زيادات غير متوقعة في أسعار الطاقة تثير غضب الشارع التركي

دشنت الحكومة التركية العام الجديد بفرض زيادات كبيرة في أسعار الطاقة ما أفرز استياء وانزعاجا لدى الأتراك خاصة في ظل الأوضاع التي يعانيها هؤلاء جراء التدهور الاقتصادي، الذي نتج عن انهيار الليرة المستمر خلال العام الماضي والانتكاسات التي تواجهها الخطط لإنقاذ العملة.
إسطنبول - أصيب الأتراك بالاستياء والانزعاج بسبب زيادات كبيرة في أسعار الطاقة أقرتها الحكومة وتم البدء في العمل بها مطلع العام الجاري، وسط تدهور اقتصادي مستمر ما وسع من دائرة المعارضة للسلطات.
وتم الإعلان عن ارتفاع الأسعار بما يشمل الوقود ورسوم عبور الجسور وقيمة التأمين على السيارات قبل بدء العام الجديد بدقائق.
وأعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة ارتفاع أسعار الكهرباء للمنازل بنسبة 50 في المئة وبنسبة 125 في المئة للاستخدام التجاري في عام 2022، مشيرة إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميا.
وارتفع سعر الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المئة للمنازل و50 في المئة للاستخدام في المصانع في يناير، وفقا لإعلان شركة توزيع الغاز الوطنية.
ويكافح المستهلكون الأتراك بالفعل جراء انخفاض القدرة الشرائية حيث ارتفع التضخم بأكثر من 21 في المئة، كما انخفضت قيمة الليرة إثر تخفيضات هائلة لأسعار الفائدة.
وارتفعت أسعار التجزئة في إسطنبول بنحو 35 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أعلى معدل يتم تسجيله في السنوات القليلة الماضية، حسبما ذكرت الغرفة التجارية في إسطنبول السبت.
ومن المتوقع أن تؤدي الزيادة الأخيرة في الأسعار إلى ارتفاع معدل التضخم بنسبة كبيرة.
ومن المتوقع أن تفاقم هذه الزيادات حالة الغضب التي يواجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سواء من الشارع أو المعارضة التي لطالما دعت إلى تنظيم انتخابات مبكرة لتجاوز الأزمة الحالية التي تواجهها البلاد.
وكتب كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المعارض البارز عبر موقع تويتر الأحد موجها خطابه للرئيس التركي “أردوغان… إنك تفرض زيادات كبيرة على الشعب لدى دخول العام الجديد”.
واتهم محافظ البنك المركزي السابق ونائب البرلمان عن حزب الخير عبر تويتر دورموش يلماز الحكومة بالحكم على المواطنين بـ”الفقر المدقع”، وحذر من “مشكلات اجتماعية كبرى”.
وكان عام 2021 هو الأسوأ بالنسبة إلى الليرة التركية، منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل حوالي عقدين، برغم نداء وجهه للأتراك الجمعة داعيا إياهم للوثوق في سياساته غير النمطية لخفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم.
وتراجعت الليرة، وهي الأسوأ أداء وبفارق كبير عن كل الأسواق الناشئة في 2021، وفقدت 44 في المئة من قيمتها مقابل الدولار على مدار العام و19 في المئة في الأسبوع الماضي وحده.
وتسارعت الأزمة في الشهور الأخيرة، وهزت اقتصادا يبلغ حجمه 720 مليار دولار. ويرجع السبب في ذلك إلى حدّ بعيد إلى “البرنامج الاقتصادي الجديد” الذي يطبقه أردوغان ويركز على الصادرات والائتمان رغم انهيار الليرة والتضخم الذي قفز معدله لما فوق 21 في المئة.
ولتخفيف حدة الاضطراب، كشف أردوغان النقاب قبل أسبوعين عن مخطط تحمي بموجبه الدولة الودائع المحلية المحولة من الخسائر أمام العملات الصعبة، مما أدى إلى زيادة حادة بنسبة 50 في المئة في قيمة الليرة بدعم من البنك المركزي.
ودعا أردوغان، الذي تظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبيته في فترة ما قبل انتخابات 2023، الأتراك إلى الاحتفاظ بجميع مدخراتهم بالليرة وتحويل الذهب إلى البنوك، قائلا إن تقلبات السوق باتت تحت السيطرة إلى حدّ كبير.
وأضاف “طالما لا نتخذ عملتنا كأساس فإن مصيرنا الغرق. الليرة التركية، نقودنا، هذا هو ما سنمضي به قدما وليس بهذه العملة الأجنبية أو تلك”.
ومضى قائلا “نخوض حربا لإنقاذ الاقتصاد التركي من دائرة ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم”، مكررا وجهة نظره غير التقليدية التي تفيد بأن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع الأسعار.
وفي رد فعل، تراجعت الليرة إلى مستوى 13.63 الجمعة في خطوة شكلت انتكاسة لخطة الرئيس التركي لإنقاذ الاقتصاد.
وتقلصت مدخرات الأتراك في الشهور الماضية بسبب انخفاض قيمة الليرة وبلوغها أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 18.4 مقابل الدولار في الأسبوع الماضي، لكنها تعافت بعد الإعلان عن البرنامج الحكومي لحماية الودائع المحلية من خسائر انخفاض القيمة مقابل العملات الأجنبية.