فيتش تحذّر من خطر الضغوط على أصول المصارف المصرية

القاهرة - عكست تقييمات حديثة صادرة عن وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية للقطاع المصرفي المصري حجم المخاطر التي قد يتعرض لها وسط ترجيحات بتعرضه لمشاكل قد تمس من جودة أصوله.
وكشفت فيتش في تقرير حديث نشرته في وقت مبكر الجمعة أن تصنيفاتها للمصارف المصرية، وخاصة تلك المتعلقة بالتمويل والسيولة، قد تواجه ضغوطا إذا استمرت الأصول الأجنبية في التراجع.
وبحسب خبراء الوكالة فإن صافي الالتزامات بالعملة الصعبة في البنوك بلغ نحو 112 مليار جنيه (7 مليارات دولار) بنهاية نوفمبر من العام الماضي وذلك استنادا إلى بيانات البنك المركزي المصري مقابل صافي أصول أجنبية بقيمة 107 مليارات جنيه (6.8 مليار دولار) في نهاية فبراير 2021.
ويعني تحقيق صافي الالتزامات الخارجية أن الأصول بالعملات الأجنبية التي يمتلكها القطاع المصرفي المصري أقل من التزاماته بهذه العملات.
وقالت فيتش إن "هذا التدهور جاء نتيجة تراجع الأصول الأجنبية بشكل رئيسي وقد تتأثر سيولة المصارف من العملات الأجنبية والقدرة على الوفاء بخدمة الدين في حال استمرار هذا الاتجاه".

تخارج الأجانب نتيجة التضخم سيؤثر على حجم السيولة النقدية
وفي نوفمبر الماضي اتسع صافي الالتزامات الأجنبية بالقطاع المصرفي والذي جاء بشكل أكبر من الفترة التي أعقبت مباشرة زيادة تدفقات رأس المال الخارجية في أبريل 2020، بالتزامن مع بداية تفشي الوباء في البلاد.
وجاء التدهور في الفترة الممتدة بين فبراير ونوفمبر الماضيين نتيجة لسحب الأصول الأجنبية، رغم الانتعاش القوي في أرصدة المحافظ الأجنبية التي ارتفعت إلى 32 مليار دولار في نهاية أكتوبر 2021 من المستوى المنخفض البالغ 7 مليارات دولار في نهاية أبريل 2020.
وأرجعت فيتش هذا الانحسار في قيمة الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي إلى استخدامها في الوفاء بالتزامات الديون الخارجية من طرف البنك المركزي المصري الذي سحب بعض ودائعه من العملات الأجنبية في البنوك المحلية.
وكان لدى المركزي نحو 6.8 مليار دولار مستحقة خلال ثلاثة أشهر أو أقل، شاملة 3 مليارات دولار من الودائع السعودية التي جرى تجديدها لاحقا.
وأظهرت بيانات البنك على موقعه الإلكتروني تراجع قيمة الدين الخارجي للقاهرة بنهاية الربع الثالث من العام الماضي إلى حوالي 137.9 مليار دولار بانخفاض نحو 439.5 مليون دولار عن يونيو 2021.
وقالت فيتش "ربما زاد عجز الحساب الجاري في مصر الضغوط على الأصول الأجنبية للبنوك".
وقفز عجز حساب المعاملات الجارية للبلاد بنحو 64 في المئة في العام المالي الماضي الذي انتهى أواخر يونيو الماضي ليبلغ 18.4 مليار دولار تحت ضغط من تراجع إيرادات السياحة إلى أقل من النصف بسبب تداعيات الأزمة الصحية.
ورغم الضغوط على الأصول الأجنبية للمصارف المصرية فإن الاحتياطي النقدي للبنك المركزي ارتفع تدريجياً ليصل إلى نحو 40.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، مقابل 37 مليار دولار في نهاية يونيو 2020.
وهذه القفزة في الاحتياطات كانت مدعومة بعودة استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، وإصدار الحكومة سندات مقومة باليورو، وتخصيص حقوق السحب الخاصة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمصر من صندوق النقد الدولي في أغسطس الماضي.
السيولة الطارئة ستقتصر على البنوك ذات الملاءة المالية وستكون مقابل ضمانات كافية وبعائد أعلى من متوسط أسعار الإقراض السائدة بالسوق
ويشير تقرير فيتش إلى احتمال زيادة الضغوط على الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي في حالة تجدد موجة تخارج الأجانب نتيجة ارتفاع التضخم الذي يقلل مكاسبهم من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية.
وليس ذلك فقط بل يلقي القلق بظلاله أيضا على احتمال هروب السيولة الأجنبية بعيداً عن الأسواق الناشئة مع اتجاه الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة.
ويأتي نشر التقرير بعد أيام من إعلان المركزي المصري أنه وضع هيكلا تنظيميا جديدا يحدد شروط وإجراءات منح السيولة الطارئة للبنوك العاملة في البلاد لاحتواء الأزمات المحتملة والحد من تأثيرها.
وذكر المركزي في بيان الاثنين الماضي أنه سيمنح السيولة للبنوك في حالة عدم قدرتها على توفيرها من سوق الإنتربنك أو من الأسواق المالية الأخرى.
وستقتصر السيولة الطارئة على البنوك ذات الملاءة المالية، وستكون مقابل ضمانات كافية، وبعائد أعلى من متوسط أسعار الإقراض السائدة بالسوق، وستكون قصيرة الأجل.
ووفق تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي في نوفمبر الماضي واجه الاقتصاد المصري تأثيرات جائحة كورونا بشكل جيد، مدعوماً باستجابة سريعة وفعّالة من قبل الحكومة عبر تبني مجموعة من التدابير المالية والنقدية.