إحياء وادي غزة التاريخي أمل الفلسطينيين للحدّ من التلوث الشديد

الأمم المتحدة تبدأ عملية إحياء الوادي التاريخي على أمل تحويله من مكبّ للنفايات والصرف الصحي إلى محمية طبيعية تنبض بالحياة.
الثلاثاء 2022/02/08
من متنفس طبيعي إلى مصدر للأمراض والروائح الكريهة

غزة (فلسطين) – تحول “وادي غزة” الذي أعلنته السلطة الفلسطينية في التسعينات محمية طبيعية، إلى مكب للنفايات ومصرف للمياه العادمة غير المعالجة يوميا، فاستوطنته أنواع مختلفة من الحشرات والقوارض والأفاعي.

وبات الوادي بؤرة تلوث فمع دخول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، يتحول “وادي غزة” إلى مصدر للكثير من الأمراض التي تصيب سكان المنطقة القريبة منه، فمجرد فتح نوافذ المنازل، من أجل دخول الهواء، يهجم البعوض والحشرات، وتنبعث الروائح الكريهة التي تدفع الناس إلى سرعة إغلاق النوافذ مرة أخرى.

ومن المقرر أن تبدأ الأمم المتحدة الشهر المقبل عملية إحياء الواد التاريخي على أمل تحويله من مكب للنفايات والصرف الصحي إلى محمية طبيعية تنبض بالحياة في خطة مشروع يتكلف 66 مليون دولار.

ووادي غزة موطن لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات وواحد من أكبر مناطق الأراضي الرطبة في القطاع. ويطلق على الوادي عدة أسماء منها “وادي الحسا”، و”نهر البيسور” الذي يرتبط بالمملكة الكنعانية في بيسور بصحراء النقب جنوب فلسطين التاريخية.

ويمتد الوادي 105 كيلومترات من صحراء النقب الإسرائيلية حتى جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية ولمسافة تسعة كيلومترات عبر قطاع غزة حتى البحر المتوسط. لكن على مدى العقود القليلة الماضية، ورغم أنه محمية طبيعية، أصبح الوادي يعاني تلوثا شديدا، الأمر الذي أبعد السكان عن المكان.

وتفيد المؤسسات المحلية بأن تخمّر المياه العادمة في الوادي طوال السنوات الماضية كانت تنتج عنه روائح كريهة جدا لا تطاق، وغازات سامة مثل غاز الميثان، مما أدى إلى انقراض العديد من الحيوانات والطيور، مثل طائر الغزّة والأرنب البري ومعظم الحيوانات الأخرى، وكذلك النباتات.

وتفيد جمعيات بيئية في قطاع غزة بأن الوادي يواجه أيضا العديد من الأزمات، أبرزها السدود الإسرائيلية التي أقيمت قبل عشرين عاما تقريبا على بعد 3 كم من حدود قطاع غزة لحجز مياه الأمطار ومنع جريانها في حوض الوادي، وتحرم هذه السدود الوادي من وصول المياه العذبة والمقدرة بـ30 مليون متر مكعب، التي كانت تأتي من أودية الشعرية والرشراش والسموع والخليل وحوض النقب.

ورغم جفاف الوادي، أقرت سلطة جودة البيئة الفلسطينية بأنّ المنطقة محمية طبيعية عام 2007، وكانت تعتزم إقامة مشاريع بيئية ممولة، غير أنّها توقفت إثر الانقسام الفلسطيني.

وتحوّل الوادي إلى مكبّ لمياه الصرف الصحي والقمامة نتيجة السلوك الخاطئ للناس، وعدم الاهتمام من قبل السلطات المعنية؛ ليصبح مستنقعا بيئيا. وهو ما دفع بلدية وادي غزة للتوافق مع بلديات أخرى مطلة على الوادي على إنشاء مجلس خدمات مشترك لحماية الوادي وتأهيله، مما ساهم في إحداث تغيير جزئي في الوضع البيئي بالمنطقة.

Thumbnail

وفي مسعى إلى إنقاذه أعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خطة مشروع بتكلفة 66 مليون دولار، وإن لم يتسن له بعد ضمان إجمالي التمويل.

وقال محمد أبوشعبان، منسق مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “إنه مشروع متكامل لإحياء هذا المكان وتحويله من مكان يعتبر مكرهة صحية إلى مكان قابل أن يكون وجهة لسكان قطاع غزة ووجهة سياحية”.

وأضاف أبوشعبان أن إتمام المشروع، الذي سيُنفذ على مرحلتين، سيستغرق عدة سنوات. وستوجه المخصصات المالية الأولى التي ستأتي من بلجيكا، وقدرها 1.3 مليون دولار، لعملية التنظيف الأولية التي من المتوقع أن تستمر نحو أربعة أشهر.

وأردف منسق المشروع “في مارس سنبدأ إزاحة النفايات الصلبة والخرسانة والركام من الوادي وفتح الطريق واستصلاح التربة وزراعة العديد من الأشجار”.

وأتاحت محطة جديدة لمعالجة المياه في وسط غزة تدفق المياه المعالجة إلى الوادي خلال الشهور القليلة الماضية مما أدى إلى تحسين موطن العشرات من الطيور والثدييات والزواحف والبرمائيات.

وعلى المدى الأبعد تستهدف عملية الإحياء أيضا إفادة سكان غزة بإقامة أماكن تخييم ومقاه ومراكز تعليمية وترفيهية على طول طريق الوادي.

وقال مروان حمد، رئيس بلدية مدينة الزهراء الذي يشارك مكتبه في عملية التطوير، “من المأمول طبقا لخطة المشاريع إنشاء عدة مراكز سياحية وإنشاء مراكز اقتصادية ستوفر العديد من الوظائف وفرص العمل للعاطلين عن العمل في قطاع غزة”.

وزار حوالي أربعين ناشطا الموقع الأحد دعما للمشروع. وقال محمد أبورجيلة (26 عاما) “تجمعنا من كل مكان في غزة مشان نقول للناس إنه هاي وادي غزة بيتحول وبيرجع محمية طبيعية”.

17