التحديث السياسي في الأردن يخدم الإسلاميين على حساب العشائر

عمان - قالت دوائر أردنية إن تصويت كتلة الإصلاح في البرلمان، الواجهة السياسية للإخوان المسلمين، لفائدة التعديلات الدستورية الممهدة لتركيز حكومات برلمانية في المملكة وعدم تسجيل اعتراض من نوابها الستة عشر يعكس أنهم أهم المستفيدين من التحديث السياسي على حساب المكون العشائري الوازن اجتماعيا.
وصوت البرلمان الأردني الثلاثاء بأغلبية ساحقة على توسيع صلاحيات الهيئة المشرفة على الانتخابات لتشمل كذلك مراقبة الأحزاب السياسية ومدى التزامها بالقوانين، إضافة إلى تعديلات طالت شروط تعيين الأعيان في مجلس الأعيان المرتقب.
ولاحظ المراقبون عدم وجود بلبلة من قبل الإسلاميين على التعديلات الدستورية واندفاعهم في التصويت لفائدتها، ما يشير إلى أنها تخدم أجنداتهم ومساعيهم لإعادة التموقع في الحياة السياسية حتى بالحد الأدنى.
وتراهن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في الأردن على جناحها السياسي، حزب جبهة العمل الإسلامي، لتحقيق اختراق قد تعبده مشاركة الحزب في اللجنة الملكية لتحديث الحياة السياسية من أجل العودة إلى الواجهة.
وتنشد جماعة الإخوان أن تأتي الإصلاحات التي يجري بحثها بما يتماشى مع مساعيها لتهيئة المناخ لحكومات برلمانية، وهو طلب لطالما تمسكت به الجماعة باعتباره السبيل الوحيد بالنسبة إليها للمشاركة في سلطة القرار.
وكانت الجماعة، ممثلة في التحالف الوطني للإصلاح، نجحت في حصد ستة مقاعد فقط في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في العاشر من نوفمبر الماضي، بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية السابقة (16 مقعدا).

ولم تستطع الجماعة تشكيل تحالفات، وهو ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس النيابي الحالي الذي يشترط تمثيل 10 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس، وآلت معظم اللجان إلى النواب الجدد الذين بلغ عددهم 98 من أصل 130 نائبا.
ومنيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة جديدة، حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أي من اللجان النيابية الخمس عشرة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.
ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان سيجعلها على الهامش في المجلس، ولن تكون لها القدرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.
ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغيّر، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أي تأثير نيابي، فضلا عن قرارات قضائية تلاحق الجماعة مطالبة بحلها.
وانتقد وزير الإعلام الأردني الأسبق طاهر العدوان تكريس اللجنة الملكية للتحديث السياسي مبدأ المحاصصة في قوانين الانتخاب، مشيرا إلى أن ذلك يخدم الإسلاميين الذين يحاولون إعادة التموقع داخل الخارطة السياسية في المملكة.
وقال العدوان في منشور عبر فيسبوك "الإسلاميون يلعبون دور المشاركة والقبول بالحدّ الأدنى من مقاعد النواب، لأنه لا همّ لهم إلا الحفاظ على وجودهم أمام موجة الإلغاء والإقصاء السائدة ضدهم في النظام العربي".
ويرى محللون أن منظومة التحديث السياسي همشت المكون العشائري ذي الثقل الاجتماعي الوازن.
ومنحت لجنة التحديث السياسي على سبيل المثال الأحزاب حصة كبيرة في البرلمان يقول منتقدون إنها لا تعادل وزنها الحقيقي، بينما استهدفت المكون العشائري في المملكة.
ويتوقع مراقبون أن يبرز مجددا مصطلح "قوى الشد العكسي" التي تمثل في العرف السياسي الأردني التيار المحافظ الذي يسعى للحفاظ على الوضع الراهن، ويكرس الواقع شبه الريعي للدولة، والذي يساعد هذه القوى على احتكار السلطة والمال.
ويرى هؤلاء أن هذه القوى ستسعى لإعاقة الدورة الدستورية لهذه المخرجات، وتوظف حالة اليأس العام والعزوف الشعبي؛ لإضعاف الحالة السياسية بشكل متزايد، ووضع العصي في دواليب الإصلاح والتغيير.
ويقول المحلل السياسي رامي عياصرة "تبقى الشكوك قائمة في تحقيق تحديث المنظومة السياسية الذي تنشده اللجنة الملكية؛ طالما لم ترافق مخرجاتها بيئة سياسية تساعدها على أن تؤتي ثمارها".