نقلة نوعية في الشراكات الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والسعودية

دخلت الشراكة الاقتصادية بين سلطنة عُمان والسعودية مرحلة جديدة عقب إبرام حزمة من الاتفاقيات شملت خارطة واسعة من التجارية القطاعات والصناعية والاستثمارية والمالية وغيرها، والتي تؤكد على حرص البلدين على تسريع وتيرة التكامل الشامل بما يخدم خططهما الإصلاحية على نحو مستدام.
مسقط - وقعت سلطنة عمان والسعودية الأربعاء سلسلة من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وذلك في مستهل زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مسقط، في إطار الشراكة الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها بين البلدين.
وأبرمت مجموعة من الشركات السعودية وعدد من الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني والقطاع الخاص 13 مذكرة تفاهم بقيمة استثمارات تبلغ 30 مليار دولار.
وتستهدف المذكرات تعزيز الاستثمارات واستكشاف الفُرص المُتاحة للشراكات في المجالات التي تهم البلدين في العديد من المجالات الحيوية والتي من المتوقع أن تدعم تحويل الموانئ العمانية إلى منفذ مهم للصادرات السعودية النفطية وغير النفطية إلى العالم.
وتشمل الاتفاقيات بين البلدين الخليجيين الساعيين لتنويع اقتصاديهما المرتهنين للنفط، تعزيز التعاون في مجالات التجارة والطاقة والطاقة المتجددة والسياحة وتقنية المعلومات والتقنية المالية والاتصالات التي تخدم وتيرة نمو الجارين.

خالد الفالح: البلدان يزخران بأرضية خصبة لإقامة شراكات استثمارية
كما تتضمن العمل المُشترك في القطاعات الواعدة وتعزيز الاستثمارات المتبادلة في الصناعات الدوائية والتطوير العقاري والصناعات التحويلية والغذائية والزراعة والنقل والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى عدد من الاستثمارات النوعية في منطقة الدقم.
وتفصح الخارطة الشاملة للاتفاقيات عن الرهان الذي وضعته السعودية على سلطنة عمان لتوسيع أعمالها، وبالمثل ترى مسقط أن أكبر اقتصاد عربي سيكون بوابة لتعزيز الإيرادات مستقبلا من بوابة الشراكة بين مختلف القطاعات.
ويقول المسؤولون بالبلدين إن السعودية ومن خلال “رؤية 2030” وعُمان من خلال “رؤية 2040” تنظران إلى الشراكات الجديدة على أنها ستمهد إلى التكامل في عدة قطاعات اقتصادية عبر الاستفادة من موقعهما الاستراتيجي والثروات الطبيعية التي تمتلكانها.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى وزير الاستثمار خالد الفالح قوله إن البلدين “يزخران بفرص استثمارية واعدة توفر أرضية خصبة لإقامة شراكات استثمارية متنوعة بين قطاعي الأعمال السعودي والعماني”.
وحتى تزيد من حجم تجارتهما البينية سيتم افتتاح الطريق البري المباشر بين السعودية وعمان والبالغ طوله نحو 680 كيلومترا، والذي يسهم في نقل البضائع السعودية إلى الموانئ العمانية ومنها إلى العالم.
وبحسب البيانات الرسمية، فقد بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين 3.36 مليار دولار بنهاية العام الماضي، فيما وصلت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية باتجاه عُمان إلى حوالي 1.16 مليار دولار.
وتحتل عمان المرتبة الـ28 بين الدول التي تصدر إليها السعودية، والمرتبة العشرين بين الدول المستورد منها.
وقال وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في عُمان قيس اليوسف في مقابلة مع “بلومبرغ الشرق” إن “السلطنة تعامل المستثمر السعودي باعتباره مستثمرا وطنيا، ونتوقع معاملة المستثمر العُماني في المملكة بالمثل”.

قيس اليوسف: السلطنة تعامل المستثمر السعودي باعتباره مستثمرا وطنيا
وقبيل وصول الأمير محمد إلى مسقط وقعت مجموعة أوكيو العمانية للطاقة مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، عملاق صناعة البتروكيمياويات، بهدف تطوير مشروع مجمع الدقم للبتروكيمياويات بالسلطنة.
ويأتي حرص السعودية على الاستثمار في منطقة الدقم بالنظر إلى ما تحتويه على عدة مناطق تطوير سياحي وخدمي من أبرزها ميناء متعدد الأغراض وحوض جاف لإصلاح السفن وميناء للصيد ومطار إقليمي ومناطق صناعية ولوجستية.
كما وقعت أوكيو مذكرة تفاهم في مجال تخزين النفط مع شركة أرامكو للتجارة لتقييم ملاءمة تخزين والمتاجرة في المواد البترولية.
وشملت الاتفاقات توقيع المجموعة العمانية وأكوا باور السعودية وآير برودکتس مذكرة تفاهم في قطاعات التكرير والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وتعزز أكوا باور حضورها بالسلطنة عبر تنفيذ مشروعات في المنطقة الحرة بصلالة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتقدر تكلفتها بنحو 7 مليارات دولار لإنتاج نحو مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويا.
وإلى جانب ذلك، أبرمت شركة تنمية معادن عُمان مذكرة تفاهم مع معادن السعودية، أكبر شركة تعدين في منطقة الخليج العربي، لتقييم فرص الاستكشاف والتطوير في قطاع التعدين.
ومن المرجح أن تدعم اتفاقية التعاون بين مجموعة تداول السعودية وبورصة مسقط العلاقات المشتركة بين الجانبين من خلال تبادل الخبرات والمعلومات والعمل على تطوير السوق المالية في البلدين في مجالات الإدراج المزدوج للشركات في البلدين.
وإلى جانب ذلك العمل على تعزيز الشراكات في التكنولوجيا المالية ومشاركة البحوث والبيانات، وأيضا مجالات الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والفعاليات المشتركة.
وفي القطاع العقاري، ستقود شركتا دار الأركان السعودية ونظيرتها عمران العُمانية خطط التعاون في هذا المجال من خلال إطلاق مشاريع ضخمة.
وستطلق الشركتان بموجب الاتفاقية المبرمة بينهما مشروع إسكان فاخر ومميز يحتوي على وحدات سكنية وفندقية وضيافة على مساحة 3.5 مليون متر مربع في شاطئ يتي بمسقط، وتقدر مدة تنفيذ المشروع بعشر سنوات، وتفوق قيمة البيع المتوقعة 2.1 مليار دولار.
وحاليا، يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في عُمان قرابة 6.4 مليار دولار، في قطاعات حيوية مختلفة مثل البتروكيمياويات والرعاية الصحية والطاقة المتجددة وخدمات الأعمال والأغذية والنقل والتخزين والتطوير العمراني وغيرها.
وفي المقابل، تصل الاستثمارات العمانية في السعودية إلى قرابة 1.2 مليار دولار تشمل المواد الكيميائية والأغذية والخدمات المالية والنقل والتخزين وخدمات صناعة الزيت والغاز.