التشاؤم يحاصر آفاق تعافي الاقتصاد العالمي في 2022

تفشي المتحور أوميكرون يفاقم حجم الأضرار الاقتصادية.
الاثنين 2022/01/10
أوميكرون يعيق الانطلاقة المرجوة لقطاع السفر

باريس - يثير تفشي المتحور أوميكرون واسع النطاق قلق الحكومات باعتباره عبئا على النمو ومحركا للتضخم، وإن كان الاقتصاد العالمي تأقلم على التعايش مع الأزمة الصحية مع اقتراب دخول جائحة كورونا عامها الثالث.

وحتى الآن يبدو حجم الأضرار الاقتصادية التي تسبب بها المتحور غير واضح، ولكن النمو يمكن أن يعاني ما دامت القيود وتفشي أوميكرون يؤثران على عمل المؤسسات.

وحذّر صندوق النقد الدولي منذ بداية ديسمبر الماضي من أنه قد يراجع توقعاته للنمو العالمي بنهاية الشهر الجاري والتي كان يتوقع أن تبلغ 4.9 في المئة نزولا من نحو 5.9 في المئة بنهاية العام الماضي.

ولاحظ كبير الاقتصاديين في وكالة موديز مارك زاندي أن أوميكرون “تسبب أساسا بأضرار” في الولايات المتحدة، متوقعا نموا بنسبة 2.2 في المئة في الربع الأول من العام مقابل 5.2 في المئة قبل تفشي المتحور الجديد.

استنزاف القنوات العالمية للتموين أدى إلى شح المواد الأولية، ويمكن أن يؤدي الارتفاع في الطلب إلى ارتفاع الأسعار

لكنه توقع في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية تبدد هذه الاضطرابات في الربع الثاني من العام.

وفي منطقة اليورو رأى كبير اقتصاديي أوروبا في مركز كابيتال إيكونوميكس للأبحاث أندرو كينيغهام أن “أوميكرون لن يؤدي إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول”، مع توقع انتعاش في فبراير.

واختصر الوضع بقوله إن “كل موجة تحدث أضرارا أقل على النظام الصحي والاقتصادي مقارنة بالتي سبقتها”.

في المقابل ثمة غموض أكبر بالنسبة إلى الدول الناشئة التي لم تلقح سكانها بنسبة كبيرة، وكذلك الصين التي تفرض حجراً محلياً مشدّداً تنفيذا لاستراتيجيتها “صفر كوفيد”.

وألغيت الآلاف من الرحلات الجوية خلال الأعياد ومثلها رحلات سياحية بحرية في حين أنّ حجوزات الفنادق ضعيفة، فأوميكرون يعيق الانطلاقة المرجوة لقطاع السفر الذي عانى كثيراً من الموجات السابقة.

ويخشى المتخصصون في قطاع الترفيه من أن يسبّب ازدياد أعداد المصابين في كبح حماسة عملاء الكازينو أو المسرح أو السينما.

ولكن في بورصات العالم تُحقق هذه القطاعات أرباحاً منذ بضعة أسابيع. ويقول المحلل في مؤسسة الاستثمارات أي.جي فرنسا ألكسندر باراديز “يبدو أن السوق مشرّعة على ما بعد أوميكرون”.

ومنذ العشرين من ديسمبر الماضي ارتفعت أسهم شركة السفن السياحية كارنيفال بأكثر من 20 في المئة، وتلك التابعة لإير فرانس بحوالي 15 في المئة، والشركة المصنعة للآلات وأدوات ورش البناء كاتربيلار إلى ما يقارب 25 في المئة.

وهذه الأسهم التي تتأثر بشكل كبير بالظروف تستفيد من توقعات عودة وشيكة للاقتصاد إلى حالته المعتادة.

وقبل ظهور المتحور أوميكرون بلغ التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا أعلى مستوياته منذ عدة عقود. ويمكن أن تزداد وتيرته، ففي منطقة اليورو وبحسب مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات) فقد بلغت نسبة التضخم في ديسمبر 2021 أعلى مستوى منذ 25 عاماً، مسجلة 5 في المئة خلال عام.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لدى الاتحاد الأميركي للتجار جاك كلينهنز إن “الأشخاص الذين يبقون في المنازل بسبب المتحور الجديد يصرفون أموالهم على مواد استهلاكية بدل صرفها على خدمات مثل المطاعم أو الترفيه”.

صندوق النقد الدولي يحذر من أنه قد يراجع توقعاته للنمو العالمي بنهاية الشهر الجاري والتي كان يتوقع أن تبلغ 4.9 في المئة نزولا من نحو 5.9 في المئة بنهاية العام الماضي

وأدى استنزاف القنوات العالمية للتموين إلى شح في المواد والمواد الأولية، ويمكن أن يؤدي الارتفاع في الطلب إلى ارتفاع الأسعار.

ويخشى الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) هذا السيناريو ويعتزم طرح جدوله الخاص لرفع الفوائد بحسب تقرير صادر عن اجتماعه الأخير.

إلى ذلك تخسر العائلات البرازيلية أو النيجيرية من قدرتها الشرائية بسبب التضخم، كما أن الاقتصاد البريطاني على حافة الانكماش بحسب غرف التجارة البريطانية.

وتبدو برامج المساعدات الكبيرة للمؤسسات في ربيع 2020 التي زادت الدين العالمي الى 226 ألف مليار دولار العام الفائت بحسب صندوق النقد الدولي، قصة قديمة.

ويرى الباحث في مؤسسة بروكسلوى برويغيل نيكلاس بواتيي أنّ “اللجوء إلى إجراءات مثل البطالة الجزئية كان منطقيا في فترة كان يسودها قلق تام، حين كانت الصناعة متوقفة”، في إشارة إلى إجراءات الحجر الأولى.

لكن العالم اعتاد على التعايش مع الجائحة ويتم الآن الحديث عن اتخاذ إجراءات مساعدة هيكلية أكثر مثل بيلد باك بيتير التي تضع خططا اجتماعية وبيئية في الولايات المتحدة أو نكست جينيريشن أوروبا، وهو برنامج التطور البيئي والرقمي للاتحاد الأوروبي.

ويتم حالياً منح مساعدات هادفة للقطاعات الأكثر تضرراً على غرار البرامج الفرنسية أو البريطانية التي تستهدف قطاعات السياحة والفنادق والمطاعم.

10