لبنان بات مهيأ لتطيير الانتخابات التشريعية

يوم غضب تخللته أعمال عنف وانفجارات متتالية في الجنوب.
الجمعة 2022/01/14
الحسابات الانتخابية تزيد من تعقيد الأزمة اللبنانية

تزداد الأوضاع الاجتماعية والأمنية تعقيدا وانفلاتا في لبنان مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في مايو المقبل ما يدعم الحديث المتداول عن مساع سياسية لتطييرها. ورغم تطمينات وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي بالمضي قدما في التحضيرات للاستحقاق الانتخابي، لا تبدو المؤشرات على الميدان منسجمة مع التطمينات.

بيروت – يختبر الاحتقان الاجتماعي في لبنان وأعمال العنف التي ترافقه قدرة الحكومة اللبنانية المعطلة على المضي قدما في إجراء الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في مايو المقبل، رغم التطمينات التي سعى وزير الداخلية بسام مولوي لتسويقها بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس.

والتقى مولوي في قصر بعبدا بالرئيس اللبناني لإطلاعه على تطورات الأوضاع الأمنية غداة أعمال عنف رافقت إضراب قطاع النقل البري في البلاد الذي انتظم الخميس والانفجارات المتتالية في جنوب البلاد.

وقال مولوي عقب لقائه عون إن “الوضع الأمني ممسوك جدّا والأجهزة الأمنية مواكبة للتحركات”، مشيرا إلى أنّ “مواكبة التحركات جيدة والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية كان جيّدا لحماية المواطنين وضمان حرية التظاهر بأمان واستقرار وحماية”.

بسام مولوي: لا أحد عليه أن يخاف من عدم حصول الانتخابات

وشدّد وزير الداخلية على أنّ “العملية الانتخابية قائمة، ولا أحد عليه أن يخاف من عدم حصول الانتخابات”، داعيا “المواطنين والمرشحين إلى أن يعملوا ويتحضروا لها”.

ولا تعكس التطمينات التي ساقها مولوي تطورات الأوضاع الميدانية على أرض الواقع، حيث أقدم عدد من المحتجين على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خلال مشاركتهم في الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة النقل البري، على اقتحام عدد من مقرات المصرف المركزي في عدة محافظات.

وسد سائقو شاحنات وحافلات وغيرهم طرقا رئيسية في العاصمة اللبنانية ومناطق أخرى احتجاجا على فشل السياسيين في معالجة أزمة اقتصادية خانقة هوت بالعملة المحلية ورفعت الأسعار لعنان السماء.

وانهارت الليرة بعد أن كان التعامل فيها حرا في المتاجر والبنوك بسعر 1500 ليرة للدولار إلى أن تفجرت الأزمة في 2019. وهوت العملة ويجري تداولها بالسوق غير الرسمية بسعر 31500 ليرة للدولار الخميس.

ويصعب الآن أن يكفي راتب أسرة متوسطة الحال لإطعامها بعد أن كان دخلها مريحا ذات يوم.

ويعيش جنوب لبنان على سلسلة من الانفجارات المتتالية، فبعد أن سُمع دويّ انفجارات في إقليم التّفاح ليلة الأربعاء قالت مصادر أمنية لبنانية إنه ناجم عن انفجار قنابل عنقودية وألغام قديمة بالمنطقة، استفاق اللبنانيون الخميس على انفجار آخر في مبنى تابع لحزب الله في قضاء النبطية.

ولم يصدر أي تعليق فوري من السلطات اللبنانية أو حزب الله حول الانفجار وأسبابه، إلا أن دوائر لبنانية قالت إن الانفجارات التي تقع في مقرات تابعة لحزب الله عادة ما تكون بسبب احتوائها لأسلحة وذخائر.

ومع كل يوم يمر حتى صبيحة الخامس عشر من مايو، الموعد الذي حددته وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات النيابية، ترتفع وتيرة الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية في شكل مخيف لا ينذر إلا بانفجار غير معروفة طبيعته بعد، يتراوح بين الأمني والاجتماعي.

ويقول مراقبون إن تطيير الانتخابات لا يمكن أن يحصل إلا في حال حصول تطورات أمنية كبيرة، الأمر الذي بدأت معالمه تتشكل، وإن مؤشرات الانفجار الشعبي تزداد يوما بعد آخر.

ويرى هؤلاء أن الشارع اللبناني بات مهيأ لإثارة التوتر المطلوب في أي لحظة، خصوصا أن التوترات في الغالب تأخذ طابعا احتجاجيا لتتطور بعد ذلك مذهبيا أو طائفيا.

جنوب لبنان يعيش على سلسلة من الانفجارات المتتالية، فبعد أن سُمع دويّ انفجارات في إقليم التّفاح ليلة الأربعاء، استفاق اللبنانيون الخميس على انفجار آخر في مبنى تابع لحزب الله

وترفع حالة التأزم السياسي من رصيد التأجيل، إذ أن عودة الحياة إلى الشارع، ولو عبر تحركات محدودة، من شأنها أن تنذر بالمزيد من التصعيد الذي قد يطيح بصناديق الاقتراع قبل فتحها خاصة وأن إضراب نقابات قطاع النقل البري قد يجرّ وراءه سلسلة إضرابات وتحركات اعتراضية، ليكون بمثابة زيت على نار تأجيل الانتخابات، الذي تريده معظم القوى السياسية، ولو أنّ جميعها يخشى المجاهرة بالأمر أو القيام بأي خطوة قد تصب في هذه الخانة.

ولا يزال سعر الدولار يحلّق عاليا من دون أي سقف قد يضبطه في ظلّ حالة التوتر السياسية الحاصلة، والتي قد تطيح بأي آلية من شأنها أن تضبط الانخفاض التاريخي لسعر صرف الليرة، ما يعني أنّ كل السيناريوات المأساوية قد تجد طريقها للتنفيذ من دون أن تواجه أي رادع، ما يعني أيضا أنّ احتمال تطيير الانتخابات على وقع الانهيار الشامل الذي يخطو خطوات سريعة، لم يعد مستحيلا.

وفي الوقت الذي من المفترض أن تنطلق فيه مختلف القوى السياسية نحو التحضير للانتخابات النيابية، يبدو أن بعضها لا يزال يعمل على تطيير الانتخابات بالرغم من كل الضغوط الدوليّة التي تصب في الاتجاه المعاكس، في ظلّ التلويح بفرض عقوبات قاسية على أيّ جهة معرقلة.

وتؤكد دوائر لبنانية أن الأطراف التي خسرت شعبيتها وتخشى من انتكاسة انتخابية على غرار التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل، صهر عون، الذي خسر عددا كبيرا من أنصاره داخل البيئة المسيحية قد تذهب إلى تفجير الأوضاع.

وقال باسيل الأربعاء إن من لا يشارك في الحوار الوطني الذي دعا إليه عون يتحمل مسؤولية ما قد يحدث، حيث فهمت هاته الإشارة على أن المسار الانتخابي هو المقصود بما يمكن أن يحدث.

2