قيس سعيّد يتهم القضاء بتبرئة أشخاص ثبتت إدانتهم

الرئيس التونسي يؤكد امتلاكه وثائق على تورط أشخاص في العديد من الملفات لكنهم يبقون في حالة سراح، متهما النظام الخفي بالتحكم في الإعلام ومشددا على أن الحريات مضمونة في تونس.
الجمعة 2022/01/21
سعيّد يؤكد رفضه للعنف ويشدد على ضرورة تطبيق القانون

تونس - وجه الرئيس التونسي قيس سعيّد انتقادات لاذعة إلى القضاء والإعلام، مؤكدا رفضه للعنف ودفاعه عن الحريات في البلاد.
وفي لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن مساء الخميس اتهم الرئيس سعيّد القضاء بتبرئة أشخاص ثبتت إدانتهم، وبإهمال بعض الملفات الحساسة.
وقال قيس سعيّد إن البعض يتخذ من القضاء وسيلة لتصفية الحسابات وليس لتطبيق القانون وإرساء العدالة.
وأضاف أن "ما يحصل اليوم هو ضحك على عقول التونسيين"، قائلا "يتم تبرئة أشخاص ولدي وثائق على تورطهم ويبقون في حالة سراح، والقضية تبقى جارية لأكثر من عشر سنوات بسبب تأخير القضاء".
واعتبر الرئيس التونسي أن ما يحصل في بعض الملفات "تنكيل بأموال الشعب بصفة موازية".
وأكد سعيّد استقلالية القضاء، قائلا "نعم القضاء حر ونعمل على أن يكون حرا، ولكن القضاء ليس دولة أو حكومة"، مضيفا أنه "قضاء الدولة وعليه أن يطبق القانون".

ودخل الرئيس التونسي في خلاف مع المجلس الأعلى للقضاء، حيث أصدر الأربعاء مرسوما يقضي بإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، بعد أن وجه انتقادات للمجلس في عدد من الملفات.
وقال سعيّد تعليقا على الجدل القائم بشأن إلغاء امتيازات المجلس الأعلى للقضاء، إن "القضاء هو قضاء الدولة وعليه أن يطبق القانون"، مضيفا "نظام خفي لا يزال يحكم تونس.. ونحن لا نعمل في الظل".
وتابع "السلطة الترتيبية التي منحها القانون للمجلس الأعلى للقضاء ليست لتحديد المنح والامتيازات".
ويحمّل سعيّد القضاء مسؤولية البطء في محاسبة بعض السياسيين المحسوبين على منظومة الحكم السابقة، والتستر على بعض الملفات.
والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية يبلغ عدد أعضائها 45 عضوا، بعضهم منتخب وبعضهم الآخر معينون بالصفة، وتضمن في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها.
وانتقد قيس سعيّد الإعلام قائلا إن "النظام الخفي يعتبر الحرية حرية السب والشتم وتطويع وسائل الإعلام من قبل مجموعة من الأشخاص، تعمل ليلا لتشكيل أجندة إعلامية يتناولونها اليوم التالي".
واعتبر سعيّد أن مصدر القرار في الإعلام واحد "وهو النظام الخفي الذي لا يزال يحكم تونس".
ودخل الرئيس التونسي في خلافات مع نقابة الصحافيين التي اتهمت مؤسسة الرئاسة بمنع ممثلي الأحزاب من المشاركة في برامج القناة الوطنية.
لكن قيس سعيّد أكد أن "الحريات مضمونة في تونس أكثر من أي وقت مضى"، فيما أعرب عن رفضه "العنف" إثر تظاهرة شهدت تدخلا عنيفا لقوات الأمن لتفريقها الأسبوع الفائت.
وقال خلال لقائه وزير الداخلية توفيق شرف الدين، بحسب مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية في صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، "نرفض مظاهر العنف والتجاوزات من أي طرف كان، خاصة من يريدون ضرب الدولة"، مؤكدا "تطبيق القانون على الجميع".
وفي مشاهد عنف لم تشهدها العاصمة منذ عشر سنوات، استخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين، ونفذت العشرات من الاعتقالات بشكل عنيف خلال تظاهرة الجمعة للاحتفال بذكرى ثورة 2011 وللتنديد بقرارات سعيّد.
كما أعلنت النيابة العمومية في تونس الأربعاء فتح تحقيق في وفاة شخص إثر التظاهرة التي تم خلالها توقيف العشرات من الأشخاص وتعنيف بعض الصحافيين.

وتحدثت مصادر عن تعرّض مراسل صحيفة "ليبراسيون" ومجلة "جون أفريك" و"إذاعة فرانس انتر" خلال التظاهرة لـ"ضرب عنيف" في تونس من الشرطة، بحيث مُنع من تغطية الاحتجاجات، حسبما أعلنت الصحيفة والإذاعة ونادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا.
ودعت منظمة "مراسلون بلا حدود" الأربعاء الرئيس التونسي إلى "المحافظة" على حرية الصحافة والتعبير، أحد "مكاسب" ثورة 2011 التي كانت شرارة لانطلاق "الربيع العربي" في المنطقة.
وأصدرت المنظمة تقريرها عن "الصحافة في تونس: لحظة الحقيقة"، وعبّرت فيه عن "إطلاق جرس الإنذار" وأن واقع الإعلام في تونس "يشهد منعطفا في تاريخه"، محذرة من "خطر تمييع مكاسب الثورة".
لكن الرئيس التونسي الذي يواجه ضغوطا داخلية وخارجية وتهما بالاستفراد بالحكم، يؤكد أنه يسعى للمحافظة على مصالح الشعب التونسي ومواجهة منظومة الفساد، التي تغولت بعد الثورة وسيطرت على الإعلام والقضاء وبعض أجهزة الدولة.