"عين الدم" حب في زمن معركة عمرها ثلاثة قرون

بيروت– في روايته “عين الدم” يعرج الكاتب كامل توفيق أبوعلي على تاريخ الدروز، فيقف على حافة الذاكرة مسترجعا الأجواء المثخنة لحرب أهلية جرت في الجبل لحيازة الإمارة وفاضحا المستفيدين منها.
ويفعل ذلك بالارتكاز على رؤية فنية خاصة ترصد التحولات السياسية والاجتماعية والمواقف الفكرية لتلك المرحلة التي تتوافق بوقائعها مع زمن الانقسام والفتنة بين أبناء الطائفة الواحدة وما بين يمني يرنو ليخلي له الجو، وقيسي رأى نفسه مظلوما، نرصد في الرواية سيادة أمراء الجبل، وبكواته وعائلاته العريقة وشيوخه على فلاحيه ومحروميه.
ولأن الحب خطيئة، والفرح جريمة، والحلم بحياة هانئة لم يكتب إلا للأمراء والولاة وأزلامهم، يكتب كامل توفيق أبوعلي قصة “حب في زمن معركة دروز عين دارة 1711″، فيقدم إلينا أمثولة رمزية عن الحب تناقض حال الصراع التاريخي على الإمارة في الجبل؛ لتمثل معاناة شخصياتها نوعا من استعادة زمن مفقود في الحب والوصل، يحيا به العاشقون وإن افترقوا إلى الأبد.
يقول الروائي “أليس غريبا أن كل ما بناه آباؤنا وأجدادنا من أمجاد، هدمناه قبل طلوع الشمس! هناك بجانب عين الدم، تكدست فوق الأرض أعداد القتلى. تلك العين التي لطالما امتزجت بعرق الفلاحين، والعطشى من المارين، لتروي الأرض، التي بدلت غايتها بعد معركة هوجاء. معركة قديمة بدأت قبل التاريخ، يحاولون ترقيعها حديثا بتبريرات مزركشة. معركة همجية لا تعرف معنى الحضارة، ترتدي قناع الدين، بتحالفات سياسية، تحرك العواطف، تستثير العصبيات، تلعب على تحفيز الغرائز”.
ويضيف أبوعلي “هناك سادت بطولة دون أمل، كحديد يصدأ، كعشب أيبسه حر الشمس. هنا تأججت مشاعري لتصب حممها، وتتساءل ماذا فعل الناجون بالأرض العتيقة؟ يعيدون المآسي، وكأنهم لم يشبعوا من محن الآخرين بنا، فخلفوا لأنفسهم محنا جديدة، هم شركاء فيها، قتلة ومقتولون في الوقت نفسه”.