المعارضة التركية توحد جهودها ضد توجهات رجب طيب أردوغان

ستة أحزاب تتفق على العودة إلى نظام برلماني والحدّ من صلاحيات الرئيس.
الخميس 2021/12/16
الرئيس التركي يحتكر السلطات

في مسعى لتوحيد صفوفها ضد توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المحتكر للسلطات توصلت أحزاب معارضة إلى اتفاق يرمي للعودة إلى نظام برلماني معزز، فيما لوحت أطراف أخرى بإمكانية خوض غمار تجربة الانتخابات الرئاسية القادمة.

إسطنبول - اتفقت أحزاب تركية معارضة على العودة إلى نظام برلماني معزز والحدّ من سلطات الرئيس في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، في خطوة تعكس سعيها لتوحيد جهودها ضد توجهات الرئيس رجب طيب أردوغان، فيما تحدث زعيم أكبر الأحزاب المعارضة عن إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ووافقت ستة أحزاب، وهي: حزب الشعب الجمهوري، والحزب الصالح، وحزب المستقبل، وحزب “ديفا”، وحزب السعادة، وحزب الشعوب الديمقراطي، على الحدّ من سلطات الرئيس في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وأفاد أيهان سيفر أوستون رئيس شؤون الانتخابات والشؤون القانونية في حزب المستقبل على تويتر بـ”أنهم توصلوا إلى توافق في الآراء بشأن تعزيز النظام البرلماني بصفتهم الأطراف الستة”، قائلا “نحن الآن في مرحلة كتابة تقرير وآمل أن نتخلص من نظام الحكومة الرئاسية الغريب، وهو جذر كل الشرور، قريبا”.

ومنح النظام الرئاسي صلاحيات كثيرة لأردوغان كإقرار قوانين وتمريرها وتقييد المؤسسات المهمة في البلاد كما منحه تحكما أكبر في الأمور المالية.

حزب العدالة والتنمية يقول إن النظام يسمح للحكومة بالعمل بأفضلية بينما ترى المعارضة أنه يقلص دور البرلمان

وحثت التعديلات على ألاّ يكون للرئيس حق النقض (الفيتو) على الوزراء، حيث لم يكن هناك مثل هذه السلطة من قبل في النظام البرلماني المطبق في تركيا سابقاً.

 وسيتمكن الرئيس من إرسال القوانين إلى البرلمان لإعادة النظر فيها، ولكن لن تكون لديه القدرة على الاعتراض عليها، كما يُنتخب الرئيس لولاية مدتها سبع سنوات، ولاية واحدة، وبعد أن يُنهي واجبه لن يكون قادراً على ممارسة الحياة السياسية.

ويمكن للرئيس أن يوكل مهمة تشكيل الحكومة إلى زعيم الحزب السياسي الحائز على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وإذا لم يكن لدى أيّ حزب الأغلبية لتشكيل حكومة بمفرده، فلن يتمكن الرئيس من تشكيل “حكومة انتخابية”، ولن تكون للرئيس سلطة تشكيل حكومة انتخابية وقيادة البلاد إلى انتخابات مبكرة.

وستكون صلاحيات الرئيس في النظام البرلماني المعزز محدودة، بينما ستزيد صلاحيات رئيس الوزراء، إذ يمكن أن يعين الوزراء من بين أعضاء البرلمان ومن بين المؤهلين لانتخابهم كنواب.

وتقترح أحزاب المعارضة تقسيم مجلس القضاة والمدعين العامين إلى مجلسين لضمان استقلال القضاء في تركيا، وبحيث لا ينبغي أن يكون هناك وزير عدل ووكيل وزارة في مجلس القضاة.

ووفقًا لاتفاق المعارضة لن تكون للسلطة التنفيذية سلطة تعيين أعضاء مجلس القضاة ومجلس النيابة.

توافق في الآراء
توافق في الآراء

وفي وقت سابق قالت مصادر من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد “إن تحول تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي تنفيذي لم ينعكس على السلطات المحلية، مما استلزم إجراء إصلاح شامل في أدوارها.”

