الولايات المتحدة تتعقب مبيعات الدرون التركية المسلحة

تزايد مؤخرا الطلب على المسيرات التركية المسلحة بعد أن أثبتت نجاعتها في قلب موازين القوى في العديد من ساحات التوتر على غرار أذربيجان وليبيا وأخيرا إثيوبيا، إلا أن توظيفها من قبل أنقرة وفقا لأجنداتها التوسعية يثير مخاوف قوى دولية من زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.
واشنطن - يعكس توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين على مشروع قانون للدفاع يسمح لحكومة الولايات المتحدة بتتبع وتقييم الآثار المترتبة على الأمن القومي الأميركي في ما يتعلق بتوسّع برنامج الطائرات بدون طيار في تركيا، المخاوف التي حذر منها خبراء عسكريون أميركيون في وقت سابق والذين قالوا إن المسيّرات التركية تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.
ويسمح القانون لوزارة الخارجية الأميركية ووزارة الدفاع (البنتاغون) بالإبلاغ عن صادرات الطائرات بدون طيار التركية منذ عام 2018 وما إذا كانت تلك الطائرات تحتوي على أجزاء أو تكنولوجيا صنعتها شركات أميركية.
كما يطلب مشروع القانون أيضًا من وزارة الخارجية تحديد ما إذا كانت صادرات تركيا تمثل انتهاكًا لقانون مراقبة تصدير الأسلحة.

ويُعزّز مشروع القانون بشكل كبير قدرة الحكومة الأميركية على تتبع وتقييم تداعيات الأمن القومي لانتشار برنامج الطائرات بدون طيار التركي، وكذلك لمنع المزيد من الاستثناءات لتجاوز قانون عام 1992 الذي يحظر المساعدة العسكرية الأميركية للحكومة في أذربيجان.
ويرى خبراء عسكريون أنّ الطائرات بدون طيار التركية يعود إليها الفضل في المساعدة في تأمين انتصار أذربيجان على القوات المدعومة من أرمينيا في ناغورني قرة باغ العام الماضي وقلب المعادلة العسكرية في ليبيا وأخيرا ضمان تفوق عسكري للحكومة الإثيوبية التي تقاتل المتمردين في تيغراي.
ويؤكد مشروع القانون أنّ “مبيعات تركيا من الطائرات بدون طيار خطيرة ومزعزعة للاستقرار وتهدد السلام وحقوق الإنسان”.
وأرسل مجلسا النواب والشيوخ عدّة إشارات إلى أنقرة مفادها أنه لا ينبغي لها أن تأخذ علاقتها التي كانت تتمتع بالامتياز مع صناعة الدفاع الأميركية كأمر مسلّم به.
وفي سبتمبر وأغسطس الماضيين وجّه العشرات من الأعضاء في مجلس النواب الأميركي بقيادة عضو الكونغرس ديفيد سيسلين من رود آيلاند وجوس بيليراكيس من فلوريدا كتاباً إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن “للإعراب عن القلق بشأن برنامج تركيا للطائرات بدون طيار المسلحة، والذي زعزع استقرار مناطق متعددة من العالم بما يهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها”.
ولم تأخذ حكومة أردوغان تلك الإشارات على محمل الجد، حيث قامت بشراء أنظمة الدفاع الجوي إس – 400 الروسية، مما أجبر الكونغرس على طرد تركيا من برنامج إنتاج مقاتلات أف – 35 وفرض عقوبات “كاستا” عليها ذات الصلة بقانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات.
والآن يبدو أن الكونغرس قد وضع برنامج تركيا لتصنيع الطائرات بدون طيار تحت الأنظار، حيث استجوب السيناتور روبرت مينينديز مؤخرا وكيلة وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند بشأن البرنامج في جلسة استماع كاملة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وذلك بينما يطلب أعضاء مجلس النواب من الوزير بلينكن إحاطة متعمقة.
ووفقًا لعضو الكونغرس سيسيلين “لقد منحنا تركيا منذ فترة طويلة إمكانية الوصول إلى أعلى مستويات التكنولوجيا العسكرية. من الضروري أن يتم استخدام التكنولوجيا الأميركية بما يتفق مع المصالح والقيم وتحالفات الولايات المتحدة. لهذا السبب نطلب من الوزير بلينكن التحقيق في ما إذا كان برنامج الطائرات بدون طيار التركي ينتهك القانون الأميركي أو يزعزع استقرار المناطق التي لنا فيها مصالح أمنية وطنية”.
مصادر أقرّت بوجود خلافات بين السلطات الأميركية وتركيا بشأن مبيعاتها من الطائرات المسيرة المسلحة إلى إثيوبيا
وهناك طلب غير مسبوق على الطائرات بدون طيار التركية من دول مثل بولندا وأوكرانيا وأنغولا وإثيوبيا والنيجر ونيجيريا ورواندا، وذلك نظرًا إلى استخدامها الناجع في القتال في السنوات الأخيرة.
وقالت مصادر إن هناك خلافات بين السلطات الأميركية وتركيا بشأن مبيعاتها من الطائرات المسيرة المسلحة إلى إثيوبيا، وأضافت أن هناك أدلة متزايدة على أن الحكومة الإثيوبية استخدمت أسلحة تركية ضد المقاتلين المتمردين.
وقال مسؤول غربي كبير إن لدى واشنطن “مخاوف إنسانية بالغة” بشأن هذه المبيعات التي قد تتعارض مع القيود الأميركية على صادرات الأسلحة إلى أديس أبابا.
وأسفر القتال المستمر منذ أكثر من عام بين قوات الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، والذي يعد أحد أكثر الصراعات دموية في أفريقيا، عن مقتل الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين منهم.
وفي سبتمبر وافق البيت الأبيض على فرض عقوبات على الضالعين، ولو على نحو غير مباشر، في سياسات تهدد الاستقرار وتؤدي إلى تفاقم الأزمة أو تعرقل المساعدات الإنسانية هناك، لكن لا يوجد أي مؤشر حتى الأن على أي تحرك مماثل ضد تركيا.وقيدت وزارة الخارجية الأميركية في مايو صادرات العتاد الدفاعي إلى القوات المسلحة الإثيوبية.
وامتنعت وزارة الخزانة الأميركية عن التعقيب بشأن ما إذا كانت هذه العقوبات ستطبق على تركيا، لكن التوقيع على مشروع الدفاع الجديد سيسرع من اتخاذ مثل هذه الخطوة حسب مراقبين.
وكشفت بيانات جمعية المصدرين أن صادرات الدفاع التركية إلى إثيوبيا بلغت نحو 95 مليون دولار في الأشهر الإحدى عشر الأولى من 2021، مقارنة مع عدم وجود صادرات فعليا في العام الماضي.