المغرب يسرع الخطى لإرساء قاعدة استثمارية في الهيدروجين البيئي

خطة لإنشاء اقتصاد قائم على استخدام الوقود الأخضر والأمونيا والميثانول.
السبت 2021/12/11
اكتشف روعة مراكش على متن حافلة بلا انبعاثات

وسع المغرب من مظلة طموحاته المستقبلية في الطاقة المستدامة عبر إرساء قاعدة استثمارية في المشاريع المتعلقة بالهيدروجين الأخضر، والتي تضعها الحكومة نصب عينيها ضمن سياسة إحلال البصمة الكربونية في سلسلة الإمدادات كما هو الحال مع ما تقوم به عدة دول عربية.

الرباط - تتسارع خطى المغرب لزيادة إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة مع التركيز في الفترة القادمة على إنتاج الهيدروجين البيئي، ضمن مساعيه لتحقيق أهداف التغير المناخي والحياد الكربوني بحلول العام 2050، وأيضا لتحقيق الاستقلالية بعملية الإنتاج في هذا القطاع.

وتسعى السلطات من خلال برنامج مدروس أسوة بالعديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي مقدمتها دول الخليج ومصر إلى خفض انبعاثات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بنهاية العقد الحالي، مع العمل على غرس نصف مليون نخلة سنويا في إطار الاستراتيجية الزراعية الجديدة.

وطوّر المغرب خلال السنوات الأخيرة استراتيجية للطاقات المتجددة بهدف الانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج للطاقة المتجددة بغية تحقيق أمن الطاقة ومن ثم وضع خطة لاعتمادها في كافة المجالات الإنتاجية.

ويعتقد الكثير من الخبراء أن الرباط أمام فرصة ثمينة من أجل توسيع قاعدة الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، بفضل المقومات التي تتمتع بها البلاد، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بمناخ الأعمال المستقر رغم مطبات الأزمة الصحية التي بالإمكان تجاوزها مع مرور الوقت.

محمد بنعبو: ثمة مساع حثيثة لتلبية الاحتياجات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر

ويرى معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة الحكومي أن الموقع الجغرافي للمغرب وموارده الاستثنائية للطاقة المتجددة، “يؤهله لأن يصبح لاعبا رئيسيا في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر على المستوى الإقليمي”.

وذكر المعهد في تقرير حول برنامج عمله للعام المقبل أن “الديناميكية الجديدة تهدف إلى إنشاء قطاع اقتصادي وصناعي حول الجزيئات الخضراء، خاصة الهيدروجين والأمونيا والميثانول من أجل تعزيز انتقال الطاقة”.

وأضاف معدو التقرير أنه “من الواضح أن هناك فرصة كبيرة أمام المغرب، الذي تم الاعتراف به من بين البلدان الستة ذات الإمكانات الأكبر على المستوى العالمي في مجال الاقتصاد الأخضر”.

وفعليا، دخل المغرب في سباق مع الزمن لتحقيق الحياد الكربوني في ظل تزايد الرهانات العالمية على الصناعات الصديقة للبيئة، خاصة وأنه يعمل على زيادة كفاءة التشغيل وفي الوقت ذاته التقليل من التكاليف ضمن استراتيجية موسعة تتبناها الحكومة لتجسيد النموذج التنموي الجديد.

كما يتعاون مع ألمانيا لتجسيد خططه الطموحة المتعلقة بمشاريع الطاقة النظيفة على أرض الواقع، والتي يشرف عليها العاهل المغربي الملك محمد السادس بنفسه لتحقيق أمن الطاقة من المصادر المستدامة بهدف خفض الأعباء على الميزانية في السنوات المقبلة.

وأكد الخبير المغربي في المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو أن بلاده أقدمت على تنفيذ مجموعة من المشاريع الاستراتيجية في مجال الاقتصاد الأخضر، ذات العلاقة بالتفاعل مع التغيرات المناخية.

وأشار في هذا الجانب إلى مشاريع الطاقة المتجددة، منها مشروع المزرعة الشمسية (نور) في جنوب البلاد، والحافلات الكهربائية النموذجية في مدينة مراكش، التي تعتمد كليا على الطاقة المستدامة.

وبالإضافة إلى ذلك، ثمة مشاريع رائدة تتعلق بتوليد الكهرباء انطلاقا من النفايات في مدينة فاس شمال البلاد ومشاريع تستهدف رفع مستوى تدوير المخلفات إلى نحو 30 في المئة بحلول عام 2022 لإنتاج الكهرباء.

ونسبت وكالة الأناضول إلى بنعبو قوله إن “المغرب يسير في مسار متسارع في مواجهة تحدي التغيرات المناخية، ويسعى إلى تلبية الاحتياجات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر، بما في ذلك الموارد البشرية للمهن الخضراء”.

وأطلق المغرب في أبريل الماضي، أول مجموعة مشاريع هيدروجين خضراء في قارة أفريقيا من أجل تعزيز هذا القطاع الواعد على المستوى المحلي من خلال بناء القدرات وترسيخ فكرة التعامل بهذا الوقود.

وأكد معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة في تقريره أنه “تم تحديد المشاريع التعاونية المبتكرة في العديد من القطاعات، وتنسيق الجهات الفاعلة من أجل تشجيع الابتكار وإعداد إطار مناسب لظهور قطاع الهيدروجين التنافسي في المغرب”.

ومن أجل تحقيق أهدافه، طور المعهد بالشراكة مع جامعة محمد السادس للفنون التطبيقية منصة بحثية كبيرة تحت اسم “غريين أتش2”. ومن المتوقع أن يتم إطلاقها في العام المقبل.

المغرب لديه ما يؤهله ليصبح لاعبا رئيسيا في تطوير الهيدروجين الأخضر على المستوى الإقليمي

ويعتقد خبراء المعهد أن إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب “سيعزز النمو الاقتصادي، ويساهم في إزالة الكربون من الصناعات، ويسمح بالمشاركة في تمويل الانتقال وأمن الطاقة، وتنويع مصادرها”.

ويرى عبدالرحيم كسيري، منسق الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة أن المجهودات يجب أن تتضاعف مع التغيرات المناخية التي تحدث في العالم، والسير نحو أبعد مدى.

وقال كسيري “علينا توجيه الاستثمارات نحو النقل الجماعي والنقل النظيف، كالدراجات الكهربائية، وتحفيز الاستثمار في السيارات الهجينة أو الكهربائية، بدل التي تعتمد على الوقود”.

وأضاف أنه “لا مجال للتأخر عما يسير نحوه العالم المقبل من تغييرات مهمة في عالم النقل، والمراهنة على اعتماد الهيدروجين كبديل للوقود الأحفوري”.

وأوضح كسيري أن “المغرب وضع خيارات استراتيجية منذ سنين، توجت باعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، عقب مشاورات وطنية”.

وانخرط المغرب في السنوات الأخيرة، في عملية الانتقال إلى نمط إنتاج مستدام ومنخفض الكربون، باعتبار الاقتصاد الأخضر ركيزة حقيقية للانتعاش، وأطلق في 2017 الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.

وفي أواخر أكتوبر الماضي، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” في الرياض، إن بلده “بادر بشكل طوعي، باعتماد مقاربة مندمجة وتشاركية ومتكاملة تعكس رهانات وأهداف استراتيجية التنمية المستدامة”.

11