ونقلت صحيفة ميليت عن مصادر لم تسمّها قولها إن النظام الجديد “يهدف إلى إنهاء البيروقراطية وتحسين سرعة التنفيذ، لكنه لم ينجح على المستوى المحلي”.

وصوّت أكثر من 51.4 في المئة من الأتراك بـ”نعم” لنظام رئاسي تنفيذي في استفتاء عام 2017، ودخل النظام حيز التنفيذ بعد انتخابات يونيو 2018.

وظلت المعارضة تقف بقوة ضد التحول عن النظام البرلماني السابق، منتقدة عدم وجود ضوابط وتوازنات.

وأظهر استطلاع أجري مؤخراً أنّ 34.5 في المئة فقط من المواطنين الأتراك يعتقدون أن البلاد يجب أن تستمر في النظام الحالي، بينما أراد 58 في المئة العودة إلى النظام السابق.

وقالت مصادر في حزب العدالة والتنمية “لم تعد العودة إلى النظام البرلماني ممكنة من الناحية الفنية”، مضيفة “ولكن تمكن معالجة النظام الحالي وتعديله للتكيف مع عالم دائم التغير”.

وقال حزب العدالة والتنمية إن النظام الجديد يسمح للحكومة بالعمل بأفضلية، لكن انتقادات طالت النظام بأنه يقلص دور البرلمان ويكرس سلطة الرجل الأوحد.

وتم بموجبه إلغاء منصب رئيس الوزراء وأصبح بوسع أردوغان تشكيل الوزارات وتنظيمها وإقالة الموظفين العموميين دون الحصول على موافقة البرلمان.

ومنح النظام الرئاسي ذي النمط التنفيذي أردوغان صلاحيات إقالة الوزراء والبرلمان وإصدار المراسيم وإعلان حالات الطوارئ وتعيين الشخصيات في المناصب الرئيسية، بما في ذلك القضاء، كما سمح هذا النظام المثير للجدل للرئيس بالاحتفاظ بعضوية حزب سياسي، وهو ما كان محظورًا في السابق بموجب الدستور حيث كان من المتوقع أن يتصرف الرئيس بحيادية.

صلاحيات الرئيس في النظام البرلماني المعزز محدودة
صلاحيات الرئيس في النظام البرلماني المعزز محدودة

وتطالب المعارضة التركية بعقد انتخابات مبكرة، بينما لا يزال حتى الآن الموعد الرسمي للانتخابات الرئاسية والبرلمانية هو يونيو 2023.

وتعزيزا للجهود المبذولة في هذا الاتجاه، تحدث زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليجدار أوغلو عن إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية التركية القادمة.

ونقلت وكالة “بلومبرج” للأنباء الأربعاء عن أوغلو قوله “إذا ما وافق التحالف على ذلك، فإني سأتشرف بالترشح على منصب الرئيس”، مضيفا أن “قادة التحالف لم يبحثوا الأمر بعد، وأنه لا يمكنه اتخاذ قرار بمفرده”.

وقال كليجدار أوغلو إن زعيمة حزب الخير ميرال أكشنار ستكون “رئيسة وزراء جيدة”، مجددا التذكير “بتعهد المعارضة بالعودة إلى النظام البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي التنفيذي”.

وتتلاشى شعبية الرئيس التركي المعاد انتخابه دونما انقطاع منذ العام 2002، بسبب سياسته الاقتصادية التي كانت في السابق ضمانة لنجاحه، وهو ما تحاول المعارضة التركية الاستفادة منه قبل ثمانية عشر شهرًا من الانتخابات الرئاسية.

وأعلن أردوغان، مؤخرا، أن تركيا تسلك طريقا “محفوفا بالمخاطر لكنه صائب” حيال الاقتصاد، يقوم على خفض معدلات الفائدة رغم التدهور الحاد في سعر صرف العملة الوطنية.

5