صراع النفوذ يشتد بين إيران وروسيا في شمال سوريا

القامشلي (سوريا) - يطرح استئناف حزب الله اللبناني تدريب ميليشيات نظام الرئيس بشار الأسد في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا بعد انقطاع دام أكثر من سبعة أشهر، تساؤلات بشأن الدوافع والتوقيت والمتغيرات الميدانية التي دفعت إلى مثل هذه الخطوة.
ويقول محللون إن استئناف تدريب الميليشيات يعكس عودة صراع النفوذ بين إيران روسيا، في وقت تراجعت فيه ميليشيات إيران، وهو ما يقوض حضور طهران ويسحب منها أوراق المساومة في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تتواجد فيها قوات الولايات المتحدة.
وتشهد المنطقة صراعا خفيا على النفوذ بين الجانبين، وقد زادت وتيرته مؤخرا عقب إرسال الروس تعزيزات كبيرة إلى مطار القامشلي الدولي، وإبعادهم عناصر ميليشيا حزب الله اللبنانية من محيطه.
إذا سحبت واشنطن المزيد من القوات من شرق سوريا، فإن التنافس الإيراني - الروسي قد ينتقل إلى مواجهات مسلحة
ووفقا لمصادر سياسية، أرسلت ميليشيا حزب الله نحو مئتين من عناصرها إلى المطار مطلع الشهر الجاري، لكن القوات الروسية طردت عناصر الحزب من المطار بعد أيام على وصولها.
وعقب تلك الخطوة زاد حزب الله من تدريباته لعناصر ميليشيا “الدفاع الوطني” التابعة لنظام الأسد والمعروفة بالشبيحة، فيما شرعت القوات الروسية في تشكيل فصيل جديد تابع لها من العناصر المحلية بالمنطقة تحت مسمى “مهام الدفاع”.
وتعتبر ميليشيا “الدفاع الوطني” في محافظة الحسكة، أضعف التشكيلات العسكرية والأقل تسليحا وتمويلا، فمنذ منتصف عام 2020 وحتى مطلع عام 2021، لم يصرف النظام السوري رواتب عناصر تلك القوات والتي لا تتجاوز 20 دولارا شهريا، ما اعتبره قادة تلك الميليشيات تخلي النظام عنهم.
وفي مارس 2021 بدأت إيران العمل على كسب ولاء ميليشيات “الدفاع الوطني”، خاصة تلك المتواجدة في حي طي بمدينة القامشلي ومحافظة الحسكة، عبر عرض تمويل تلك الميليشيات وإعادة ترتيب صفوفها ودعمها ماديا وعسكريا، لتكون قوة قادرة على حماية مناطق نفوذها وتعمل على تنفيذ السياسات الإيرانية في المحافظة.
وبعد موافقة قادة “الدفاع الوطني” على العرض الإيراني، أرسلت إيران عناصر عسكرية مشرفة على عملية إعادة الهيكلية والتدريب، تولت تلك العناصر ترتيب مجموعات “الدفاع الوطني” تحت مسمى جديد أطلقته وهو “قوات المهام”، كما أدخلت في تلك القوات ميليشيا تسمى “أنصار الأمن العسكري”، تلك الميليشيا مشكلة من بعض العناصر العشائرية المتطوعة.
إيران تهدف من خلال دعم "الدفاع الوطني" إلى البحث عن موطئ قدم لها في محافظة الحسكة
وتهدف إيران من خلال دعم “الدفاع الوطني” إلى البحث عن موطئ قدم لها في محافظة الحسكة، وهذه ليست المحاولة الأولى لها، بل سبق أن حاولت تجنيد أبناء العشائر في محافظة الحسكة ونقلهم للقتال في صفوف ميليشياتها المنتشرة في المحافظات السورية، خاصة أبناء عشيرة الشرابيين وقبيلة البكارة، إذ تحاول إيران اللعب على انحدار تلك العشيرة من آل بيت النبي محمد لكسب ولائها.
وتعود أسباب الخلاف الروسي – الإيراني أيضا إلى عقد اتفاق بين الروس ووحدات حماية الشعب الكردية، يحظر بموجبه تحرك قوات النظام السوري في كل من الحسكة والقامشلي، إلا بإذن ومرافقة من عناصر الوحدات، وهو ما خلق حالة استياء في صفوف نظام الأسد وحزب الله الذي بدأ بتسليح أفراد الدفاع الوطني وضخ رواتبهم من جديد بعد انقطاع دام لأشهر.
وخلال الأشهر الماضية، اتخذت الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية في شرق سوريا خطوات توضح تنافسها مع بعضها البعض أكثر من أي رغبة في مواجهة القوات التي تقودها الولايات المتحدة في المنطقة.
وتشكلت منطقتا نفوذ على الجانب الغربي من نهر الفرات: الجزء الشمالي من محافظة دير الزور تديره عناصر من ميليشيا أسد – الفرقة الرابعة والفيلق الخامس الذي تسيطر عليه روسيا – بينما تهيمن بشكل متزايد القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية التابعة لها على المناطق الجنوبية من الميادين والبوكمال.
وإذا سحبت الولايات المتحدة المزيد من القوات من شرق سوريا، فإن هذا التنافس الإيراني – الروسي قد ينتقل إلى مواجهات مسلحة وسباق لاحتكار “غنائم الحرب” عبر النهر، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يؤثر ذلك على مصلحتهما المشتركة في الحفاظ على بقاء نظام أسد.