"إطعام البشرية مهنة" مسرحية تشيد بتضحيات المزارعين في أوروبا

بروكسل- لقد تضرر العالم الزراعي بشدة جراء العولمة والتجاوزات الضارة للسوق المحررة، والسيطرة الخانقة على صناعة الأغذية الزراعية، والسباق على المنافسة.
يقوم المزارعون بالدور الرئيس في توفير الغذاء للبشرية، ويبذلون جهودا مضنية في سبيل ذلك، مضحّين بوسائلهم ووقتهم لتحدي الصعاب والآفات.
هذه التضحية أشاد بها الكوميدي الفرنسي شارل كيلو من خلال المسرحية الوثائقية “إطعام البشرية مهنة” التي أخرجها في عام 2011.

☚ على عكس المسرح المتعارف عليه "المسرح الوثائقي" يعتمد التقارير والخطب لبث رسالة واضحة
“المسرح الوثائقي” الذي ظهر في الستينات، أو كما يسمى المسرح التسجيلي أو مسرح الحقائق أو مسرح الدوكيودراما، فجميعها مرادفات لنوع واحد من المسرح الذي يعتمد في أساسه على المادة الوثائقية الموجودة من قبل، فالمسرح الوثائقي هو المسرح الذي يستخدم الحقائق ذات الغرض التعليمي التي تحرض على فعل واحد وهو التفكير والرغبة في التغيير.
وعلى عكس المسرح المتعارف عليه، فالشخصيات في المسرح الوثائقي لها طبيعتها الخاصة التي تعتمد على البعد عن الواقعية إلى درجة تصل إلى الكاريكاتورية، فقد تكون الشخصيات مؤداة على خشبة المسرح أو قد تكون مسجلة على شريط فيديو ومعروضة على إحدى شاشات العرض داخل المسرح، كما أن الحوار في المسرح الوثائقي موجه ومجرد إلى أبعد الحدود حيث يعتمد على المباشرة من خلال عرض تقارير الصحافية والخطب السياسية والأفكار التوجيهية الواضحة.
وتحضر عناصر المسرح الوثائقي بقوة في هذا العرض الذي حقق تأثيره الكبير في نسخته الأولى، إذ تعالج المسرحية الحياة اليومية الصعبة لما يصفه المخرج بأنه “جزء من السكان يطعم جزءا آخر”، وتتناول، لهذا الغرض، الواقع القاسي لعالم المزارعين.
ويطرح كيلو إشكالية يلخصها السؤال “هل يمكن أن ننظر إلى مجتمع يسمح باندثار من يغذونه على أنه مجتمع سليم؟”، مستخدما شهادات مؤثرة في هذا المجال.
واليوم، وبعد 10 سنوات على هذا العمل الوثائقي، ها هي المؤسسة التي ينتمي إليها المخرج تلتقي المزارعين والمزارعات وتستنطق مشهدهم الذي تغير كثيرا خلال هذه الفترة. إذ عاد الكثيرون منهم إلى الأرض مع خيار الإنتاج بطريقة مختلفة راسخة في التقاليد.
ويعيد الجزء الثاني من المسرحية الشهادات التي قُدمت في عام 2011، ويضيف إليها شهادات لأشخاص جدد يشرحون الدوافع الحقيقية التي جعلتهم يقررون تغيير طريقة الإنتاج.
ويأتي العرض لفهم تدهور الزراعة الأسرية بشكل خاص، حيث قام ممثلان، وأحدهما نجل مزارع، بتقصي واقع الزراعة اليوم. مشددين على أن كوكبنا في خطر والعديد من الأراضي ماتت، وأنواع الحيوانات تموت باستمرار، والحساسية والسرطانات تتزايد باستمرار. يلعب مزارعونا دورا أساسيا في هذه القضايا، فهم أحد أسوارنا الأخيرة ضد تجريد مجتمعاتنا من الإنسانية.
وسيتم عرض هذا الجزء الذي يوصف بأنه “مؤثر وعادل” أمام الجمهور في الخامس عشر من فبراير الجاري في مدينة “آث” الفرانكفونية البلجيكية.