تأكيد عراقي على انسحاب قوات التحالف بعد الإشارات الأميركية المتناقضة

رئيس الوزراء العراقي يشدد على أن العبث بأمن العراق وبمستقبله خط أحمر، وذلك في تحذير مبطن إلى القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات.
الأحد 2021/12/12
الكاظمي يؤكد قدرة القوات العراقية على حفظ الأمن بعد انسحاب التحالف الدولي

بغداد - أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي السبت أن العراق سيشهد بعد أيام انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي، مشددا على أن القوات العراقية قادرة على حفظ الأمن في البلاد، وذلك في تأكيد لما كان أعلنه مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بعد الإشارة المتناقضة التي بعثتها واشنطن قبل يوم واحد. 

وقال الكاظمي في خطاب بمناسبة الاحتفال بذكرى مرور 100 عام على تأسيس الدولة العراقية الحديثة، إن دور قوات التحالف الدولي "سيكون في مجالات المشورة، كدلالة على قدرة القوات العراقية بكل صنوفها على حفظ أمن العراق واستقرار شعبه وتطورها المستمر في هذا المجال". 

وأضاف الكاظمي أن "العراق سيستعيد عافيته الكاملة وتشفى جراحه تباعا وينهض من كبواته ليحتل مكانته بإرادة شعبه الذاتية، وجيراننا وأشقاؤنا والعالم يتفاعل معه ويستمع إلى صوت العراق النابع من أعماقكم أنتم أهل العراق وأصحاب القرار فيه وأنتم الدولة".

وتأتي تصريحات الكاظمي بعد إعلان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي الجمعة أن بلاده ستبقي على العدد الحالي لقواتها والبالغ 2500 جندي في العراق، مشيرا إلى تغير طفيف في المهام الموكولة إلى تلك القوات.

وقال ماكنزي في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس إنه "على الرغم من تحول دور القوات الأميركية في العراق إلى دور غير قتالي، فإنها ستبقي على تقديم الدعم الجوي والمساعدات العسكرية الأخرى في قتال العراق ضد تنظيم داعش".

وتتناقض تصريحات ماكنزي مع ما أعلنه مستشار الأمن القومي العراقي الخميس بشأن "انتهاء المهام القتالية رسميا لقوات التحالف الدولي"، وحصر العلاقة مع التحالف "في مجال التدريب والاستشارة والتمكين" للجيش العراقي.

ويبدو أن إعلان الكاظمي يحمل رسالة تهدئة إلى الداخل العراقي، لاسيما وأن الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران ترفض التخلي عن سلاحها، وتلوّح باستهداف المصالح الأميركية في العراق مجددا.

وعلى مدار الأيام الماضية هددت الميليشيات الموالية لإيران بتصعيد عملياتها المسلحة ضد الوجود الأميركي، في حال لم يجر انسحاب كامل من العراق. وأمهلت تلك الميليشيات القوات الأميركية حتى نهاية الشهر الجاري الموعد المقرر لتنفيذ قرار الانسحاب.

ولا تريد الحكومة العراقية انسحاب القوات الأميركية لأن ذلك سيخلي المجال أكثر أمام إيران وميليشياتها، فضلا عن تهديدات داعش الذي رغم إعلان انتهاء الحرب عليه في العام 2017، إلا أنه لا يزال ينشط وبقوة على الساحة العراقية.

وترى أوساط سياسية عراقية أن استمرار بقاء الولايات المتحدة في العراق تحت عناوين مختلفة، من بينها تمكين الجيش العراقي ومواصلة الحرب على داعش، هو رسالة أيضا للحلفاء في المنطقة، حيث تسعى الولايات المتحدة لإظهار نوع من الالتزام تجاههم في مواجهة التحديات التي تفرضها إيران، والذي بات محل شك من قبلهم.

وتوصلت بغداد وواشنطن في السادس والعشرين من يوليو الماضي إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق بحلول نهاية العام الجاري، فيما سيبقى عدد غير معلوم من القوات الأميركية لتقديم المشورة وتدريب القوات العراقية، وفق نص الاتفاق.‎

وتشكّل التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والذي يضم أكثر من 80 دولة، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا والعديد من الدول العربية، في عام 2014 لدعم الهجمات في العراق وسوريا ضد تنظيم داعش.

ويرى مراقبون أن عدم الانسحاب الأميركي قد ينتهي إلى تصعيد جديد من قبل الميليشيات الإيرانية، مشيرين إلى مسارعة حركة النجباء إلى التهديد باستهداف القوات الأميركية.

إلى ذلك، تحدث الكاظمي عن التجاذبات السياسية بشأن نتائج الانتخابات العراقية المبكرة التي تصدرها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، فيما تلقت فيها القوى الشيعية الموالية لإيران هزيمة قاسية، محذرا الأخيرة في رسالة مبطنة من العبث بأمن العراق وبمستقبله.

وقال الكاظمي "وسط تجاذبات واجتهادات سياسية أفرزتها الانتخابات الأخيرة، يجب أن يطمئن الجميع ولن نسمح بمس الأمن والاستقرار". 

وأوضح رئيس الحكومة العراقية أنه "رغم كل الخلافات فإن القوى السياسية والتيارات الجديدة والمستقلين والنخب هم أبناء هذا الوطن وهم حريصون عليه وعلى أمنه، وإن الاختلاف في وجهات النظر والتوجهات يتلاشى أمام إيمان الجميع بأن العراق هو مظلتنا وهو بيتنا، وأن العبث به وبمستقبله خط أحمر". 

 وتابع "طريق الدولة العراقية قد يكون صعبا ومؤلما، لكنه الطريق الوحيد الذي يمكن لأولادنا وأحفادنا أن يمضوا إليه، لأن اللا دولة هي خيانة لأنفسنا أولا وللأجيال القادمة من بعدنا".

وواجهت الفصائل العراقية المقربة من إيران هزيمتها القاسية في الانتخابات بالتهديد باستخدام السلاح لتغيير النتائج، وسط دعوات إلى التهدئة وتحذيرات من صدام مسلح قد يعصف بأمن البلاد.

وتلقّى تحالف الفتح، المظلة السياسية للفصائل المسلحة، خسارة قاسية خلال الانتخابات النيابية التي جرت في شهر أكتوبر الماضي، بحصوله على 17 مقعدا فقط، نزولا من 48 مقعدا خلال انتخابات العام 2018.

وكان زعيم التيار الصدري بالعراق مقتدى الصدر ألمح الأربعاء الماضي إلى تورط القوى والفصائل الرافضة لنتائج الانتخابات البرلمانية في أعمال عنف بالبلاد، بعد خسارتها الانتخابات.

وقال الصدر في بيان إن "عودة الإرهاب المتمثل بداعش في منطقة مخمور (شمالا)، والتفجيرات السياسية في البصرة (جنوبا)، وبعض الاغتيالات من هنا وهناك، تنبئ بتأزم الوضع السياسي ولجوئهم إلى العنف، وهو ما سيجر البلاد إلى الخطر من أجل بعض المقاعد (بالبرلمان)".

وكان "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الرافضة لنتائج الانتخابات، قد حذر قبل أسابيع من اعتماد نتائج الانتخابات، قائلا إن "من شأنها تعريض السلم الاجتماعي إلى الخطر".