دعم روسي وصيني مقابل انتقادات غربية للتصعيد في ألماتي

انقسمت ردود الفعل الدولية بشأن قرار السلطات في كازاخستان مواجهة المحتجين بحدّ أكبر من القوة دون تحذير. وفيما انضمت الصين إلى الموقف الروسي الداعم للرئيس قاسم جومارت توكاييف وإجراءاته، حثت فرنسا وألمانيا والمفوضية الأوروبية على وقف العنف ضد المحتجين.
نورسلطان - قاد قرار الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف إطلاق النار دون تحذير مسبق للمحتجين، إلى تصعيد الأوضاع في البلاد، وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية، وخاصة من الدول الغربية التي تعمل على تحويل كازاخستان إلى أوكرانيا ثانية واستعمالها كورقة ضغط بوجه روسيا.
وفي تطور سريع للأحداث، أصدر الرئيس توكاييف، أمرا لقوات الأمن وللجيش بفتح النار بشكل مباشر، دون تحذير على المتظاهرين، واصفا إياهم بالمجرمين والقتلة، ومغلقا الباب أمام أي دعوات دولية للحوار.
وتساءل توكاييف “يا له من غباء! أي نوع من المفاوضات يمكن أن تكون مع مجرمين وقتلة؟”.
وقال إن “إجمالي عشرين ألفا من قطاع الطرق هاجموا مدينة ألماتي”، أكبر مدينة في البلاد، حيث تتسع دائرة الاحتجاجات، مضيفا أن “الإرهابيين كان يتم توجيههم من الخارج”، إلا أنه لم يدل بالمزيد من التفاصيل.

وانغ وينبين: الصين تؤيّد جهود كازاخستان لإنهاء الفوضى
ويقول مراقبون إن تصعيد الموقف الرسمي ضد المحتجين يعود بالأساس إلى الدعم غير المشروط، الذي وجده الرئيس توكاييف من روسيا وبقية دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي لمساعدته على استعادة النظام.
وإضافة إلى روسيا وكازاخستان، تضم المنظمة أرمينيا وبيلاروس وقرغيزستان وطاجيكستان، وثمة تقارير بأن هذه الدول بصدد إرسال قوات إلى كازاخستان.
ويشير المراقبون إلى أن التدخل الروسي لا يفسر فقط بمساعدة الرئيس توكاييف على ضمان البقاء في السلطة ومنع المحتجين المدعومين من جهات خارجية، وأن موسكو تنظر إلى الاستقرار في كازاخستان كضمانة لأمنها القومي، كما أنها توجه من خلال رسائل إلى الدول الغربية بأنها قوية ولن تقبل بأنظمة موالية للغرب.
وانضمت الصين إلى الموقف الروسي الداعم للرئيس توكاييف في مواجهة الاحتجاجات. وأعربت بكين عن دعمها للتدخل العسكري، بقيادة روسيا في كازاخستان، بهدف إنهاء المظاهرات المناهضة للحكومة.
وأشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ الجمعة بالحملة الأمنية للحكومة الكازاخستانية ضد المتظاهرين، معتبرا أنها تنم عن الحس “العالي بالمسؤولية” الذي يتمتّع به الرئيس توكاييف.
وقال شي في رسالة إلى توكاييف، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية “اتّخذتم بشكل حاسم إجراءات قوية في لحظات حاسمة وسارعتم إلى تهدئة الوضع، ما عكس موقعكم كجهة مسؤولة والشعور بالواجب كسياسي، والحس العالي بالمسؤولية الذي تتحلون به حيال بلدكم وشعبكم”.
وقبل ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وينبين للصحافيين في بكين الجمعة “تؤيد الصين جميع الجهود، التي تساعد سلطات كازاخستان على إنهاء الفوضى، في أقرب وقت ممكن”، مضيفا أن “الصين عارضت بقوة القوى الخارجية، التي تتسبب بشكل متعمد في اضطرابات اجتماعية للتحريض على العنف”.
وفي مقابل الدعم الروسي والصيني، تصاعدت ردود الفعل الغربية الرافضة للجوء إلى العنف في مواجهة المحتجين، حيث حذرت المفوضية الأوروبية من تدهور الأمور أكثر في البلاد.
ودعت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف العنف، الذي يجتاح البلاد الواقعة وسط آسيا.
وأضافت فون دير لايين من باريس أن “حقوق المواطنين والأمن أمران أساسيان يجب ضمانهما”. وتابعت قائلة “أدعو إلى وضع حدّ للعنف وضبط النفس”، مشيرة إلى استعداد الاتحاد الأوروبي للمساعدة حيث أمكن.
وأعرب ماكرون الذي كان واقفا إلى جانبها في المؤتمر الصحافي عن موافقته الكاملة على تلك الدعوات والتصريحات.
وبالموازاة مع ذلك، حثّت ألمانيا على خفض التصعيد في كازاخستان. وقالت الناطقة باسم الحكومة الألمانية كريستان هوفمان إن “العنف لم يكن يوما الرد المناسب”، مضيفة أن برلين “تدعو جميع الأطراف إلى خفض التصعيد والتوصل إلى حلّ سلمي للوضع”.
وفضلا عن الرفض الدولي، تصاعدت أصوات المعارضة في كازاخستان، ورفضت التدخل الروسي في البلاد، واصفة إياه بـ”الاحتلال”.
واعتبر مختار أبليازوف، معارض كازاخستاني بارز مقيم في فرنسا، أن “النظام الذي حكم كازاخستان منذ سقوط الاتحاد السوفييتي شارف على نهايته في ثورة شعبية اتحد فيها الناس للمرة الأولى للتعبير عن غضبهم”.

مختار أبليازوف: أعتقد أن النظام يقترب من نهايته إنها مسألة وقت
وأبليازوف هو وزير سابق للطاقة ورئيس مجلس إدارة بنك مطلوب في كازاخستان في عدد من الاتهامات، ورأى أن “تدخلا عسكريا بقيادة روسية يشكل احتلالا”، كما حض الكازاخستانيين على الوقوف في وجه القوات الأجنبية.
وقال في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية في باريس “أعتقد أن النظام يقترب من نهايته، إنها مجرد مسألة وقت”.
ويترأس أبليازوف حزب الخيار الديمقراطي لكازاخستان، وقد عبر بصوت عال عن تأييده للاحتجاجات وذلك على مواقعه على منصات التواصل الاجتماعي، وأضاف “في غضون ثلاثة أيام بالضبط اندلعت ثورة وهي ثورة حقا في وجدان الناس وقد أدرك الناس أنهم ليسوا ضعفاء”.
وأعلنت وزارة الداخلية في كازاخستان الجمعة عن مقتل ستّة وعشرين محتجا خلال المظاهرات المناهضة للحكومة.
والأحد الماضي، اندلعت احتجاجات في كازاخستان على زيادة أسعار الغاز، تخللها سقوط ضحايا وأعمال نهب وشغب في مدينة ألماتي.
وأعلنت الحكومة استقالتها الأربعاء على خلفية الاحتجاجات، تلاها فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بهدف حفظ الأمن العام، وفق إعلام محلي.
وذكرت وكالة “سبوتنيك كازاخستان” أن “السلطات فرضت الطوارئ بسبب تدهور الأوضاع واتساع نطاق الاحتجاجات في ألماتي لتشمل مدنا أخرى”.
واحتج سكان مدينتي جاناوزين وأكتاو في منطقة مانغيستاو وهي منطقة منتجة للنفط في غرب كازاخستان على زيادة مضاعفة في أسعار الغاز.