استبعاد محتمل لحفتر وسيف الإسلام يفتح طريق الرئاسة لباشاغا ومنافسيه

وزير الداخلية الليبي السابق يعلن رسميا دخوله السباق الانتخابي.
الجمعة 2021/11/19
منعرج جديد في مسار الانتخابات

يضع الاستبعاد المحتمل للقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي ابن العقيد الراحل معمر القذافي، وفق قانون الترشح للرئاسة شخصيات سياسية جديدة في طريق مفتوح في جولات السباق الرئاسي بالبلاد، على غرار وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا.

طرابلس - يجد وزير الداخلية السابق في ليبيا فتحي باشاغا نفسه في طريق مفتوح أمام الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، في ظل توقعات عن استبعاد محتمل لأبرز المرشحين وفي مقدمتهم القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي ابن العقيد الراحل معمر القذافي.

وترشح باشاغا الخميس رسميا للانتخابات الرئاسية وقدم أوراق ترشيحه إلى مكتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس.

وبالموازاة مع ذلك، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا إحالة القائمة الأولى من طلبات المواطنين المتقدمين للترشح لانتخاب رئيس الدولة، التي احتوت على بيانات عشرة مرشحين، إلى كل من النائب العام وجهاز المباحث الجنائية والإدارة العامة للجوازات والجنسية.

وأكدت المفوضية في بيان صحافي الخميس أن إحالة هذه الأسماء إلى الجهات المختصة “عملا بالقانون رقم (1) لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته، وتعديلاته، الذي يشترط على المرشح: ألا يكون محكوما عليه نهائيا في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، وألا يحمل جنسية دولة أخرى عند ترشحه”.

وأشارت إلى أن هذا الإجراء يأتي “في إطار حرص المفوضية على تطبيق القانون، والتأكد من توفر شروط الترشح في الطلبات المقدمة بهدف إضفاء المزيد من الشفافية على إجراءات العملية الانتخابية”.

ويرى متابعون للشأن السياسي في ليبيا أن إحالة مفوضية الانتخابات للترشحات على القضاء  ستقود بالضرورة إلى استبعاد حفتر وسيف الإسلام القذافي من السباق الرئاسي، وهو ما يفسح المجال أمام باشاغا ومنافسيه حيث تتواتر الأنباء بشأن إمكانية ترشح الدكتور محمد أحمد الشريف المحسوب على نظام القذافي ويتوقع مراقبون فوزه في حال ترشحه.

منتصر الشريف: فتحي باشاغا سيكون في طريق مفتوح أمام السباق الرئاسي

وكان الإعلامي الليبي محمود شمام قد توقع ترشح الشريف وقال في تدوينة “شخصيا أتوقع أن يكون الدكتور الشريف مفاجأة الشوط الأول من السباق ولا أستغرب أن تكون معركة الجولة الثانية بينه وبين باشاغا”.

ويتمتع باشاغا بعلاقات قوية مع دوائر أميركية نافذة في السلطة وهو ما أثبتته زيارته إلى واشنطن في نهاية العام 2019 والتي نجحت في تغيير الموقف الأميركي من الهجوم الذي شنه الجيش بقيادة حفتر على طرابلس من موقف محايد إلى رافض حيث أحسن استخدام ورقة استعانة الجيش بمرتزقة فاغنر الروس.

ويقول بعض المراقبين إن باشاغا هو المرشح الذي تراهن عليه الولايات المتحدة لقيادة ليبيا ويستندون في هذا الاستنتاج على دعم المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز غير المباشر له خلال جولات الحوار التي أفضت إلى انتخاب عبدالحميد الدبيبة رئيسا للحكومة في النهاية وسط اتهامات له بشراء أصوات أعضاء الملتقى وهي الاتهامات التي نفاها مرارا هو وعمه رجل الأعمال علي الدبيبة.

ولم يبدد فتح باب الترشحات والدعم الدولي الغموض بشأن مصير الانتخابات، خاصة بعد تصريحات الدبيبة برفض قانون الانتخابات وتلويحه بالترشح رغم عدم انطباق شروط الترشح عليه بسبب المادة 12 من القانون الانتخابي الذي أصدره البرلمان.

وتنص المادة 12 من قانون الانتخابات على أن “المرشح للرئاسة عليه أن يستقيل من عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات”.

