سلطان عمان يضاعف المخصصات المالية للمحافظات لتسريع جهود إرساء اللامركزية

السلطان هيثم بن طارق يرفع المبالغ المخصصة لبرنامج تنمية المحافظات من 10 ملايين ريال إلى 20 مليون ريال لكل محافظة.
الأربعاء 2022/01/05
إصرار على تحقيق نقلة نوعية داخل السلطنة

مسقط - يولي سلطان عمان هيثم بن طارق اهتماما خاصا بالنهوض تنمويا بالمحافظات باعتبارها السبيل الأمثل للوصول إلى لامركزية حقيقية تضع البلاد على سكة التحديث الاقتصادي والإداري، ضمن رؤية عمان 2040.

وأمر السلطان هيثم خلال استقباله الثلاثاء بحصن الشموخ العامر بولاية منح، شيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى، بزيادة المخصصات المالية لبرنامج تنمية المحافظات.

وكان اللقاء يهدف إلى وقوف السلطان هيثم على احتياجات المحافظتين من المشاريع الأساسية والخدمات التنموية، والاستماع عن قرب إلى مطالب مواطنيهما ومشاغلهم، وتذليل كافة الصعوبات التي تعترض مسيرة التنمية الشاملة.

ووجه سلطان عمان برفع المبالغ المخصّصة لبرنامج تنمية المحافظات من عشرة ملايين ريال عُماني إلى عشرين مليون ريال عماني لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية الحالية (2021 – 2025) ابتداء من العام الجاري.

وكلف المحافظين بتقديم خطة تنفيذية سنوية للجهات المعنية حول كيفية استغلال هذه المخصصات، مؤكدا على إيلاء مسؤولية متابعة الجهات الحكومية المختصة بتنفيذ المشاريع ذات البعدين الاجتماعي والخدمي للمحافظين.

وتأتي هذه التوجيهات خدمة لمشروع ريادي يمنح محافظات عُمان قدرا مهما من الاستقلالية وفق المرسوم السُّلطاني الصادر في العام ألفين وعشرين والذي نص على نظام جديد للمحافظات والشؤون البلدية؛ ويستهدف الوصول بالبلاد إلى نظام لامركزي مرن يجعل من المحافظات مشاركا فاعلا في الدورة الاقتصادية ويعزز القدرة التنافسية.

 

رؤية 2040 تضمنت في أحد بنودها الرئيسية تحقيق تنمية شاملة جغرافيا تتبع نهجا لامركزيا، وتسمح باستخدام مستدام للأراضي وتنمية متوازنة وعادلة

وكان المرسوم السلطاني نص في عدد من مواده وبينها المادة الرابعة على أنه “تتمتع المحافظة بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، وتكون لها أهلية تملك الأموال الثابتة والمنقولة، وإدارتها، والتصرف فيها”.

ولطالما شكلت اللامركزية الإدارية والمالية أحد أبرز مطالب القوى الحية في السلطنة، لما لها من انعكاسات إيجابية لعل أهمها تخفيف وطأة البيروقراطية، ووضع جميع المحافظات في قلب عملية تنموية شاملة، وإنهاء حالة التمايز والتفاوت بين المناطق، وتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في صنع القرار.

وقد حرص السلطان هيثم على السير قدما في مشروع اللامركزية واتخذ منه أحد أبرز رهانات “رؤية عمان 2040″، التي تستهدف العبور بالسلطنة من التحديات الداخلية التي تواجهها، ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية، واستثمار الفرص المتاحة وتوليد الجديد منها، من أجل تعزيز التنافسية الاقتصادية، والرفاه الاجتماعي، وتحفيز نمو الثقة في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في كافة محافظات السلطنة.

وتضمنت رؤية 2040 في أحد بنودها الرئيسية تحقيق تنمية شاملة جغرافيا تتبع نهجا لامركزيا وتطور عدد محدود من المراكز الحضرية الرئيسية، وتسمح باستخدام مستدام للأراضي وتنمية متوازنة وعادلة تعزز الميزة النسبية والتنافسية للمحافظات وتطور مجتمعات ممكنة تسهم في صياغة أولوياتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وتعمل ضمن إطار اللامركزية الإدارية والاقتصادية ونظام تسلسل هرمي للتجمعات السكانية فعال يوجه التنمية الحضرية المستدامة لاستيعاب النمو السكاني المتنامي ويوفر الخدمات والمرافق الأساسية.

ويرى متابعون للشأن العماني أن التوجيهات الصادرة عن السلطان هيثم بمضاعفة مخصصات البرنامج التنموي للمحافظات وتكليف المحافظين بإدارتها والتصرف بها، هي خطوة عملية تقطع مع الضبابية التي رافقت التساؤلات بشأن كيفية إنزال مشروع اللامركزية على أرض الواقع.

وخلال اللقاء مع شيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى شدد السلطان هيثم على أهمية قيام جمعيات المرأة العمانية، ومراكز التأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة الحكومية منها والأهلية في جميع محافظات سلطنة عمان بأدوارها الفاعلة والمهمة، وأمر بتقديم الدعم المالي المناسب لهذه الجمعيات والمراكز والاهتمام بها وتطويرها.

ويشير المتابعون إلى أن سلطان عمان ومنذ جلوسه على العرش في يناير 2020 أظهر إصرارا على تحقيق نقلة نوعية داخل السلطنة تقوم بالأساس على خلق ديناميكية اقتصادية وإدارية، تقطع مع حالة الترهل السائدة وتجعل من محافظات عمان ومجتمعاتها المحلية شريكا فاعلا في عملية النهضة الشاملة.

3