عبدالحميد الدبيبة.. السياسي الذي وعد بترك منصبه ولم يف

مفاوضات الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون اختبارا لقدرة رئيس الوزراء الليبي المؤقت على التعامل مع شبكة التحالفات والعداوات المعقدة.
الجمعة 2022/02/11
لن أترك السلطة

طرابلس - يمثل تحرك البرلمان الليبي للإطاحة برئيس الوزراء الليبي المؤقت عبدالحميد الدبيبة، الذي وعد بعدم استغلال منصبه المؤقت في تعزيز مكانته في المعترك السياسي، دليلا على أنه لم يف بما وعد به.

وجاءت أنباء وقوع محاولة لاغتيال الدبيبة بعد يوم على تعهده بعدم تسليم السلطة إلى أي حكومة جديدة دون إجراء انتخابات عامة.

وكان السياسي البالغ من العمر 62 عاما قد برز في العام الماضي كاختيار مفاجئ لقيادة عملية الانتقال السياسي المدعومة من الأمم المتحدة، وقبل شرط ألا يستغل الامتيازات السياسية التي يتيحها له منصبه في ترشيح نفسه لمنصب الرئيس، في حين يُحرم المرشحون المحتملون الآخرون من هذه الامتيازات.

مع ذلك، فقد سعى الدبيبة خلال رئاسته للحكومة إلى استمالة كل قطاعات المشهد السياسي الليبي المفتت ووعد بتوفير أموال لمدن منسية وعرض أموالا على حديثي الزواج، وعقد اتفاقات مع قوى أجنبية لمشروعات اقتصادية.

كان إعلانه ترشيح نفسه لخوض انتخابات الرئاسة عاملا أسهم في نسف العملية الانتخابية التي كان من المقرر أن تبدأ في ديسمبر الماضي، والتي لم يتم التوصل إلى اتفاق على القواعد التي تحكمها، وخصوصا أهلية الدبيبة نفسه وغيره من كبار المرشحين.

الدبيبة سعى إلى استمالة كل القطاعات ووعد بتوفير أموال لمدن منسية وعرض أموالا على حديثي الزواج

ورغم أن الأرجح فيما يبدو أن تسفر الخطوات التي تتخذ في البرلمان عن تشكيل حكومة موازية خارج العاصمة طرابلس، بدلا من إبدال الدبيبة، فمن الممكن أن تقوض هذه الخطوات أي إدعاء من جانبه برئاسته لحكومة وحدة.

ويمثل الموقف مأزقا ليس لطموحات الدبيبة نفسه، بل لعملية السلام التي كان المستهدف أن تنفذها حكومته بدعم من الأمم المتحدة. ويبقى مدى التزامه بالانتقال السياسي مسألة غير محسومة.

يقول الدبيبة وحلفاؤه إنه عمل على رسم مسار للانتخابات وتوحيد المؤسسات المتنافسة تنفيذا لما تم تكليفه به، غير أن فصائل منافسة أحبطت مساعيه.

ويتهمه منتقدوه بالسعي لتقويض العملية الانتخابية وباستخدام أموال الدولة دون تفويض سليم في تعزيز مصالحه السياسية وبالفساد، وكلها اتهامات ينفيها.

وقال ولفرام لاشر، من مركز أبحاث أس.دبليو.بي الألماني، “ما يغضب كثيرين من خصوم الدبيبة هو أنه يتحكم بقدر كبير في الإنفاق الحكومي”.

وأيا كانت صحة ما يقال عنه سواء لصالحه أو ضده، فمما لا شك فيه أنه برز كمصدر خطر كبير على طموحات قيادات فئوية كبرى أخرى في ليبيا، خلال الفترة التي قضاها في منصبه.

اختِير الدبيبة رئيسا للوزراء من خلال هيئة سياسية مكونة من 75 مندوبا، اختارتهم الأمم المتحدة من الفصائل السياسية والمناطق الليبية، في تصويت جرى في جنيف العام الماضي.

Thumbnail

والدبيبة سليل عائلة لها باع طويل في مجال الأعمال من مصراتة برزت قبل انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، وكان على قائمة مرشحين هزمت منافسين أكثر شهرة.

وكانت من بين القوائم التي لم يكتب لها النجاح قائمة جمعت رئيس البرلمان عقيلة صالح الذي يقود محاولة الإطاحة بالدبيبة وفتحي باشاغا وزير الداخلية السابق، وهو المرشح الذي اختاره البرلمان رئيسا للوزراء الخميس.

وإذا استمر الدبيبة في رفض التنحي، فربما ستوجد في ليبيا من جديد حكومتان واحدة بقيادته في طرابلس تعترف بها الأمم المتحدة والدول الغربية، وأخرى يعينها البرلمان في الشرق.

وقد ضمن الدبيبة من جانبه ولاء فصائل عسكرية قوية في طرابلس، رغم أن خلافات بين الجماعات المسلحة التي تملك النفوذ في الشوارع قد تعني أن منافسا ذا مصداقية قد يقلب القوى الأخرى عليه.

وقال الباحث جلال حرشاوي من منظمة المبادرة العالمية “الدبيبة أبدى استعدادا للعمل مع أي أحد خلال ترتيبات قصيرة لم تدم. وليست لديه أيديولوجية، ويقول لكل طائفة أو فصيل ما يريد أن يسمعه”.

وبينما يمضي البرلمان في مسعاه لإبعاد الدبيبة، ستكون مفاوضات الأسابيع والأشهر المقبلة اختبارا لقدرة الدبيبة على التعامل مع شبكة التحالفات والعداوات المعقدة، التي ستحدد في النهاية من سيمسك بزمام السلطة في ليبيا.

4