سعي الزوجة لتغيير شخصية زوجها منفذ تتسلل منه الكراهية إلى العلاقة الزوجية

يشير علماء الاجتماع ومستشارو العلاقات الزوجية إلى صعوبة مهمة تغيير شخصية الزوج أو سلوكه السيء، ويؤكدون أن الكثير من الأزواج يرفضون أن يكونوا موضعا للنقد من قبل زوجاتهم. ويرى الخبراء أنه من الأفضل أن تقوم الزوجة بوضع خطة جيدة، يكون أساسها الحب والإخلاص والرغبة في إظهار الزوج في أفضل حالاته.
غزة ـ يؤكد مستشارو العلاقات الزوجية أن الكراهية والمشاعر السلبية لا تأتي فجأة، فهي ليست مثل الحب الذي يأتي من النظرة الأولى، ويشيرون إلى أن السعي الدائم وراء تغيير شخصية الزوج أولى الخطوات لجعل الكراهية تتسلل إلى الحياة الزوجية ما يجعل الزوج ينفر من زوجته.
وقال المختصون إن محاولة تغيير سلوك شخص آخر ليست هدفا جيدا أو صحيا، مؤكدين أنه ليس من العدل مضايقة شريك الحياة باستمرار لجعله يقوم بالأشياء على الطريقة التي يرغب فيها شريكه، وقالوا “إذا حاولت تغيير شخص ما، فإنك تخاطر بسحب بعض الأشياء التي جذبتك إليه في المقام الأول، وفي الحقيقة الشخص الوحيد الذي يمكننا تغييره هو أنفسنا”.
وأوضحوا أن الكثير من الأزواج يرفضون أن يكونوا موضعا للنقد من قبل زوجاتهم، لذا تسيطر عليهم مشاعر الغضب والإزعاج والعناد إذا عبرت لهم زوجاتهم عن عدم تقبلهن لأي صفة أو جانب معين في شخصيتهم، ولا ينتهي أي نقاش بينهم إلا بمشكلة جديدة، مشددين على ضرورة أن يقرر شريك الحياة بنفسه ما إذا كان يريد التغيير لصالح الطرفين، كما قد يحتاج إلى القيام به في أوقات أخرى.
وقالت آن زيف مؤلفة كتاب “الزواج الجيد”، ” لا أحد يتغير بعد الزواج، علينا التسليم بذلك”. وأضافت أنه على الشخص أن يسعى إلى تغيير نفسه وليس إلى تغيير الطرف الآخر، مشيرة إلى أن السعي الدائم وراء تغيير شخصية الزوج يشعره بأنه ليس مهمّا في ذاته، كما أن انتقاد الزوج باستمرار على أشياء لا يراها مؤثرة، قد يدفعه إلى كراهية الزوجة دائمة النقد.
محاولة تغيير سلوك شخص آخر ليست هدفا جيدا أو صحيا، كما أنه ليس من العدل مضايقة شريك الحياة باستمرار
ويعتبر الاختلاف في الطباع والسلوكيات من الأمور العادية التي تعترض الأزواج في حياتهم الأسرية، إلا أن هذه الاختلافات قد تتفاقم وتتطور. ونصح المختصون بالتركيز على تحسين العلاقة، لأن التغيير بسبب الإلحاح أو الحب يكون وقتيا، فبدلا من التركيز على تغيير بعض الصفات لدى الشريك يفضل التركيز على كيفية التأقلم مع هذه الصفات أو عدم تأثيرها على العلاقة.
وقد تكون طباع الزوج السيئة الشغل الشاغل للزوجة بعد الزواج في الكثير من الزيجات، ونسبة نجاحها في تغييرها تتوقف على خطورة العادة السيئة عند الزوج، بمعنى مدى تملكها منه.
كما أن شخصية الزوجين ومدى التقارب الروحي بينهما ومدى حب الزوج لزوجته، عوامل من شأنها أن تعكس مدى نجاح الزوجة في تغيير طباع زوجها. ويرى الخبراء أن تغيير طباع الزوج السيئة، ليس بالأمر الهين، فليست كل امرأة قادرة على ذلك، لأنه فن يحتاج إلى إتقان وبروتوكول خاص في التعامل مع الزوج.
