الجزائر تستنجد بالبنك الأوروبي للإعمار لتصحيح الاختلال التنموي

الجزائر - استنجدت الجزائر بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار لتصحيح الاختلال التنموي في ظل المعايير القديمة مقارنة بمنافسيها في دول الجوار مثل المغرب وتونس، في محاولة أخرى من الحكومة لدفع عجلة الاقتصاد المعتمد على النفط بشكل مفرط.
ودعا الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبدالرحمن خلال مباحثات مع رئيسة البنك الأوروبي للإعمار أوديل رونو باسو إلى “وضع خبرة البنك في خدمة الجزائر لمساعدتها في تحقيق الهدف الرامي إلى تنويع الاقتصاد”.
وتسعى الجزائر لاستثمار عضويتها في المؤسسة المالية الأوروبية من أجل النهوض على وجه التحديد بالقطاع الخاص وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويشكو الاقتصاد الجزائري من أزمة هيكلية مزمنة نتيجة ارتباطه العضوي بالصناعة النفطية التي تمثل العمود الفقري للنمو منذ عقود. وتعتمد الحكومة على مبيعات النفط والغاز في تحصيل 95 في المئة من إيراداتها من العملة الأجنبية.
وتمتد قائمة التحديات التي تواجه المسؤولين من معالجة البطالة وتنويع مصادر الدخل ودعم القطاع الخاص إلى تعزيز الاستثمارات المحلية والخارجية وتصحيح الاختلالات المالية من أجل تحسين الظروف المعيشية للسكان.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن بن عبدالرحمن قوله إن “المحاور الكبرى للمخطط الجديد لعمل الحكومة، الذي يشكل نظرة استراتيجية شاملة لتنمية البلاد في السنوات القادمة ستؤسس لنموذج اقتصادي يعتبر طموحا أوليا لبلوغ التنويع في موارد الدولة”.
وأوضح أن الجزائر أطلقت ورشات طموحة لإحداث إصلاحات هيكلية، لاسيما في “ميدان الجباية والميزانية والتي تعتبر أولى نتائجها مشجعة جدا”، مؤكدا على جهود الحكومة لحشد أكبر قدر من الموارد، خاصة من خلال الشمول الجبائي والمالي.

أيمن بن عبدالرحمن: نعول على خبرات البنك لخدمة الإصلاحات الاقتصادية
ويكشف الواقع المالي للجزائر مدى هشاشة خطط الإصلاح التي تنوي الحكومة القيام بها لتنويع الإيرادات حيث لا يوجد ما يوحي بأنها تسارع الخطى نحو ترتيب الفوضى الاقتصادية رغم إدراك المسؤولين بأن تحسين المؤشرات السلبية يحتاج إلى بعض الوقت.
ووضعت الأزمة المالية للبلد السلطات في موقف دفاعي مليء بالصعوبات قبل إحداث هزة في اقتصاد طارد للاستثمار بسبب القوانين البالية، بعد اتساع مخاطر استمرار الاعتماد على عوائد صادرات النفط والغاز.
وأبدت باسو استعداد البنك الأوروبي للإعمار لدعم “الجزائر في جهودها التنموية ولاسيما في المجالات التي يتمتع فيها البنك بالخبرة والميزة المقارنة، على غرار تطوير القطاع الخاص وتعزيز التحول الأخضر والطاقات المتجددة وكذلك تطوير الشمول المالي”.
وحتى تتمكن من إقناع المستثمرين بجدوى خططها الإصلاحية، تستهدف الجزائر تحديث النظام المصرفي والمالي الذي ظل بعيدا عن المساهمة في التنمية، وإصلاح القطاع العام وحوكمة المؤسسات الحكومية وتعزيز دمج السوق الموازية ضمن الاقتصاد الرسمي.
وإلى جانب ذلك، تعكف على وضع خطط تُسهل دعم نشاط التطوير العقاري وتحسين استغلاله، وأيضا العمل على النهوض بصناعة الأدوية وتعزيز مساهمة القطاع وزيادة الإنتاج المحلي.
وترفض السلطات اللجوء إلى صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على خط ائتماني حتى يساعدها على مواجهة الأزمة المالية في ظل محدودية عائدات النفط والغاز حتى مع عودة الأسعار إلى الارتفاع.
وكان رئيس الوزراء السابق عبدالعزيز جراد قال في يناير الماضي إن بلاده “رفضت التوجه إلى صندوق النقد الدولي لطلب قروض مالية حماية لسيادتها وقرارها”.
وجاء الاجتماع بين بن عبدالرحمن وباسو عقب انضمام الجزائر مؤخرا إلى عضوية البنك، ومثل فرصة للتباحث حول سبل التعاون الممكنة بين الطرفين وتبادل وجهات النظر حول الكيفيات التي تسمح للبلد العضو في منظمة أوبك بإتمام عملية العضوية.
وبهذه الخطوة تنضم الجزائر إلى خمس دول أخرى مساهمة في البنك في منطقة جنوب وشرق المتوسط وهي مصر والأردن والمغرب وتونس ولبنان، لتصبح المساهم الثالث والسّبعين في المؤسسة المالية بعد استكمال إجراءات عضويتها في أكتوبر الماضي.
ويقدم البنك لهذه الدول العربية الدعم في الإصلاحات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية والتنموية ويستثمر فيها منذ العام 2012.
وتظهر بيانات البنك أنه استثمر نحو 15 مليار يورو في قرابة 305 مشاريع في جنوب وشرق المتوسط في الموارد الطبيعية والقطاع المصرفي والصناعات الغذائية والخدمات، علاوة على مشاريع البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي وتطوير النقل.
وتعرض الاقتصاد الجزائري لهزة عنيفة خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط، ما نتج عنه عجز تاريخي في موازنة 2021، والمتوقع أن يبلغ 22 مليار دولار.
ويقول خبراء إن الأزمة المزدوجة دفعت بالسلطات إلى تقليص الإنفاق الحكومي بواقع النصف تقريبا وتجميد العديد من المشاريع في عدة قطاعات.