بري في ثوب المسيح: مستعد للصعود مشياً على الأقدام إلى قصر بعبدا لإيجاد حل

اختار رئيس حركة أمل الشيعية نبيه بري ارتداء ثوب المسيح في مناكفته للرئيس اللبناني ميشال عون الذي صعّد في انتقاده للثنائي الشيعي بسبب تعطيله انعقاد مجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين، في خطوة تنضاف، حسب مراقبين، إلى سلسلة من “الملحميات” التي دأب بري على تسويقها كلما زادت عزلته.
بيروت - ظهر رئيس حركة أمل ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الأربعاء في ثوب المسيح عندما صرّح بأنه مستعد للصعود مشياً على الأقدام إلى قصر بعبدا للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون وإيجاد حل لأزمة التعطيل الحكومي، في وقت لوّح فيه عون بأنه يؤيد انعقاد مجلس الوزراء اللبناني المشلول بمن حضر.
وفي مشهد كاريكاتيري، ردّ برّي على تصريحات عون بالقول إن “الانتخابات حاصلة حتما ضمن المهلة الدستوريّة”. وأضاف “مستعد للصعود مشيا على الأقدام إلى قصر بعبدا لمقابلة رئيس الجمهورية عون إذا شعرت بوجود إيجابيّة لإيجاد حلّ للأزمة التي نعيشها”.
ووصفت أوساط سياسية لبنانية تصريحات برّي بالقول إنه يريد أن يصور نفسه المسيح الذي يمشي على طريق الآلام، فيما يضمر خلاف ما يظهر.
ووسط هذه الدراما سيئة الإخراج التي يصورها برّي ويحاول من خلالها مناكفة حليفه عون، تبدو الحلول محدودة أمام رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي الذي اختار التمهل في استئناف أشغال مجلس الوزراء خوفا من تفجّر الحكومة من داخلها، ومن حصول أزمة سياسية داخلية كبرى إن قاطعها الوزراء الشيعة.

ميشال عون: أؤيد عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها
ويقول محللون إنه لم تعد من الممكن المماطلة أكثر في اعتماد خيارات بديلة لانعقاد الحكومة، وذلك إمّا عبر جلسات اللجان الوزارية أو عبر المراسيم الجوالة والموافقات الاستثنائية.
وفي الثالث عشر من أكتوبر الماضي تأجل انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة حينها، إلى أجل غير مسمّى، إثر إصرار الوزراء المحسوبين على جماعة حزب الله وحركة أمل أن يبحث المجلس ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، تمهيدا لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، بعد اتهامه بـ”التسييس”. ولم ينعقد مجلس الوزراء منذ ذلك الحين.
وقال عون إنه “لا يمكن إبقاء الحكومة معطلة، فهناك أمور تحتاج إلى البت بها، ومنها مثلا إقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع”.
وأضاف “أنا أؤيد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمت مقاطعتها، وبتنا أمام وجوب الاختيار بين السياسة والقضاء”.
ولا يزال التيار الوطني الحر الذي يقوده جبران باسيل، صهر عون، يؤمّن الحماية السياسية والمعنوية للقاضي بيطار تحت شعار استقلاليّة القضاء، بينما يواصل الثنائي الشيعي معركته الشرسة ضدّ المحقق العدلي عبر سلسلة لا تنتهي من طلبات الرد وكفّ اليد، بهدف شل قدرته على مواصلة التحقيق، بحجة أنّ مسار تحقيقاته استنسابي وأنه يضمر أهدافا سياسية.
وأفادت مصادر سياسية لبنانية بوجود أصداء تحضيرات بدأت تتردد لتصعيد المواجهة أكثر بين التيار والثنائي الشيعي، حيث بدأ الحديث عن أن التيار قد يرد على شل مجلس الوزراء من قبل الثنائي الشيعي، بشل مجلس النواب الذي ينتهي عقده العادي بعد أسبوعين وفق المادة 32 من الدستور اللبناني.
وأشارت تلك المصادر إلى رد محتمل من قبل حزب الله وحركة أمل يتمثّل في عدم توقيع وزير المال يوسف خليل المَحسوب عليهما على أيّ بند في حال عقد جلسة لمجلس الوزراء من دون مُشاركة وزراء الثنائي الشيعي، ما يعني شلّ النسبة الأكبر من الملفات المتراكمة على طاولة مجلس الوزراء.
ويؤكد مراقبون أنه في صورة وقوع هذا السيناريو غير المستبعد من صراع التعطيل المتبادل، فإنه سيجرف معه الانتخابات التشريعية ويؤدي إلى تطييرها وهو ما تحذر من تداعياته أوساط داخلية وغربية.
ويحذر هؤلاء من أن عملية شد الحبال المتفاقمة بين التيار والثنائي الشيعي ستتحول إلى المزيد من الأضرار على الواقع اللبناني المُنهار أصلا. وفي حال عدم معالجة هذا الواقع في المستقبل القريب، قد يصل لبنان إلى أزمة سياسية عميقة جدا، ما سيُعرقل الاستحقاق الانتخابي المقبل.