شبهة إرهاب وشهادات جنسية مزورة وراء توقيف نائب رئيس النهضة

وزير الداخلية التونسي يؤكد مقاضاة النائب المجمد سمير ديلو أمام القضاء العسكري بعد أن حرض الأمنيين على العصيان.
الثلاثاء 2022/01/04
وزير الداخلية التونسي: اعتقال البحيري بعد أنباء عن تحركات غريبة

تونس - أماط وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين مساء الاثنين اللثام عن ملف توقيف نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية نورالدين البحيري ووضعه تحت الإقامة الجبرية، بعد أن تعلقت به قضية شبهة إرهاب جدية من خلال إسناد شهادات جنسية وبطاقات هوية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية.

وقال شرف الدين في مؤتمر صحافي "هناك مخاوف من عمليات... تمس بسلامة الوطن"، لذلك "كان لزاما علي أن أتخذ القرار"، مضيفا أنه تواصل مع وزارة العدل في الموضوع لكن "تعطلت الإجراءات... وأنا أعلم أنه ليس هناك داع لتعطلها".

وأوضح الوزير "الأمر يتعلق بتقديم شهادات الجنسية وبطاقات هوية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية لأشخاص لن أصفهم، وسأترك الأبحاث القضائية تطلق عليهم الوصف السليم"، موضحا أن من بين الأشخاص فتاة من أبوين سوريين.

كما برر شرف الدين سرعة اتخاذ قرار وضع البحيري وفتحي البلدي في الإقامة الجبرية بـ"بلوغ خبر الأبحاث إلى علم العديد من الأطراف وانطلاق تحركات غريبة".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أعلن خلال اجتماع مجلس الوزراء في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي بقصر قرطاج، أن "ما يدبر في تونس من مؤامرات، وصل حدود اقتراح بعضهم الاغتيال"، مشيرا إلى أن "هناك مكالمة داخلية تتحدث حتى عن يوم الاغتيال".

والبحيري تم توقيفه الجمعة الماضي بمعية فتحي البلدي الذي ارتبط اسمه بقضيتي اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وبما عُرف بالجهاز السري لحركة النهضة، ووضعهما في الإقامة الجبرية، كخطوة احترازية يخولها قانون السادس والعشرين من يناير 1978.

ونقل البحيري الأحد إلى المستشفى في محافظة بنزرت في شمال البلاد، بعد تعكر حالته الصحية جراء امتناعه عن تناول الطعام والدواء منذ توقيفه.

واشتغلت ماكينة حركة النهضة منذ توقيف البحيري واصفة القرار الحكومي بـ"الاختطاف"، وروجت الأكاذيب بشأن الوضع الصحي للبحيري، في محاولة لتأليب الرأي العام  الداخلي والخارجي بشأن الحقوق والحريات في تونس.

وفنّد عميد المحامين إبراهيم بودربالة مزاعم زوجة البحيري سعيدة العكرمي حول وضع نائب رئيس حركة النهضة في مكان مجهول تحت الإقامة الجبرية، وأكد أنه أعلم زوجة البحيري بمكان وجوده، مشيرا إلى أن ظروف احتجازه تستوفي الشروط.

وقام وفد من الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، وهي هيئة مستقلة تابعة للدولة، ومن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتونس، بزيارة إلى البحيري في المستشفى بمحافظة بنزرت.

وبيّن شرف الدين في هذا السياق أنه تم توفير "حسن المعاملة" و"اعتباره ضيفا" في المكان الذي أوقف فيه، و"حرصت شخصيا على تمكين زوجته من زيارته وهذا موثّق كتابيا لكنها رفضت الزيارة، رغم تمكينها أيضا من اصطحاب طبيبهم الخاص وعميد المحامين".

كما أن البحيري "رفض" نقله إلى المستشفى العسكري وفضل البقاء في مستشفى بنزرت، حسب الوزير.

وقال مصدر كان ضمن الوفد إن البحيري "ليس في حالة حرجة... إنه حيّ وواع وتم إيواؤه في غرفة بمفرده في قسم أمراض القلب بالمستشفى... يرفض منذ الجمعة الغذاء والدواء، ولذلك تم نقله إلى المستشفى وهو تحت المراقبة".

وأكد شرف الدين أن قرار الإقامة الجبرية قرار إداري، ومن يؤمن بدولة القانون والمؤسسات يختار السبيل القانوني، والطعن فيه يكون قضائيا لا أن تجنح أطراف من المفروض أن تكون قدوة لشباب تونس في انتهاج النهج القانوني والحضاري في رد الفعل، إلى المغالطات والمزايدات ومحاولة جر المؤسسة الأمنية إلى التجاذبات السياسية ومحاولة استفزاز الأمنيين، وبلغ الأمر حد ارتكاب جرائم التحريض على العصيان.

وأضاف وزير الداخلية أن أحد الأطراف الذي ينتمي إلى مؤسسة حقوقية وتقلّد منصبا مهما في هذا المجال تجرأ على مؤسسة وزارة الداخلية، مبينا أن "الفصل الـ13 من مجلة الإجراءات الجزائية ينص صراحة على إجبارية بحث مأمورية الضابطة العدلية على كل جريمة وتحرير محضر في ذلك وإبلاغ وكيل الجمهورية". وذلك في إشارة إلى النائب المجمد سمير ديلو الذي اشتبك مع القوات الأمنية بمركز الحرس بمنزل جميل بمحافظة بنزرت.

وأوضح شرف الدين أنه شخصيا لن يتتبعه لأنه يؤمن بالتسامح، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بهيبة الدولة والحق العام فإن الأمر يتجاوزه. 

وتابع شرف الدين أن "البعض بلغ به الأمر إلى تحريض الأمنيين مباشرة على العصيان، وهو أمر على قدر كبير من الخطورة". 

 وكشف الوزير أنه سيتم رفع موضوع تحريض الأمنيين على العصيان إلى النيابة العمومية، مؤكدا أنه لم يختر اللجوء إلى القضاء العسكري إلا أن النص القانوني يلزمهم بذلك.