عودة مجلس الأمة الكويتي إلى التشريع بعد اعتكاف لأشهر

إقرار المجلس لجملة من التشريعات هو مقدمة لتعاون أكبر بين الحكومة والنواب ورسائل سياسية تعكس نجاح رئيس الوزراء في إخضاع جبهة المعارضة.
السبت 2022/01/15
هل نجح الشيخ صباح الخالد في ترويض المعارضة

الكويت- بعثت عودة مجلس الأمة الكويتي إلى إقرار تشريعات بعد اعتكاف دام لأكثر من سبعة أشهر، برسائل إيجابية عن مرحلة جديدة في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت.

ويرى البعض أن استئناف النواب النظر في مشاريع القوانين وإقرارها خطوة لا تخلو من رسائل سياسية تعكس نجاح رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح أخيرا في إخضاع جبهة المعارضة، التي لطالما اتخذت من تعطيل الحياة النيابية ورقة للضغط عليه.

ووافق مجلس الأمة على جملة من التشريعات من بينها إلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا الجنح، وتعديل قانوني الإعلام المرئي والمسموع، والمطبوعات والنشر، حيث خفف بعض العقوبات من السجن إلى الغرامة المالية.

◄ بدء النقاش حول تشريعات تتعلق بالوضع الاقتصادي، المقياس لمعرفة مدى نجاح الشيخ صباح الخالد في تفكيك المعارضة

ورفض مجلس الأمة تعديل قانون اللجنة التعليمية الذي يطالب بإزالة التأثير في قيمة العملة الوطنية من المحظورات في قانون المرئي والمسموع، كما رفض طلب سحب تقرير قانون المرئي والمسموع وعرضه على لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف.

وأجل المجلس النظر في قانون يتعلق بتكويت الوظائف لإعطاء الفرصة للجنة تنمية الموارد البشرية والحكومة للوصول لصيغة توافقية للقانون.

ويقول متابعون إن إقرار المجلس لجملة من التشريعات هو مقدمة لتعاون أكبر بين الحكومة والنواب، لاسيما بعد أن قامت الأولى بإزالة مسببات التوتر وفي مقدمتها مرسوم العفو العام الذي أقره الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح، وأيضا سحب قرار تأجيل استجواب رئيس الوزراء حتى موفى العام 2022 والذي كان مثار جدل كبير.

ويشير المراقبون إلى تعمد رئيس الوزراء توسيع دائرة مشاركة نواب المعارضة في التشكيلة الحكومية ساهم بشكل كبير في تغير موازين القوى لصالحه داخل المجلس.

وضمت التشكيلة الجديدة ثلاثة أعضاء من كتلة الإحدى والثلاثين التي لطالما شكلت صداعا لرئيس الوزراء خلال الحكومتين السابقتين.

وحصل النائب حمد روح الدين على حقيبة الإعلام والثقافة، والنائب مبارك العرو على وزارة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية والإسكان والتطوير العمراني، وتولى النائب محمد عبيد الراجحي وزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة، فيما استمر النائب الموالي للحكومة عيسى الكندري في منصبه وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية.

وأدت مشاركة النواب الثلاثة إلى تصدع في جبهة المعارضة النيابية، التي انحاز أغلبها إلى التعاون مع الحكومة، وعدم المعارضة لأجل المعارضة، فيما ظلت أقلية على موقفها الرافض لأي تعاون مع رئيس الوزراء داعية إلى رحيله.

عبدالوهاب الرشيد: إصدار قانون الدّين العام ضرورة من أجل تمويل عجز الموازنة

ويلفت المراقبون إلى أن الشيخ صباح الخالد بات يمتلك أغلبية مريحة داعمة له داخل أسوار المجلس، ولكن ذلك لا يعني أن الأمور ثابتة لاسيما عندما يبدأ النقاش الجدي حول إقرار تشريعات تتعلق بالوضع الاقتصادي ومنها قانون الدين العام المعطل منذ سنوات، والذي يتخذ منه نواب ورقة مساومة مع الحكومة.

وصدر الأسبوع الجاري تقرير حكومي حذر من مغبة استمرار التصنيف الائتماني في التدهور إن لم تتعاون السلطتان التشريعية والتنفيذية لإقرار 18 تشريعا.

وصنف التقرير الذي عرضته وسائل إعلام محلية قانوني الدّين العام والسحب المنظم من صندوق احتياطي الأجيال كأولوية قصوى، يليهما قانونا الضريبة المضافة والانتقائية، وتحديث قواعد الميزانية.

ومنذ انتهاء صلاحية قانون الدين العام في العام 2017، ظل إقرار قانون جديد محل أخذ ورد بين الحكومات المتعاقبة ومجلس الأمة، حيث يربط النواب إقرار هكذا قانون بتقديم الحكومة خطة إصلاح شاملة. ويستهدف القانون الجديد الذي تسعى الحكومة إلى إقراره الاقتراض عبر اللجوء إلى إصدار سندات دولية.

وأكد وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالوهاب الرشيد أن إصدار قانون الدّين العام ضرورة من أجل تمويل عجز الموازنة، بشرط توافر خطة اقتصادية شاملة، وهو ما تعمل الوزارة على الانتهاء منه في الوقت الحالي.

وقال الوزير الكويتي، في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر “إن الضريبة ليست أولوية للإصلاح الاقتصادي، إلا أن ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية هما التزام دولي، ولكن طريق تطبيقهما من خلال قانون وليس بقرار من الوزير”.

ورفض الوزير ما أسماها بمحاولات الترهيب الإعلامي، التي يقودها البعض، قائلا “رسالتي لمن استشعر الخطر من خطواتنا تجاهه، هي أن التلاعب بالألفاظ ومحاولة إرهابنا إعلاميا لن يثنيانا عن تنفيذ رغبة القيادة السياسية في تطبيق القانون ومحاربة الفساد، وهي أولى خطوات الإصلاح الاقتصادي”.

وتعاني الكويت منذ سنوات من تداعيات تذبذب أسعار النفط، ما أدى إلى تسجيلها عجزا ماليا قياسيا، وجاءت جائحة فايروس كورونا لتضاعف أزمات الاقتصاد المحلي لاسيما بعد اتخاذ الحكومة اجراءات تستهدف دعم القطاعات الاقتصادية المتضررة.

3