بريطانيا تستعجل الانتخابات الليبية وتوضح موقفها من حكومة الدبيبة

طرابلس - أكدت المملكة المتحدة مساء الأحد التزامها بالعملية السياسية الجارية في ليبيا وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عاجلة، مشددة على أنها تدعم مجلس النواب في دعواته إلى تعاون جميع الأطراف في تهيئة الظروف المناسبة للانتخابات في أسرع وقت ممكن.
جاء ذلك في بيان نشرته سفارة المملكة المتحدة بطرابلس عبر حسابها على تويتر، في أعقاب حالة الجدل التي أثارتها رسالة نشرتها قبل يومين، أكدت فيها استمرار اعترافها بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة.
وأضافت بريطانيا في بيان لسفارتها في ليبيا، "نشارك الشعب الليبي خيبة أمله في عدم إمكانية إجراء هذه الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر".
ودعت السلطات المعنية إلى العمل على إجراء هذه الانتخابات بأدنى حد من التأخير، حتى يتمكن الشعب الليبي من اتخاذ خياره في انتخابات نزيهة وشاملة.
وذكّرت السفارة بموقفها الذي جاء ضمن بيان الدول الغربية الخمس، بقولها إن "موقف المملكة المتحدة واضح في أن نقل السلطة من السلطة التنفيذية المؤقتة الحالية إلى السلطة التنفيذية الجديدة يجب أن يتم بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل مبكر وسريع".
وأكدت ضرورة "تجنب تضارب المصالح وتعزيز تكافؤ الفرص"، مطالبة المرشحين الذين يشغلون مناصب في المؤسسات العامة بالاستمرار في عدم شغلها حتى إعلان نتائج الانتخابات، وذلك في إشارة إلى رئيس حكومة تسير الأعمال عبدالحميد الدبيبة والذي عاد إلى عمله منذ أيام.
ونفت دعمها لأفراد بعينهم أو أحد المرشحين، مشيدة بعمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة لإجراء انتخابات تعزز استقلال ليبيا وسيادتها ووحدتها.
وفي وقت سابق، أصدرت بريطانيا بيانا أكدت فيه أنه "وفقا لخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي والاتفاق السياسي الليبيين، ستواصل المملكة المتحدة الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة بقيادة ليبيا إلى الانتخابات ولا تؤيد إنشاء حكومات أو مؤسسات موازية".
وأثار البيان غضبا لدى برلمانيين وسياسيين ومغردين ليبيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين تلك الدول بعدم التدخل في شؤون البلاد، مشددين على أن البرلمان صاحب القرار في خارطة الطريق المقبلة.
واعتبر الليبيون أن بيان السفارة انتهاك للسيادة الليبية، وعرقلة لخارطة الطريق، كما أطلق عدد من الصحافيين والسياسيين والنشطاء هاشتاغ "طرد السفيرة البريطانية من ليبيا".
وشدد بعض النشطاء على ضرورة اتخاذ خطوة جدية تجاه السفيرة، في حين طالب البعض بضرورة التصعيد الشعبي لدفعها إلى الاعتذار.
وعلى المستوى السياسي، قال رئيس لجنة متابعة الانتخابات بمجلس النواب الهادي الصغير إن التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية مرفوضة، مشيرا إلى أن البرلمان سيعقد جلسة الاثنين، وهو من سيحدد موقف الحكومة الحالية وما إذا كان سيستبدلها أم لا، خاصة أن ولايتها انتهت الجمعة الماضية.
وأكد البرلماني الليبي رفض بلاده أي تدخل من سفارات الدول الأجنبية في الشأن الداخلي، لافتا إلى أن بيان السفارة البريطانية يعد تدخلا في الشؤون الليبية.
وأعربت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي عن استنكارها للبيان الصادر عن سفارة المملكة المتحدة لدى ليبيا في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، والذي اعتبرته "تدخلا غير مقبول في الشأن الليبي الداخلي".
وأبدت اللجنة استغرابها من أن يأتي هذا التصريح في سياق تهنئة سفارة بريطانيا للشعب الليبي بذكرى عيد استقلال البلاد، معتبرة أن البيان البريطاني "انتهاك للأعراف الدبلوماسية، وقد تسبب باستياء شعبي في جميع أنحاء البلاد".
وشددت اللجنة على أن "الشعب الليبي، وعبر المؤسسات الرسمية التي تمثله، هو صاحب القرار في شؤون بلاده"، وأضافت أن "اختيار حكومة جديدة أو الإبقاء على الحالية هو خيار لمجلس النواب الليبي، ويجب على الجميع احترام قواعد الحكم الديمقراطي".
وقال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي إن بيان السفارة البريطانية لدى ليبيا بشأن مواصلة الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة إلى حين إجراء الانتخابات، يعكس إرادة وتوجهات السفارة، موضحا أن "البيان شكلي ومجرد مناورة سياسية".
وأضاف العرفي في تصريحات صحافية أن "بريطانيا ليست لاعبا أساسيا في الأزمة الليبية، وأنها ليست من الأطراف المؤثرة في الأزمة الليبية"، مشيرا إلى أن "البيان يعكس توجهات السفارة فقط".
وتأجلت أول انتخابات رئاسية في ليبيا، كان من المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، إلى أجل غير مسمى في اللحظة الأخيرة، فيما اقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على مجلس النواب إجراءها في الرابع والعشرين من يناير 2022، بعد معالجة المعوقات القانونية التي حالت دون إعلان القائمة النهائية للمرشحين.
ويعقد مجلس النواب الليبي الاثنين جلسة لمناقشة التقرير الذي سلمته اللجنة البرلمانية المعنية بالتواصل مع المفوضية العليا للانتخابات، ومجلس القضاء الأعلى حول الصعوبات والتحديات التي أدت إلى عدم إجراء الانتخابات في موعدها.
وقال عضو مجلس النواب سعيد امغيب في وقت سابق، "إن جلسة البرلمان ستناقش التقرير الذي سلمته اللجنة البرلمانية المعنية بالتواصل مع المفوضية العليا للانتخابات، ومجلس القضاء الأعلى حول الصعوبات والتحديات التي أدت إلى عدم إجراء الانتخابات في موعدها".
ولفت البرلماني خلال تصريحات صحافية إلى أن جلسة البرلمان ستناقش كافة الأطروحات سواء بتشكيل حكومة مصغرة أو التمديد لهذه الحكومة لمدة شهر بعد انتهاء ولايتها القانونية في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، مؤكدا أن الخيارات جميعها مطروحة وسنتشاور حول التحرك الذي يناسب المرحلة الحالية.
وتسود حالة من الغضب في الشارع الليبي إثر تأجيل الانتخابات، وعدم نجاح القوى السياسية في التوصل إلى توافق من أجل حلحلة أزمة البلاد، وتوقع الدبلوماسي الليبي السابق سالم الورفلي في تصريحات صحافية أن تزداد الأمور سوءا في الشارع إذا أجلت الانتخابات مرة أخرى.
وشهدت الأيام الماضية خروجا ووقفات وبيانات من نشطاء ومرشحي نواب ورئاسي ومنظمات مجتمع مدني رافضة التأجيل، كما شهد الشرق والغرب الليبي تظاهرات ضد معرقلي الانتخابات، مطالبة بإسقاط كافة الأجسام السياسية القائمة حاليا، على أن يقتصر عمل البرلمان على الإجراءات التشريعية للانتخابات حتى التاريخ الجديد الذي اقترحته المفوضية العليا للانتخابات.