الشعور بالوحدة يفاقم مرض الزهايمر

واشنطن ـ تشير البحوث إلى ارتباط وثيق بين الشعور بالوحدة والتدهور المعرفي وتطور مرض الزهايمر.
ووجدت إحدى الدراسات الأميركية التي تُعْنى بأدمغة البالغين الأصحاء أن أولئك الذين أبلغوا عن الشعور بالوحدة لديهم مستويات أعلى من الأميلويد القشري، وهي علامة تستخدم للمساعدة على تشخيص الخرف ومرض الزهايمر.
وقالت كلية الطب في جامعة هارفارد إن المشاركين الذين لديهم زيادة في الأميلويد كانوا أكثر عرضة بسبع مرات ونصف المرة للشعور بالوحدة.
ووفقا لدراسة أجراها باحثون من كينغز كولدج لندن كان أولئك المعزولون أكثر عرضة بنسبة 24 في المئة للشعور بالتعب وصعوبة التركيز.
وقال الباحثون “لا حرج في أن يقضي الفرد ليلة بمفرده وهو يشاهد التلفزيون، وفي الواقع بالنسبة إلى الكثيرين هذا قد يكون مصدرا للراحة”.
وأضافوا أنه “إذا شعر هؤلاء بالوحدة أو العزلة عن بقية العالم فإن ذلك بمرور الوقت قد يضر بصحتهم”.
وأشار الباحثون إلى أنَّ الشعورَ بالوحدةِ المستمرةِ خلالَ منتصفِ العمرِ (منْ سنِّ الخامسةِ والأربعينَ إلى سنِّ الرابعةِ والستينَ) يجعلُ الناسَ أكثرَ عرضةً للإصابةِ بالخرفِ ومرضِ الزهايمر في وقتٍ لاحقٍ منَ الحياة.
وتقول دراسة جديدة إنّ الأشخاص الذين يتعافون منَ الشعورِ بالوحدة أقل تعرّضا للإصابةِ بالخرَف، مقارنة بالأشخاصِ الذينَ لم يشعروا بالوحدة مطلقا.
والإحساس بالوحدة هو شعور ذاتي ناتج عن تناقض ملحوظ بين العلاقات الاجتماعية المرغوبة والعلاقات الفعلية. وعلى الرغمِ منْ أن هذا الشعور ليسَ في حد ذاته حالة مرض إكلينيكي، إلا أنه يرتبط بمجموعة منَ النتائج الصحية السلبية، التي تتضمن اضطراباتِ النوم وأعراضَ الاكتئاب والضعف الإدراكي والسكتةَ الدماغية.
ومعَ ذلك قد يحدث الشعور بالوحدةِ لأي شخص في مرحلة ما منَ الحياة، خاصة في ظل الظروفِ الجديدة المتعلقةِ بجائحةِ كورونا.
ورغم ذلك يختلف الناس في المدةِ التي يشعرونَ فيها بالوحدة. وبالتالي قد يعاني الأشخاص الذين يتعافون من الوحدة عواقبَ صحية مختلفة وقصيرة المدى مقارنة بالأشخاصِ الذينَ يعانونَ منَ الوحدة لسنواتٍ عديدة.
وفي محاولةٍ لتسليطِ الضوءِ على العلاقةِ بين هذه الأشكالِ المختلفة من الوحدةِ ومرضِ الزهايمر والخرف فحص الباحثونَ بيانات نفسية ومعرفية لبالغينَ عانى بعضهم من الوحدةِ في الماضي، في حينِ لم يعانِ البعض الآخر من الوحدة على الإطلاق.
وبعدَ أخذِ تأثيراتِ العمرِ والجنسِ والتعليمِ والعلاقات الاجتماعيةِ والعيشِ والصحةِ البدنيةِ والمخاطرِ الوراثيةِ في الاعتبار ارتبطَ الشعورُ بالوحدةِ المستمرةِ بمخاطرَ أعلى، في حينِ تمَّ ربطُ الوحدةِ العابرةِ بانخفاضِ خطرِ الإصابةِ بالخرفِ وظهورِ الزهايمر بعدَ ثمانيةَ عشَرَ عامًا.
وقالَ الباحثون إن الشعور المستمرّ بالوحدة يشكل تهديدا لصحةِ الدماغ. إلا أنه في سياق المرونة النفسية وبعدَ تجاربِ الوحدة العابرة في الوباءِ الحالي تبيّن أن الأشخاص الذين نجحوا في التغلّب على الشعورِ بالوحدةِ لديهم مخاطر أقلّ من الإصابة بمرضيْ الزهايمر والخرف، حتى بالنسبةِ إلى أولئك الذين لم يعانوا من ذلكَ الشعورِ على الإطلاق.
وتحفز هذهِ النتائج على إجراءِ المزيد من التحقيق في العوامل التي تجعل الأفراد مرِنين ضدّ أحداثِ الحياة المعاكسة، وتحث على تخصيصِ التدخلاتِ للشخصِ المناسبِ في الوقت المناسب لتجنبِ استمرارِ الشعورِ بالوحدةِ وتعزيزِ صحة الدماغ والوقاية من مرض الزهايمر.
ومثل الشعور بالوحدة ترتبط قلة النوم بالخرف في وقت متقدم من العمر، ما يسبب بلا شك مشاكل في الأداء على مدار اليوم.
وقال الدكتور سكوت كايزر، مدير الصحة الإدراكية لكبار السن في معهد المحيط الهادئ لعلوم الأعصاب، “إن كمية ونوعية النوم لهما تأثيرات فسيولوجية عميقة تؤثر على تفكيرنا اليومي والذاكرة والمزاج، بالإضافة إلى خطر التدهور المعرفي على المدى الطويل”.