكد فيه حرصها على تنفيذ العقود التي تم إبرامها ضمن الاتفاق مع شركة توتال العالمية، تنفي الوزارة التقارير الإخبارية والصحافية التي أشارت إلى وجود تعثّر في تنفيذ الاتفاق".
وأوضحت أن "هذا الاتفاق يتضمن أربعة عقود كبيرة تتضمن فقرات والتزامات جزئية ومتشعبة، تتطلب بعض الوقت لإنجازها، ولا يمكن تنفيذها أو حسمها بتوقيتات ضيقة".
وأضافت أن هذا الأمر "يتطلب التوافق بين الجانبين حول أسلوب وطريقة المشاركة والتمويل، حيث يجري الآن التفاوض حول ذلك بمعزل عن التحضيرات لاستلام العقد، وهو ما بدأ فعلا بفريق عمل متخصص يتكون من تسعة اختصاصيين من كل جانب، يعقدون اجتماعات متواصلة لإنجاز المهام الموكلة إليهم".
ويواجه العراق صعوبات في جذب استثمارات كبيرة جديدة لقطاع الطاقة، منذ أن وقّع مجموعة من الصفقات في مرحلة ما بعد الغزو الأميركي منذ أكثر من عشرة أعوام. وخفضت الحكومة مستويات الإنتاج المستهدفة مرارا مع رحيل الشركات العالمية التي أبرمت هذه الاتفاقات، بسبب ضعف العائد من عقود المشاركة في الإنتاج.
ووافقت توتال إنرجيز العام الماضي على الاستثمار في أربعة مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة في منطقة البصرة في جنوب البلاد على مدى 25 عاما. ووقّعت وزارة النفط العراقية الاتفاق في سبتمبر 2021، بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعراق.
وتشمل المشاريع التي ستقام في محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد، مد خط أنابيب لنقل مياه البحر لغرض حقن حقول النفط، واستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط من أربعة حقول، وزيادة إنتاج حقل أرطاوي النفطي، وإنتاج 1000 ميغاوات من الكهرباء من الطاقة الشمسية.
وقالت الوزارة إن "فترة الانتقال (إلى التنفيذ) البالغة ستة أشهر تبدأ مطلع أبريل المقبل بإدارة حقل أرطاوي من قبل شركة نفط البصرة (حكومية)، والتمويل من شركة توتال".
وأشارت إلى "وجود تنسيق وتواصل بين الفرق المعنية المتخصصة من كل جانب، مع توقعاتها بتحقيق خطوات متقدمة في مشروع تطوير حقل أرطاوي والمشاريع الأخرى مع مطلع عام 2023".
وكانت وكالة "رويترز" نقلت الاثنين عن ثلاثة مصادر عراقية من الوزارة والقطاع قولها إن "الوزارة لم تحصل على الموافقات على التفاصيل المالية للصفقة من جميع الإدارات الحكومية المطلوب موافقتها، وغرقت في خلافات منذ ذلك الحين".
فبعد الانتخابات البرلمانية تحتاج الصفقة الآن إلى موافقة الحكومة الجديدة، بما في ذلك وزيرا النفط والمالية اللذان لن يتوليا منصبيهما قبل نهاية مارس على الأقل.
وقال متحدث باسم وزارة النفط العراقية في وقت سابق إن بلاده تتوقع إتمام الصفقة في وقت ما بدءا من مارس.
وأكدت توتال إنرجيز أنها تحرز تقدما نحو إتمام الصفقة، لكنها أضافت أن "الاتفاق يخضع لشروط يتعين على الطرفين الوفاء بها".
وأثارت الشروط، التي لم يعلن عنها أو تنشر من قبل، مخاوف ساسة عراقيين، وقالت مصادر على صلة وثيقة بالصفقة إنها شروط غير مسبوقة بالنسبة للعراق.
وكتبت مجموعة من النواب الشيعة لوزارة النفط خطابا في يناير تطالب فيه بالاطلاع على تفاصيل الصفقة، وتسأل عن سبب توقيعها دون إجراءات تضمن المنافسة والشفافية.
ويمكن للبرلمان أن يجبر الوزارة على إعادة النظر في الصفقة أو إلغائها.
وتقول المصادر إنه بموجب مسودة الشروط تعول توتال إنرجيز على الحصول على عشرة مليارات دولار من الاستثمار الأولي لتمويل المشروع الأوسع نطاقا، عن طريق بيع النفط من حقل أرطاوي النفطي وهو أحد المشروعات الأربعة في الاتفاق الأشمل.
ويضخ حقل أرطاوي بالفعل 85 ألف برميل يوميا. وبدلا من أن تحصل توتال إنرجيز على حصتها منها، تذهب العائدات إلى خزانة الدولة.
وقالت مصادر من قطاع النفط العراقي منخرطة في المفاوضات إن من المقرر أن تحصل توتال على 40 في المئة من مبيعات حقل أرطاوي.
وتلك النسبة المقررة أعلى كثيرا مما بين عشرة و15 في المئة كان المستثمرون يحصلون عليها في مشروعات سابقة، من خلال عقود الخدمة التقنية العراقية التي تعوض الشركات الأجنبية عن رأس المال وتكاليف الإنتاج وتدفع رسما ثابتا بالنفط الخام.
وكلما زادت نسبة المشاركة في الإيرادات زادت سرعة دفع مستحقات المستثمرين وقلت المخاطر.
وقال مسؤولون بوزارة النفط إن العراق يحتاج إلى أن يكون أكثر تنافسية مع دول أخرى منتجة للنفط لجذب مستثمرين كبار مثل توتال، كما أكد مسؤول بارز من الوزارة "نحتاج إلى تقديم حوافز أكبر".
ولدى توتال إنرجيز أيضا تخوفات تتعلق بالصفقة، إذ كانت الشركة الفرنسية قد رفضت مشاركة شركة النفط الوطنية العراقية لها في المشروع، وهذا من أسباب تعطل الصفقة وفقا لمصدرين.
ولم تعلن الحكومة الجديدة في العراق والبرلمان بعدُ الوضع القانوني الكامل لشركة النفط الوطنية العراقية، التي أعيد تشكيلها لتضاهي أرامكو السعودية، مما يشكل خطرا بالنسبة لتوتال.
ونمت طاقة العراق الإنتاجية من ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين برميل يوميا في السنوات الأخيرة، لكن خروج شركات نفط كبرى مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل من عدة مشروعات بسبب ضعف العائد يعني أن النمو المستقبلي غير مضمون.