تأجيل حسم نتائج الانتخابات العراقية يعمّق الأزمة السياسية

بغداد - أجلت المحكمة الاتحادية في العراق الحكم في الطعن المقدم من رئيس تحالف الفتح هادي العامري في نتائج الانتخابات البرلمانية إلى السادس والعشرين من الشهر الجاري، في خطوة من شأنها أن تعمّق الأزمة السياسية في البلاد.
وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان إن "المحكمة الاتحادية قررت تأجيل جلسة الطعن في نتائج الانتخابات إلى السادس والعشرين من ديسمبر الحالي"، وأضاف أن "ذلك جاء بعد الاستماع إلى آخر دفوع وطلبات الطرفين المتداعيين".
وفي وقت سابق الأربعاء، بدأت المحكمة الاتحادية العليا جلستها المخصصة للنظر في الطعن المقدم لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وقال العامري خلال مرافعته أمام المحكمة الاتحادية إن هذه الدعوى ليست ضد أي طرف فائز، وإنما ضد الأداء السيء لمفوضية الانتخابات. واعتبر أن إجراءات مفوضية الانتخابات التوافقية حرمت الملايين من العراقيين من التصويت يوم الانتخابات.
ويأتي تأجيل البت في حكم دعاوى الطعن من قبل المحكمة الاتحادية للمرة الثانية، بعد أن أرجأت المحكمة النظر في الطعن لأول مرة في الثالث عشر من ديسمبر الجاري.
ويرى مراقبون أن الغاية الرئيسية من الدعوى ليست إلغاء نتائج الانتخابات، بل تسليط ضغوط على الكتل السياسية الفائزة للذهاب نحو التوافق مرة أخرى، ودرء فكرة حكومة الأغلبية السياسية.
وترى الأمم المتحدة كما التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر أن تأجيل التصديق على النتائج من قبل المحكمة الاتحادية من شأنه أن يطيل عمر الأزمة السياسية. وترفض بعض القوى الخاسرة البحث في مخارج للأزمة قبل قرار المحكمة.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الأزمة السياسية في العراق من شأنه أن ينعكس سلبا على الوضع الأمني الذي يشهد تدهورا في أنحاء عدة بالبلاد، في ظل تواتر العمليات الإرهابية التي ينسبها البعض لخلايا تنظيم الدولة الإسلامية، ويربطها البعض الآخر بالصراع الدائر حاليا.
وكان العامري أعلن في مؤتمر صحافي ببغداد في الرابع من ديسمبر الجاري رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية، مشيرا إلى أنه قدم أدلة على وجود مخالفات فنية وقانونية في عملية الاقتراع.
وأعلنت مفوضية الانتخابات في العراق نهاية الشهر الماضي النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، بعد إعادة فرز الأصوات، نافية وجود أي تزوير.
ويرفع تحالف الفتح، المظلة السياسية للفصائل المسلحة الموالية لإيران، شعار الاعتراض على "تزوير الانتخابات"، بعدما حاز على 17 مقعدا من أصل 329 مقعدا في البرلمان، مقابل 48 مقعدا في البرلمان السابق.
ووفق النتائج الأخيرة التي أعلنتها المفوضية، فإن الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر فازت بـ73 مقعدا من أصل 329، يليها تحالف "تقدم" بـ37 مقعدا، ثم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي برصيد 33 مقعدا، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بـ31 مقعدا.
وبالتزامن مع تأجيل المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021، تواصل القوى السياسية تحركاتها الرامية إلى التوصل إلى تفاهمات ممهدة لتحالفات تشكيل الحكومة.
وتوجه رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى أربيل مترأسا وفدا من "الإطار التنسيقي"، الذي يضم أغلب القوى السياسية والميليشيات الموالية لإيران الخاسرة في الانتخابات.
وقال القيادي في "دولة القانون" كاطع الركابي إن وفد "الإطار التنسيقي" برئاسة المالكي سيجتمع الأربعاء مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في أربيل.
وأوضح الركابي في تصريح صحافي أن الوفد سيجري لقاءات أخرى في إقليم كردستان، أبرزها مع الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر الأحزاب الكردية.
وأشار الركابي إلى أن هذه الزيارة تهدف إلى مناقشة آخر التطورات السياسية وموضوع الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة في العراق.
والأسبوع الماضي زار وفد ممثل للحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة عضو المكتب السياسي للحزب هوشيار زيباري العاصمة بغداد، واجتمع مع قادة الكتل والأطراف السياسية، ومنهم قادة الإطار التنسيقي.
وتأتي الزيارة مع وصول السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي إلى مدينة أربيل ولقائه بقيادات سياسية كردية، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إجراء الانتخابات.
وأفاد بيان لمكتب رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني بأن الأخير استقبل مسجدي وبحث معه عدة ملفات، من ضمنها آخر خطوات العملية السياسية في العراق وجهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وعلاقات أربيل وبغداد واستمرار الحوار من أجل حل المشاكل بينهما، ومخاطر الإرهاب وهجمات واعتداءات داعش الأخيرة.
وبحسب البيان، فقد اتفق الجانبان على "أهمية العمل لحماية أمن واستقرار المنطقة وتعزيز العلاقات بين دول المنطقة على أساس الصداقة والمصالح المشتركة".