الإمارات تعطي الضوء الأخضر لإطلاق كيانات بغرض الاستحواذ

خطت الإمارات خطوة أخرى باتجاه إضفاء المزيد من الزخم على مناخ الأعمال، بإعطاء الضوء الأخضر لبدء إطلاق كيانات مهمتها الأساسية القيام بالاستحواذ والاندماج في السوق المحلية وسط ترجيح إمكانية ازدهار هذه الأدوات الاستثمارية في ظل إقرار قوانين ترتقي للمعايير الدولية لتنظيم نشاطها.
أبوظبي - اعتمدت هيئة الأوراق المالية والسلع في الإمارات الاثنين رسميا أول إطار تنظيمي للشركات، التي يتم تأسيسها لأغراض الاستحواذ والاندماج في منطقة الخليج العربي، مما سيمهّد الطريق أمام إدراج أسهمها في سوق أبوظبي المالي هذا العام.
وتأتي الخطوة في إطار سلسلة تعديلات تقوم بها الحكومة بالتعاون مع السلطات النقدية والجهات المعنية بمجال الاستثمار على قوانين الشركات التجارية والهادفة إلى تسهيل إقامة الأعمال وجذب المزيد من رؤوس الأموال الخارجية إلى البلد الخليجي.
ويؤكد المسؤولون أن الإطار التنظيمي الجديد يسمح للمستثمرين في الخارج بالتقدم بطلب للموافقة على إدراج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في سوق أبوظبي للأوراق المالية.

هشام عبدالخالق: هذه الفئة من الشركات ستمنح المستثمرين فرص نمو أكبر
وذكرت سوق أبوظبي في بيان أن “هذه الخطوة ستمهّد الطريق لقيد أول شركة استحواذ ذات غرض خاص في العام الجاري”.
وقال هشام عبدالخالق رئيس مجلس إدارة السوق إن “الخطوة ستؤدي إلى تأسيس مركز إقليمي للشركات المؤسسة لأغراض الاستحواذ والاندماج في سوق أبوظبي”.
وأوضح أن هذه الفئة من الشركات ستمنح المستثمرين ممن ينشدون تنويع محفظاتهم الاستثمارية فرص نمو أكبر مع اعتماد أقوى اللوائح على مستوى العالم.
وشمل الإطار التنظيمي الجديد السماح لأفرع الشركات الأجنبية بالتحول إلى كيانات تجارية إماراتية وإلغاء متطلبات الجنسية لأعضاء مجالس إدارات الشركات.
وكانت القوانين السابقة تقضي بأن يكون رئيس مجلس الإدارة وغالبية الأعضاء مواطنين إماراتيين، لكن مع ثورة الانفتاح التي تنفذها الحكومة سيكون للأجانب نصيب وافر في إطلاق أعمالهم وفق هذا التصور.
وتعتبر شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أداة استثمارية بدأت تزدهر في آسيا رغم فقدانها لبريقها في الولايات المتحدة بعد ازدهارها في البداية.
وتتيح هذه الأداة جمع أموال للاستحواذ على شركة خاصة بغرض تحويلها إلى شركة مساهمة عامة بما يسمح بإدراج الشركة المستهدفة في أسواق الأسهم بسرعة أكبر من وتيرة الطرح العام الأولي التقليدية.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى محمد علي الشرفاء الحمادي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية أبوظبي قوله “يؤكد إصدار إطار تنظيمي لدعم الاكتتاب العام الأولي للشركات المؤسسة لأغراض الاستحواذ والاندماج التزامنا بتصدر طليعة مشهد الابتكار”.
الإطار التنظيمي الجديد يسمح للمستثمرين في الخارج بالتقدم بطلب للموافقة على إدراج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في سوق أبوظبي للأوراق المالية
وأضاف “أثمرت اللوائح التنظيمية الراسخة المُعتمدة في أبوظبي، إلى جانب بيئة العمل المستقرة والخالية من الضرائب، عن توفير فرص جذابة لرعاة الشركات المؤسسة لأغراض الاستحواذ والاندماج ممن يتطلعون إلى طرح شركاتهم للاكتتاب العام الأولي”.
وتتزامن الموافقة على الإطار التنظيمي في ظل تنافس اقتصادي بين أبوظبي والسعودية. وتعمل دبي على إنعاش سوق الأوراق المالية فيها إذ أن البورصات الأكبر مثل سوق أبوظبي وسوق تداول في الرياض تجتذب عمليات إدراج أكبر وسيولة أعلى.
وأشارت سوق أبوظبي في بيانها إلى أن “الإطار التنظيمي الجديد الذي تأسس على غرار أفضل النظم المعمول بها في الولايات المتحدة والعالم لهذه الشركات سيتيح للمستثمرين الدوليين فرص نمو فريدة”.
وقامت سوق أبوظبي ودائرة التنمية الاقتصادية لأبوظبي بتطوير النظام الجديد بالتعاون مع هيئة الأوراق المالية والسلع ومجموعة من المتخصصين في الاستثمار.
وبموجب اللوائح التنظيمية الجديدة سيكون على المستثمرين جمع ما لا يقل عن 100 مليون درهم (27 مليون دولار) في الطرح العام الأولي على أن تتضمن الصكوك المباعة ما يضمن للمستثمرين والكفلاء الحق في تحويلها إلى أسهم.
ولكن حتى تتمتع العملية فلا بد لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أن تودع 90 في المئة من حصيلة الطرح العام الأولي في حساب لا يدر فائدة.
وفي الأسبوع الماضي وافق المساهمون في شركة فيستاس ميديا أكويزيشن للاستحواذ الخاص المدرجة في سوق ناسداك على الاندماج مع شركة أنغامي التي تنافس شركة سبوتيفاي في الشرق الأوسط.
وقالت أنغامي في العام الماضي إن هذا الاندماج سيجعلها أول شركة من شركات التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط تدرج أسهمها في سوق ناسداك.
ومن المتوقع أن يكتمل الاندماج بعد الوفاء بشروط إبرام الصفقة وبعدها سيبدأ تداول سهم الشركة المدمجة برمز أي.أن.جي.أتش.
وعرفت الإمارات، وهي ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية، تحوّلات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة واستثمارات ضخمة في مجالات النفط والنقل والتكنولوجيا والسياحة ومعظم القطاعات الأخرى لتصبح مقرا لأعداد كبيرة من الشركات العالمية الكبرى.
وتحتضن البلاد وخاصة إماراتي أبوظبي ودبي مجموعة قوية من الشركات الإقليمية سريعة النمو، بفضل ما توفره من لوائح تنظيمية مرنة وبيئة الأعمال مدعومة بسعر صرف مستقر ونظام ضريبي منخفض.
ويؤكد المسؤولون الإماراتيون أنهم سيواصلون تعزيز مستوى نمو اقتصاد البلد انطلاقا من جهود الابتكار والمساعي المبذولة للارتقاء بمستوى بيئة الأعمال.
وكانت الحكومة الإماراتية قد قامت منذ 2018 بسلسلة خطوات في هذا المضمار من بينها إقرار نظام متكامل لاستقطاب المستثمرين والمواهب يضع رؤية استراتيجية مستقبلية لبناء الاقتصاد على أسس مُستدامة.