إيران تكثف قدرتها على تخصيب اليورانيوم وتتفاوض في فيينا

فيينا - دعت إسرائيل الخميس القوى العالمية إلى وقف المفاوضات النووية مع إيران على الفور، مشيرة إلى إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران بدأت إنتاج اليورانيوم المخصب بأجهزة طرد مركزي أكثر تطورا.
ونقل مكتب رئيس الوزراء نفتالي بينيت عنه القول خلال اتصال مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "إيران تمارس الابتزاز النووي كأسلوب للتفاوض، ويتعين الرد على هذا بوقف المفاوضات على الفور واتخاذ خطوات صارمة من جانب القوى العالمية".
وتأتي تصريحات بينيت في وقت تعتزم الحكومة الإسرائيلية إنفاق المليارات من الشواكل لشراء أسلحة، استعدادا لشن هجوم عسكري على إيران، بهدف تعطيل برنامجها النووي.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الخميس إن تل أبيب رصدت مبلغا بقيمة خمسة مليارات شيكل (نحو 1.56 مليار دولار) لشراء صواريخ اعتراضية لبطاريات منظومة الدفاع الجوي المعروفة باسم القبة الحديدية، إلى جانب ذخائر دقيقة ومتعددة لسلاح الجو الإسرائيلي.
ولفتت إلى أن قيمة المبلغ المذكورة تم الكشف عنها ضمن وثيقة رسمية مصنفة "سري للغاية" تحت عنوان "الدائرة الثالثة"، دون تفاصيل أكثر من ذلك، بخصوص تلك الوثيقة السرية، أو الجهة التي سوف تشتري منها الحكومة الإسرائيلية تلك الأسلحة.
وأكدت الصحيفة العبرية أن الجهات السيادية في تل أبيب، متشائمة للغاية إزاء ما ستفرزه المحادثات النووية بين الدول العظمى وإيران في فيينا.
ويأتي ذلك، فيما قال كبير المفاوضين النوويين الإيراني علي باقري كني الخميس إن بلاده قدمت للقوى الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مسودتين بشأن رفع العقوبات والالتزامات النووية، في إطار سعي القوى العالمية وطهران لإحياء الاتفاق.
وقال علي باقري كني للصحافيين في فيينا "قدمنا لهم مسودتي مقترحين... يحتاجون بالطبع إلى دراسة فحص النصوص التي قدمناها لهم. إذا كانوا مستعدين لاستكمال المحادثات، نحن في فيينا لاستكمالها".
وأكد دبلوماسي أوروبي في فيينا تسليم المسودتين.
وجاء الإعلان عن ذلك في اليوم الرابع من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن عودة البلدين إلى الامتثال الكامل لشروط الاتفاق. واستؤنفت المحادثات بعد توقف دام خمسة أشهر بسبب انتخاب إبراهيم رئيسي، وهو سياسي من غلاة المحافظين، رئيسا جديدا لإيران.
وفي وقت سابق الأربعاء، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت إنتاج اليورانيوم المخصب باستخدام المزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة في منشأة فوردو المبنية داخل جبل، مما يقوض بدرجة أكبر الاتفاق النووي لعام 2015 أثناء محادثات إيران مع الغرب لإحيائه.
ويخشى المفاوضون الغربيون من أن تخلق إيران حقائق على الأرض لزيادة أوراق الضغط التي تملكها أثناء المحادثات.
وفي ثالث أيام المحادثات، قالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إن إيران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 20 في المئة في سلسلة واحدة تتألف من 166 جهاز طرد مركزي من طراز آي.آر - 6 في موقع فوردو. وكفاءة هذه الأجهزة أعلى بكثير من أجهزة الجيل الأول آي.آر - 1.
ومما يؤكد تقويض الاتفاق بدرجة أكبر هو أنه لا يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم في فوردو على الإطلاق. وحتى الآن كانت إيران تنتج اليورانيوم المخصب هناك بأجهزة آي.آر - 1، وكانت استخدمت من قبل أجهزة آي.آر - 6، لكن لم تحتفظ بالمنتج.
وقالت الوكالة الدولية في بيان إن لدى إيران 94 جهازا من طراز آي.آر - 6 مثبتة في سلسلة في فوردو لم تعمل بعد.
وذكر تقرير أشمل للوكالة أنه نتيجة لتحرك إيران، فإن الوكالة تعتزم تكثيف عمليات التفتيش في محطة فوردو لتخصيب الوقود التي تضم أجهزة الطرد المركزي، لكن التفاصيل لا تزال بحاجة إلى توضيح.
وقللت إيران من شأن التقرير باعتباره تقريرا روتينيا، على الرغم من أن وكالة الطاقة الذرية تصدر تقاريرها عادة لإبراز التطورات المهمة، مثل الانتهاكات الجديدة للقيود النووية التي ينص عليها الاتفاق.
وكتبت بعثة إيران الدائمة لدى منظمات الأمم المتحدة في فيينا على تويتر، "التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأنشطة النووية الإيرانية، هو مجرد متابعة اعتيادية لآخر المستجدات بما يتماشى مع عملية التحقق المنتظمة في إيران".
لكن مدير عام الوكالة رفائيل غروسي أوضح أنه ينظر إلى هذا التطور بعين القلق.
وقال غروسي لتلفزيون "فرانس 24" الفرنسي "هذا (زيادة مستوى التخصيب) يعاود دق جرس الإنذار. الأمر ليس عاديا. إيران يمكنها فعله، لكن إذا كان لديك هذا الطموح فعليك بقبول التفتيش. إنه ضروري".
وتحاول إيران والقوى الكبرى إحياء اتفاق 2015 النووي الذي حدت إيران بموجبه من أنشطتها النووية مقابل الإعفاء من العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018 وعاود فرض عقوبات بلاده القاسية، مما أثار غضب إيران واستياء أطراف الاتفاق الأخرى، بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.
ولم تحرز المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن تقدما ملحوظا. وتتنقل الأطراف الأخرى بينهما لرفض إيران لقاء مسؤولين أميركيين.
واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة الأربعاء إسرائيل "بترويج أكاذيب" بهدف إفساد المحادثات.
وقال زادة على تويتر "النظام الإسرائيلي الذي يعتمد وجوده على التوتر، عاد إلى ذلك، ويروّج أكاذيب من أجل تسميم محادثات فيينا"، دون أن يوضح التعليقات الإسرائيلية التي يقصدها.
وذكر مراسل لمؤسسة أكسيوس الإخبارية الأميركية يعمل انطلاقا من تل أبيب، أن إسرائيل أطلعت واشنطن وحلفاء أوروبيين على معلومات مخابرات تشير إلى أن إيران تتخذ إجراءات فنية للإعداد لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 90 في المئة، وهو المستوى اللازم لصنع سلاح نووي، فيما تقول إيران إن برنامجها للأغراض السلمية فحسب.