عون في قطر لضخ الاستثمارات في لبنان المشتعل بالاحتجاجات
متظاهرون غاضبون من تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية يغلقون الطرقات بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات والحجارة في مناطق مختلفة من البلاد.

بيروت - قال الرئيس اللبناني ميشال عون، إنه سيدعو قطر إلى تنفيذ استثمارات متعددة في بلاده، في محاولة لضخ سيولة جديدة تكون قادرة على مساعدة الدولة في النهوض مجددا، وذلك تزامنا مع اندلاع مظاهرات جديدة قُطعت خلالها الطرقات في مناطق مختلفة من لبنان احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتدهور قيمة العملة المحلية.
وذكر عون في تصريحات أوردتها صحيفة "الراية" القطرية أن "لا وجود لاستثمارات قطرية أساسية في لبنان.. علماً أن الأرض خصبة في الوقت الحاضر، وخلال زيارتي للدوحة سأدعو الأمير التوجيه للاستثمار في إعادة إعمار مرفأ بيروت".
وأشار الرئيس أن بلاده بحاجة إلى استثمارات قطرية في قطاعات عدة، "مثل الكهرباء والبنى التحتية، أضف إلى التوظيف المصرفي".
وتعاني لبنان منذ أكتوبر 2019، من أزمة سياسية واقتصادية متصاعدة، أدت إلى انهيار أسعار الصرف لمستويات قياسية في السوق السوداء عند 24 ألف ليرة للدولار، مقارنة مع 1510 وفق السعر الرسمي.
وتحدث عون عن بلورة خطة اقتصادية متكاملة من جانب الحكومة، تقوم على مبدأ التفاوض مع صندوق النقد الدولي وإجراء الإصلاحات الضرورية، وإعادة تنظيم قطاعات عدة منها القطاع المصرفي وضبط الإنفاق وترشيده.
ونوه إلى أن الخطة تهدف لمعالجة عديد أوجه القصور، "منها المديونية، التي هي أحد أبرز أسباب انهيار العملة الوطنية، وصولا إلى الانهيار الشامل".
وأضاف أن "أسباب الأزمة متعدّدة وتبدأ بالتبعات الكارثية للحرب السورية التي سدّت المنافذ البرية إلى دول الخليج العربي وعطلت حركة التصدير وأضرت بالاقتصاد اللبناني، وأغرقت لبنان بمليون و850 ألف نازح سوري".
وأفاد الرئيس عون أن تقديرات صندوق النقد الدولي تبين أن لبنان ينفق على النازحين المقيمين لديه، ما بين 3 و4 مليارات دولار سنوياً.
وتسعى قطر لدخول لبنان بقوة من بوابة ضخ الأموال والاستثمارات مستفيدة من ضوء أخضر لأغلب المتدخلين الإقليميين والفاعلين المحليين، خاصة حزب الله الذي سيجد نفسه مستفيدا من أي دور قطري مدعوم من إيران.
ويعول الرئيس اللبناني على الدعم القطري بعد الأزمة الدبلوماسية مع السعودية وبعض دول الخليج على خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي التي انتقد فيها تدخل المملكة في حرب اليمن، وأدت إلى سحب المملكة سفيرها وطرد السفير اللبناني ووقف كل الواردات اللبنانية إليها.
وسبق أن دخلت قطر على خط الأزمة الدبلوماسية كوسيط يسعى لتخفيف التصعيد بين السعودية ولبنان، لكنها لم تنجح في تحقيق أي اختراق لتمسك المملكة بموقفها الرافض لأي حوار في ظل هيمنة حزب الله.
ويبدو أن موقف السعودية تجاه لبنان الذي تعتبره بلدا تحت سيطرة مطلقة لحزب الله، دفع عون إلى التوجه إلى قطر التي نجحت في نسج علاقات مع جميع مكونات المشهد السياسي في لبنان بما في ذلك حزب الله الذي يبسط اليوم سيطرته على مفاصل القرار ويحمله الشارع الجزء الكبير من المسؤولية عمّا آل إليه وضع البلد.
ووصل عون إلى الدوحة الأحد تلبية لدعوة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للمشاركة في افتتاح فعاليات كأس العرب لكرة القدم- فيفا 2021، ولبحث تعزيز العلاقات الثنائية.
ومن المنتظر أن تشهد الزيارة كذلك مباحثات بين الزعيمين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في المجالات كافة، إلى جانب العمل على تفعيل اللجنة العليا المشتركة اللبنانية - القطرية.
وتزامنا مع زيارة عون إلى الدوحة، اندلعت احتجاجات جديدة في مناطق مختلفة من لبنان، أغلق خلالها المتظاهرون بعض الطرقات وأشعلوا النيران في إطارات سيارات احتجاجا على الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد وذلك بعد أيام من هبوط الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية جديدة.
وأقدم المحتجون على وضع حاويات النفايات، وبعض العوائق والحجارة في الطرق لمنع المواطنين من الوصول إلى أعمالهم.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام أن العديد من الطرق الرئيسية في العاصمة وفي لبنان تم إقفالها بـ"الإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، والعوائق والحجارة".
وتم إقفال طرق في وسط العاصمة بيروت، قرب مقرات حكومية، ومنها مبنى البرلمان اللبناني، والسراي الحكومي (مقر الحكومة).
وفي مدينة طرابلس شمالا، قطع محتجون بعض شوارع المدينة الرئيسية والفرعية بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات والحجارة، بالإضافة إلى ركن بعض السيارات والشاحنات وسط الطريق.
وشهدت شوارع طرابلس انتشارا كثيفا لعناصر الجيش، في وقت علقت فيه العديد من المدارس، الدوام، حفاظا على سلامة الطلاب.
وقطع المحتجون قطعوا طرقات رئيسية في مدينة صيدا (جنوب) بالإطارات المشتعلة احتجاجا على الأوضاع المعيشية والانقطاع المتواصل للكهرباء.
أما في البقاع (شرق) فقد أفادت غرفة التحكم المروري (الشرطة) في تغريدة عبر "تويتر"، عن قطع عدد من الطرقات في مدينة زحلة وشتورة احتجاجا على ارتفاع الأسعار.
وسجلت الليرة اللبنانية خلال الأسبوع الجاري هبوطا إضافيا، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد 25 ألف ليرة في السوق الموازية، بينما سعره الرسمي يبلغ 1515 ليرة.
ومنذ أكثر من عامين، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي واحدة من بين 3 أسوأ أزمات اقتصادية في العالم، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وارتفاع بمعدلات الفقر والبطالة.