لماذا تتكتم حركة النهضة على توقيف فتحي البلدي

وزير الداخلية التونسي: قضية نور الدين البحيري وفتحي البلدي ستحال إلى القضاء العسكري.
الثلاثاء 2022/01/04
ضجة كبرى حول البحيري وصمت تام عن البلدي

تونس – تجنبت حركة النهضة بشكل كامل الحديث عن الشخص الثاني الذي اعتقل مع نورالدين البحيري نائب رئيس الحركة، وهو فتحي البلدي، في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية توفيق شرف الدين أن قضية البحيري والبلدي سيتم النظر فيها من قبل القضاء العسكري لأنها تمس أمن الدولة والتحريض على أفراد في قوى الأمن.

وتساءلت أوساط سياسية تونسية عن سر صمت النهضة عن اعتقال شخصية بارزة فيها مثل البلدي الذي ارتبط اسمه بالتحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية بشأن الجهاز السري، سواء أثناء ممارسته عمله مستشارا لوزير الداخلية علي العريض في حكومة الترويكا أو بعد استبعاده من المنصب.

ولم تستبعد الأوساط التونسية أن يكون هذا الصمت مقصودا من حركة النهضة بهدف منع الاهتمام بشخصية الرجل ومهامه والأدوار التي قام بها، وهو ما قد يعيد الجدل مجددا إلى الواجهة بشأن الجهاز السري واتهام الحركة باختراق المؤسسة الأمنية، وهو اتهام ظل يُطرح بشدة خلال السنوات الماضية بالرغم من النفي المستمر الذي يصدر عن الحركة والمتحدثين باسمها.

ولاحظت هذه الأوساط أنه في الوقت الذي تتحرك فيه النهضة بقوة لمتابعة وضع البحيري وتأليف قصص وحكايات حول طريقة اعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، كخطوة احترازية يخولها قانون السادس والعشرين من يناير 1978، أغفلت الحركة الحديث عن البلدي ولم تشر إليه في بياناتها، كما لم تكلف محاميا بمتابعة وضعيته والاستفسار عن التهم الموجهة إليه.

ما سر صمت النهضة عن اعتقال شخصية بارزة فيها ارتبط اسمها بالتحقيقات حول الجهاز السري

وأشار نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن عائلة البلدي لا تعرف أي أخبار عنه، وأنها مستاءة من طريقة تعاطي النهضة مع هذا الملف، وما تحمله من تناقض وتمييز بين العاملين في صفوفها.

ورافق البلدي أغلب وزراء الداخلية إلى حدود الحكومة السابقة، وقد شمله قرار الإحالة على التقاعد الوجوبي الذي صدر في الشهر الماضي وشمل أيضا المديرين العامين السابقين للمصالح المختصة محرز الزواري والأزهر اللونقو.

وأهمل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في الرسالة التي وجهها الأحد إلى الرئيس التونسي قيس سعيد مجرد ذكر البلدي، وركز فقط على البحيري حاثّا على “الكشف عن مصيره وطمأنة أهله والرأي العام حول سلامته”، ودعا إلى “تمكين فريق طبي وحقوقي من زيارته والاطّلاع على وضعه، والتعجيل بإطلاق سراحه”.

ويقول مراقبون إن حركة النهضة وجدت في موضوع البحيري والاستعراض الإعلامي الذي أحدثه عدد من المحامين، وخاصة زوجته المحامية سعيدة العكرمي، حول طريقة اعتقاله فرصة للاستثمار في ذلك من أجل العودة إلى الواجهة السياسية بعد أن انكفأت الحركة على نفسها إثر إجراءات الخامس والعشرين من يوليو وتجميد البرلمان واتهامها من قِبَل طيف سياسي واسع بالمسؤولية عما وصلت إليه البلاد.

ومنذ الساعات الأولى من اعتقال البحيري يوم الجمعة تحركت الماكينة الدعائية للنهضة من أجل الترويج لكون نائب رئيس الحركة مهددا بالموت بسبب امتناعه عن تناول الطعام والدواء، في خطوة وصفها المراقبون بالمسرحية التي تهدف إلى تجميع الأنصار واستعادة المستقيلين وحشدهم للعودة بقوة وتنظيم حملة ضد الرئيس سعيد بعد أن فشلت محاولات سابقة لإعادة توحيد الحركة.

Thumbnail

ومساء الأحد قال القيادي في النهضة رياض الشعيبي إنه جرى نقل البحيري إلى المستشفى، وهو في “حالة خطرة جدا” و”يواجه الموت”، مضيفا أنه “منذ ثلاثة أيام دون طعام وماء ودواء”.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر ضمن الوفد الذي زار نائب رئيس حركة النهضة قوله إن البحيري “ليس في حالة حرجة (…) إنه حيّ وواع وتم إيواؤه في غرفة بمفرده في قسم أمراض القلب” بمستشفى في محافظة بنزرت.

وزير الداخلية: البحيري متورط في قضايا تمس أمن الدولة 

وفيما قادت النهضة حملات مختلفة لاستثمار حادثة اعتقال البحيري لازمت وزارة الداخلية الصمت ولم تصدر أي رد على مزاعم حركة النهضة، واكتفت ببيان مساء الجمعة قالت فيه إنها أمرت بوضع شخصين في الإقامة الجبرية، وبررت الإجراء بأنه جاء “حفاظا على الأمن والنّظام العامّين”.

ورد وزير الداخلية على حملات النهضة، بالتأكيد على أن قرار الإقامة الجبرية استند إلى أسس قانونية وبناء على شبهات جدية، وأن القرار صدر لوجود شبهة إرهاب، مضيفا أن الأمر بالنسبة إلى البحيري يتعلق بتقديم جوازات سفر لأشخاص بطريقة غير قانونية.

وأعلنت وزارة الداخلية مساء الجمعة أنها أمرت بوضع شخصين في الإقامة الجبرية، وبررت الإجراء بأنه جاء “حفاظا على الأمن والنّظام العامّين”. وجاء إخضاع البحيري للإقامة الجبرية في سياق الحديث عن مخططات إرهابية لضرب الاستقرار في البلاد، ولاسيما بعد أن حثّ الرئيس سعيّد على الانتباه إلى “ما يُدبّر من بعض الخونة، الذين باعوا ضمائرهم للمخابرات الأجنبية”.

ويقول مراقبون إن اعتقال البحيري يأتي في إطار محاولة قيس سعيد محاصرة التغلغل الإخواني في قطاع القضاء، على غرار ما حدث في المؤسسة الأمنية، لافتين إلى أن هذه خطوة أولى على هذه الطريق التي ستكون شاقة بسبب تشعباتها.

وفي أوائل ديسمبر الماضي أعلن الرئيس التونسي عزمه الإعلان عن إجراءات جديدة في غضون أيام. وأكد قيس سعيّد في لقاء جمعه بممثلين عن القضاة أنه يستعد للإعلان قريبا عن مراحل جديدة حتى “تستعيد الدولة والقضاء عافيتهما”، معبرا عن غضبه من التأخير في حسم القضايا ومتهما بعض القضاة بالفساد.

1