حل أزمة النفايات بصفاقس يحد من الاضطرابات الاجتماعية في تونس

يساهم حل أزمة النفايات التي تفجرت في ولاية صفاقس التونسية في الحد من الاضطرابات الاجتماعية في البلاد التي تواجه أزمة اقتصادية حادة، حيث توصلت منظمات بالمجتمع المدني ونقابات والسلط المحلية إلى هذا الحل بعد احتجاجات شهدتها المدينة، ما يحيي الدعوات إلى إيجاد حل دائم لمعضلة النفايات وإيجاد طرق جديدة للتصرف فيها.
تونس - أثمرت جولات حوار بين منظمات في المجتمع المدني ونقابات وبين السلطات في تونس حلا لما بات يُعرف بأزمة النفايات التي اجتاحت ولاية صفاقس جنوب البلاد، ما يخفف من الضغوط الاجتماعية التي جسدتها اضطرابات مؤخرا حول مطالب مختلفة.
وألغت تلك المنظمات والنقابات إضرابا عاما كانت تنوي تنفيذه غدا الجمعة في الولاية، بسبب الوضع الذي تردت فيه.
وأكد يوسف العوادني، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، أنه تم التوصل إلى حل ينهي أزمة النفايات بالمدينة.
وأضاف العوادني في تصريح لإذاعة “شمس أف.أم” المحلية أن هذه الأزمة “نجم عنها تراكم للفضلات منذ أكثر من 70 يوما، حيث أنها تسببت في حالة من الاحتقان في صفوف الأهالي، وخاصة في مدينة عقارب”.

حسام حمدي: يجب وضع استراتيجية حول كيفية التصرف في النفايات
وأوضح أن “وزيري الشؤون الاجتماعية والبيئة تعهدا خلال اجتماع بالانطلاق في رفع الفضلات بداية من الأربعاء إلى مكان يبعد عن المدينة والتجمعات السكنية بحوالي 62 كيلومترا”، لافتا إلى أن “المكان المقصود هو أرض دولية مساحتها 118 هكتارا، وأن أشغال فتح الطريق المؤدي إلى الأرض انطلقت منذ أيام”.
وأعلن العوادني أن “وزيرة البيئة أكدت وجود برنامج لإحداث مصب مراقب ستتم تهيئته تباعا، علاوة على التفكير في عملية تثمين النفايات”، مشددا على أن “إضراب العاشر من ديسمبر مازال قائما إلى حين الرفع الكلي للفضلات والتثبت من جدية القرارات المتخذة”.
وتأتي هذه الانفراجة بعد احتجاجات لم تخلُ من اشتباكات مع الشرطة مؤخرا في الولاية، بسبب تراكم النفايات ومحاولات فتح مصب لها لم يعد صالحا للاستعمال.
واعتبر الناشط البيئي حسام حمدي أن “التوصل إلى حل لأزمة النفايات التي عرفتها صفاقس خطوة محمودة، لكن مازلنا لا نعرف حيثيات الحل، المهم أنه سيقع التخلص وقتيا من المشكلة البيئية التي تعرفها بلديات في المدينة، لكن علينا أن نفكر في مثل هذه المشاكل مستقبلا وتمش معين يشمل أساسا الحوار لحل مثل هذه المشكلات”.
وأضاف حمدي في تصريح لـ”العرب”، “كحركة أولوية للسلطة تعتبر مهمة جدا، لكن يجب وضع استراتيجية حول كيفية التعامل مع النفايات، لأنها تشمل نفايات منزلية وطبية وغيرها، ويقع تجميعها في مكان ما لتخلق فيما بعد مشكلة أخرى، هي تأجيل للمشكلة وليست حلا جذريا ونهائيا لها، ومع ذلك نحن نثمن كنشطاء بيئيين التوصل إلى حل لمشكلة عانى منها أهالي صفاقس كثيرا”.
ويرى مراقبون محليون في تونس أن التوصل إلى حل لأزمة النفايات التي عاشتها صفاقس، التي تعد ثاني أكبر ولاية تونسية من حيث عدد السكان، من شأنه تخفيف الضغوط الناجمة عن الاضطرابات الاجتماعية.
وقال الباحث والمحلل السياسي محمد ذويب إن “التوصل إلى حل لهذه المعضلة في صفاقس أكثر من ضروري، وهو يكتسي أهمية كبرى لأهالي المنطقة والبلد والحكومة، فتحقيق السلم الاجتماعي مهم جدا في هذه الفترة التي تتسم دوما باندلاع الاحتجاجات (شهري ديسمبر ويناير)، وسيساعد الحكومة على التوجه لفض إشكالات أخرى من المتوقع أن تندلع قريبا”.

محمد ذويب: حل أزمة النفايات ضروري للمساهمة في تحقيق السلم الاجتماعي
وتابع ذويب لـ”العرب” أن “لغة الحوار مع المواطنين ومصارحتهم بدقة المرحلة والالتزام بتحقيق الإنجازات وملاءمة الوعود لإمكانيات الحكومة، هي الحل بعيدا عن الشعارات والوعود الفضفاضة والشعبوية التي تساهم في المزيد من توتير الأوضاع، وتتيح الفرصة أمام المتربصين بمسار الخامس والعشرين من يوليو لتوظيف هذه الأحداث سياسيا”.
ويأتي ذلك فيما لا يتردد متابعون للشأن البيئي في تونس في التحذير من إمكانية تفجر الوضع مجددا بشأن النفايات، في ظل غياب سياسة واضحة للتعامل مع النفايات، وعلى وقع انتشار كثيف للمصبات العشوائية.
ودق مؤخرا رئيس الجامعة التونسية للبلديات عدنان بوعصيدة ناقوس الخطر من خلال التحذير من أن السيناريو الذي عاشته صفاقس ستعيشه بلديات أخرى وولايات أخرى في البلاد، بسبب غياب سياسة واضحة للدولة للتصرف في النفايات.
وقال ذويب إن “قضية النفايات هي أحد الإشكالات التي تعمدت الحكومات السابقة تركها كفخاخ لمن يتولى الحكم بعدها، وهي تعكس أيضا عجز العقل السياسي التونسي لمن تولى السلطة سابقا، وتعكس عدم إيلاء الحكام ملف النفايات الأهمية التي يستحق، فالدول المتطورة وخاصة الدول الإسكندنافية تقوم باشتراء النفايات من دول العالم الثالث ورسكلتها”.