اتفاق على توحيد مصرف ليبيا المركزي بعد سنوات من الانقسام

طرابلس - أعلن فرعا مصرف ليبيا المركزي المتنافسان الاثنين أنهما توصلا إلى اتفاق لتوحيدهما بعد سبع سنوات من الانقسام، فيما عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة له بشأن ليبيا، حيث ستقيم لقيادة جهود الوساطة في ليبيا.
وفي خطوة هي الأهم لتوحيد مصرف ليبيا المركزي، اجتمع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير ومقره طرابلس (غرب) ونائب المحافظ علي سالم الحبري الذي يترأس فرع البيضاء (شرق) الاثنين، "للاتفاق على خطة مفصلة لإطلاق عملية توحيد المصرف المركزي"، وفق بيان صادر عن المؤسسة في طرابلس.
وتمت مناقشة مراحل التوحيد وفق خارطة الطريق المقترحة من قبل شركة الخدمات المهنية الدولية ديلويت، إبان إنجاز عملية المراجعة المالية الدولية للمصرف المركزي في شهر يوليو الماضي، حيث "تم التوافق على مسارات العمل والفرق الفنية المعنية بتنفيذ عملية التوحيد".
واختتم الاجتماع الذي شاركت فيه شركة ديلويت، بعد أن تمت دعوتها لتقديم المشورة الفنية والدعم، باتفاق المحافظ ونائب المحافظ على إطلاق عملية التوحيد بشكل فعلي، مؤكدين التزامهما مواصلة التقدم لتحقيق الأهداف المرجوة من توحيد مصرف ليبيا المركزي.
ومصرف ليبيا المركزي منقسم منذ عام 2014 على غرار مؤسسات الدولة الأخرى، نتيجة الصراع على السلطة بين الأطراف السياسية المتنافسة.
وأدت الخصومات السياسية التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 إلى توسيع الهوة بين غرب البلاد، حيث المقر الرئيسي لمصرف ليبيا المركزي الذي يدير بشكل خاص إيرادات النفط، وشرقها حيث يقع الفرع الآخر.
كما أدى وجود فرعين متنافسين إلى عرقلة تنفيذ سياسة نقدية واحدة، في حين انخفض الدينار بشكل كبير منذ ثورة 2011.
وفي يوليو 2020، أعلنت الأمم المتحدة أنها أنجزت عملية التهيئة لإطلاق تدقيق دولي مستقل في الفرعين، في تطوّر يعتبر خطوة رئيسية على طريق إعادة التوحيد.
وتسبب الانقسام بين شرق ليبيا وغربها في خسائر مالية كبيرة، مع ارتفاع حاد في التضخم والدين العام إلى أكثر من 100 مليار دولار، وفقا لمصرف ليبيا المركزي.
ومن شأن توحيد مصرف مركزي أن يؤدي إلى تحسين الاقتصاد وزيادة الاستثمار الأجنبي وتحقيق الرخاء للشعب الليبي، وذلك بعد الخطوة التي أعلنت عنها المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في سبتمبر الماضي بالإنهاء الكامل للانقسام النفطي، من خلال دمج وتعيين جميع موظفي المؤسسة الموازية في المؤسسة الشرعية والشركات التابعة لها.
وأعلنت الأمم المتحدة الاثنين تعيين وليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا حيث ستقيم، بعد الاستقالة المفاجئة في نهاية نوفمبر للمبعوث الأممي يان كوبيتش قبل شهر على استحقاق انتخابات رئاسية حاسمة في هذا البلد.
وشغلت هذه الدبلوماسية التي تجيد العربية، مؤقتا منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا في جنيف في العام 2020 بعدما كانت المسؤولة الثانية في بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بين العامين 2018 و2020. والعام الماضي ساهمت وليامز في تحقيق تقدم في عملية السلام في ليبيا مرات عدة.
ويجنب هذا التعيين الذي يدخل ضمن صلاحيات غوتيريش ولا يتطلب موافقة رسمية من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر خلافا لمنصب المبعوث، الأمم المتحدة فراغا محرجا مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر التي يفترض أن تطوي صفحة الحرب التي دامت عشر سنوات.
وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن "تعيين وليامز مستشارة خاصة يضمن وجود قيادة 'أممية' خلال شهر ديسمبر الدقيق للغاية".
وأضاف "سيكون مقرها في طرابلس وستبدأ عملها في الأيام المقبلة"، ملمحا إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض اقتراح يان كوبيتش الذي ينتهي عقده في العاشر من ديسمبر للبقاء في منصبه خلال فترة الانتخابات.
وجاء في بيان للأمم المتحدة "ستقود جهود المساعي الحميدة والوساطة مع الأطراف الليبية والإقليمية والدولية من أجل مواصلة تنفيذ المكونات الثلاثة للحوار الليبي، السياسي والأمني والاقتصادي ودعم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية".
واعتبر سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل أن "تعيين وليامز في المنصب الجديد، سيكون مفتاحا لنجاح العملية السياسية لصالح الشعب الليبي".
وقال ساباديل في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر إنه يتطلع إلى العمل مع وليامز "التي أثبتت التزامها وتفانيها بدعم استقرار ليبيا"، متمنيا لها كل التوفيق في أداء مهمتها لما فيه الخير لليبيا وكل أبنائها.
وجاء تعيين وليامز بعد استقالة رفعها الوزير السلوفاكي السابق يان كوبيتش المفاجئة في السابع عشر من نوفمبر الماضي إلى غوتيريش، وظلت الاستقالة سرية حتى قبلها الأمين العام في الثالث والعشرين من نوفمبر من دون أن تقدم الأمم المتحدة على تبريرها.
وأفاد دبلوماسيون بأن كوبيتش يرفض منذ الصيف نقل منصبه من جنيف إلى طرابلس كما هو مخطط لعام 2022. وكانت العلاقة بينه وبين غوتيريش وصلت إلى "القطيعة" و"لم يعد بإمكانهما العمل معا"، على حد قول أحدهم، من دون أن يتمكن من تحديد السبب وراء هذا القرار المفاجئ قبل شهر على الانتخابات الرئاسية في ليبيا.
كما جاء تعيين وليامز في المنصب الجديد بعد تعذر تعيينها ممثلة خاصة للأمين العام ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسبب معارضة روسيا لهذا التعيين، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.