واشنطن تشيّد ميناء شرق ليبيا: رسالة أميركية إلى روسيا وفرنسا

الولايات المتحدة تُراهن على وصول سلطة جديدة في البلاد لإنهاء السيطرة الروسية على الملف الليبي.
السبت 2021/12/11
مشروع اقتصادي لا يخلو من رسائل سياسية

طرابلس - يعكس بدء شركة أميركية الخطوات الفعلية لتشييد ميناء سوسة العميق شرق ليبيا رسالة من واشنطن إلى كل من موسكو وباريس يفيد فحواها بأنها بصدد التحرك وتملك أوراقا للرد على النفوذ الروسي والفرنسي هناك سياسيا واقتصاديا.

وأكد تقرير نشرته مجموعة “غايدري” الإنشائية الأميركية الشروع في تشييد ميناء سوسة الآمن والعميق ومتعدد الاستخدامات بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

وأشار التقرير إلى توقيع عقد بين المجموعة وشركة “أرتشيرودون” للإنشاءات بهدف التعاون في مجال تصميم وبناء هذا الميناء الذي سيكون الأول من نوعه الذي تقيمه الولايات المتحدة -وفقا لمعايير فعّالة وتنافسية عالميّة- في ليبيا.

وأضاف التقرير أن التركيز سينصبّ على مناولة الحاويات والحبوب والبضائع الأخرى، ناقلا عن رئيس المجموعة مايكل غايدري قوله “يسعدنا الدخول في اتفاقية مع ‘أرتشيرودون’ التي ستقدم خبرتها في بناء الموانئ وتاريخها في تطوير البنية التحتية للموانئ في ليبيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.وأوضح أن الميناء سيوفر وسيلة تجارة آمنة للشركات الدولية والحكومات وسيصبح مركزا للتنمية الاقتصادية، مؤكدا أن العمق الحالي البالغ 18 مترا سيتم تغييره لتمكين السفن من تفريغ حاويات البضائع بسهولة في وقت سيتم فيه التطوير على مدى 4 مراحل أولاها بقيمة 200 مليون دولار.

مجموعة "غايدري" الإنشائية الأميركية نشرت تقريرا كشف عن الشروع في تشييد ميناء سوسة بقيمة مليار ونصف مليار دولار

والحديث عن إنشاء ميناء سوسة العميق ليس وليد اللحظة؛ فقد ترددت كثيرا في عام 2019 أنباء وتصريحات لمسؤولين أميركيين وليبيين عن التجهيز لاتفاق حول إنجاز الميناء المذكور.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن تشييد الميناء يُعد رسالة أميركية تفيد بأن واشنطن تملك خيارات للرد على التوغل الروسي والفرنسي في ليبيا وخاصة في شرق البلاد التي تتنافس فيه باريس وموسكو حول النفوذ، إلى جانب جنوب ليبيا.

ونجحت روسيا في تخطي فرنسا شرق وجنوب ليبيا بعد أن استغلت التردد الفرنسي في دعم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على المنطقة، وهي تدعمه في الواقع منذ عام 2014 عندما خاض حربا ضد الجماعات الإرهابية، لكن تحركات باريس لاستعادة نفوذها هناك لا تنتهي وهو ما يدفع واشنطن إلى التحرك للرد على الطرفين.

وتبذل الولايات المتحدة جهودا في ليبيا على أكثر من صعيد لوضع حد للحضور الروسي هناك، سواء من خلال الدفع بإخراج مرتزقة فاغنر -الذين يزيد رفض روسيا وجود أي صلة لها بهم من صعوبة إخراجهم- أو بدعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي لا تتحمس لها موسكو بسبب عدم ضمان مشاركة سيف الإسلام القذافي الذي تراهن عليه روسيا.

وفي المقابل برزت بوادر لرفض باريس إجراء الانتخابات الليبية في الظرف الراهن حيث كثفت وسائل إعلام فرنسية تقاريرها التي تحذر من أن تدهور الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات كما أنه سيؤثر على النتائج في حال تمسك الفاعلون الدوليون بإجرائها.

يأتي ذلك في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة رسائلها إلى الذين يحاولون عرقلة الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر.

الميناء سيكون الأول من نوعه الذي تقيمه الولايات المتحدة وفقا لمعايير فعّالة وتنافسية عالميّة في ليبيا

وتتواتر الأنباء حول وجود مرتزقة فاغنر في سرت المدينة الاستراتيجية التي كانت في السابق تراهن فرنسا على جعلها إقليما تحت مسمى “إقليم سرت الكبرى” بهدف السيطرة على ميناء المدينة الذي سيكون الشريان الرابط بين أوروبا وأفريقيا.وتُراهن الولايات المتحدة على وصول سلطة جديدة في البلاد لإنهاء سيطرة روسيا على الملف الليبي، وهي سيطرة مكنتها من توسيع نفوذها في شرق ليبيا وجنوبها مستفيدة من الارتباك الأوروبي إزاء الأزمة الليبية.

كما تواجه روسيا تهما بنشر مرتزقة تابعين لفاغنر في الموانئ والحقول النفطية الليبية بهدف تأمينها، وهو ما تنكره موسكو.

وتبذل الولايات المتحدة جهودا مكثفة سواء دبلوماسية أو غيرها للتصدي للنفوذ الروسي محاولة تضخيم دور موسكو مقابل التغاضي عن الأنشطة التي تقوم بها أنقرة من خلال دعم الميليشيات غرب ليبيا.

ولطالما حذرت واشنطن من التحركات الروسية في ليبيا، خاصة خلال هجوم الجيش الليبي للسيطرة على طرابلس، حيث نبه مسؤولون أميركيون آنذاك من محاولة روسيا استنساخ التجربة السورية في ليبيا.

4