وحتى تزيد احتمالات نجاح الزوجة في تغيير طباع زوجها السيئة عليها أن تكون صبورة للغاية، فما نشأ عليه الزوج منذ صغره وكبر معه في كل مرحلة عمرية مر بها، لن يختفي بسهولة ويسر، فالأمر يحتاج إلى صبر وعزيمة وقوة إرادة. وحسب الخبراء، من الأفضل أن تقوم الزوجة بوضع خطة جيدة يكون أساسها الحب والإخلاص والرغبة في إظهار الزوج في أفضل حالاته وبأجمل العادات والصفات.
ولا يعني الاستغلال هنا أمرا سيئا، فقد يكون أمرا إيجابيا للغاية، فاستغلال حب الزوج لزوجته له دور كبير في تغيير طباع الزوج السيئة، ذلك لأن الزوج المحب لزوجته سيكون عونا لها في تحقيق ما ترغب، كما أنه لن يسيء فهم زوجته عندما يشعر بمحاولاتها في تغييره، لأنه يعلم أنها تريد الأفضل له ولحياتهما معا.

ومن الأمور التي تجدي نفعا كبيرا في إشكالية تغيير طباع الزوج السيئة، أن تقوم الزوجة بمساعدة زوجها في تعزيز ثقته بنفسه، لذا عليها أن تمنحه كل الحب والتقدير والاحترام والاهتمام، وأن تقوم بمدحه دوما، فلذلك كله كبير الأثر على تعزيز ثقته بنفسه، وخلق رغبة قوية داخله لتغيير ما به من طباع سيئة.
وأكدت الفلسطينية سناء الدويكات أن دور الزوجة لا يقتصر على تقديم النُصح للزوج، وإخباره بالصفات الواجب تغييرها، بل يجب عليها أن تقف إلى جانبه، وتدعمّه للتغيير، فلا تلومه أو تتحدث معه بشكل غير مُهذّب يُسيء له أو يجرح مشاعره، وبالمقابل تحاول قدر الإمكان أن تُعبّر له عن حُبّها وتقبّلها له، لكنها ترغب برؤيته الزوج الأفضل والأب المثاليّ الصالح الذي يقتدي به أبناؤه.
مضيفة أنه عليها أن ترفع من معنوياته، خاصة عندما يشعر بالإحباط أو بصعوبة الأمر، فتشحذ عزيمته، وتحثّه على الصبر والمثابرة، وتزيد من ثقته بنفسه وقدرته على تغيير الصفات السلبيّة، وتُبيّن له مدى فخرها به وثقتها بخطواته الثابتة وقدرته على التقدّم والإصلاح.
وتوصلت دراسة حديثة إلى أن بعض الزوجات يصدمن بأزواج مصرين على سلوكياتهم، مدافعين عنها، وآخرين يتقبلون التغيير ويظهر التغيير عليهم أكثر من مرة، لكنهم بعد فترة يرتدون إلى سلوكهم القديم، رغم أن المرأة في كل ما تفعله تعبر عن حبها وإخلاصها، وليس من باب التحكم أو السيطرة، بدليل أنها كلما حاولت أكثر كانت مقاومة الزوج أكبر.
وأكد أخصائيو العلاقات الأسرية والاجتماعية أن الرجل الشرقي يحتاج إلى أن تقبله زوجته بغض النظر عن عيوبه، وأفضل أسلوب لمساعدته لكي يتطور نحو ما تريد، هو التخلي عن محاولة تغييره بأي شكل.
وفي حال كان الزوج عنيدا ويرفض تغير سلوكه ويرفض الاستماع لزوجته، أو تقبّل نقدها، تنصح الدويكات الزوجة بالسيطرة على انفعالاتها، وردود أفعالها عند إجراء الحوار معه، حيث أن الحديث مع شخص عنيد قد يُسبب الغضب، ويحتاج إلى ضبط الأعصاب.
كما تنصحها بتجنُب إلقاء اللوم عليه وإخباره بأنّه المُخطئ، بل استخدام الذكاء والحنكة والهدوء، تماما كلعب الشطرنج الذي يتم بالصبر والتحركات الذكيّة، وجعله يسقط بالأدلة والبراهين القويّة التي تُرغمه على الاعتراف بالخطأ، وبضرورة التغيير. وكذلك اختيار التوقيت المُناسب للحديث مع الزوج، فلا تتحدث الزوجة معه فور عودته مُتعبا من العمل، أو عند انشغاله، بل تُهيئ له الظروف والمكان المُناسب لإجراء نقاش هادف، تحصد ثماره عند إقناعه بالتغيير بالنهاية.