وأفاد منتصر الشريف الخبير في الشأن الليبي أنه “في صورة تمسك الهيئة والجهات الرسمية بقانون المفوضية، في اعتقادي سيكون باشاغا مرشحا للرئاسة، وقد يكون الطريق أمامه مفتوحا، وهو مجرد وزير سابق سيربح بالانسحاب”.

وأضاف لـ”العرب” “ربما على هذا الأساس (استبعاد حفتر وسيف الإسلام)، ستؤجل الانتخابات لأن تنظيمها في هذه الظروف قد يحكم عليها بالفشل، أو ربما ستقام بين منافسين عاديين”.

وتابع “أي مرشّح ستكون له حظوظ في الرئاسة سيكون مرتبطا بالضرورة بالطابع القبلي”.

واعتبرت منظمة العفو الدولية أن ترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية يعكس “جوّا من الإفلات من العقاب في ليبيا”، مشيرة إلى أنه “مطلوب للتحقيق لارتكابه جرائم ضد الإنسانية”.

وقالت المنظمة في تدوينة عبر حسابها بموقع تويتر، إن القذافي الابن له دور “في القمع العنيف للتظاهرات ضد حكم أبيه في فبراير 2011، ويجب تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

وأضافت “حان الوقت لإنهاء الإفلات من العدالة للمُشتبه بارتكابهم جرائم بموجب القانون الدولي أو وجودهم في مواقع سلطة في ليبيا، فقد توفي كل من التهامي خالد ومحمود الورفلي المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية قبل مثولهما أمام العدالة، في 2021، حين كانا حرَّين طليقين”.

وأثار سيف الإسلام جدلا كبيرا بعد تقديم أوراق ترشحه بنفسه للانتخابات الرئاسية عبر مكتب الإدارة الانتخابية سبها الأحد، فيما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنه “استكمل جميع المسوغات القانونية بحسب القانون رقم (1) الصادر عن مجلس النواب بشأن انتخاب رئيس الدولة”.

محمود شمام: معركة الجولة الثانية قد تكون بين الشريف وباشاغا

وفي مايو الماضي قضت المحكمة العليا في ليبيا بإسقاط حكم الإعدام الصادر ضد سيف الإسلام وأمرت بإعادة المحاكمة، فيما جددت المحكمة الجنائية الدولية في الشهر ذاته طلب تسليم سيف بتهمة ارتكابه جرائم حرب.

والثلاثاء أعلن المشير حفتر الذي تنحى مؤقتا عن قيادة الجيش الوطني الليبي، عن ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية، متعهدا بالعمل على وحدة البلاد وإطلاق المصالحة.

وبرز حفتر في بداية انتفاضة 2011 التي شارك فيها للإطاحة بمعمر القذافي، وعاد إلى ليبيا في مارس 2011 بعد عشرين عاما في المنفى واستقر في بنغازي.

وقاد معارك عسكرية ضد مجموعات تابعة للقذافي أولا، ثم ضد مجموعات جهادية، ثم ضد قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني السابقة في ليبيا، قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أكتوبر 2020.

وبلغ عدد الأشخاص الذين ترشحوا للتنافس على منصب رئيس ليبيا خمسة عشر حتى الآن، بحسب مفوضية الانتخابات بينهم سيف الإسلام ابن العقيد معمر القذافي والمشير حفتر الرجل القوي في شرق البلاد.

وكان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح (77 عاما) أعلن مساء الأربعاء ترشحه للانتخابات المقررة بعد أقل من أربعين يوما، لكنه لم يقدم بعد أوراق ترشحه للمفوضية.

وفشل باشاغا (59 عاما) وهو طيار عسكري متقاعد، مطلع فبراير في جنيف، في سعيه لتولي رئاسة الحكومة الموحدة الجديدة التي ذهبت لمنافسه الدبيبة، بعد تداول اسمه على نطاق واسع.

ونجا قبل أيام من تسليم حكومة الوفاق السابقة السلطة للحكومة الجديدة من محاولة اغتيال غرب العاصمة طرابلس، ويعتبر لاعبا رئيسيا في مجلس مصراتة العسكري الذي تأسس أثناء الثورة قبل عشرة أعوام، وأنجز دورا بارزا في مفاوضات الصخيرات التي أقيمت بالمغرب في العام 2015 وانتهت باتفاق برعاية الأمم المتحدة.

وتعرف ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011 صراعا على السلطة لاسيما بين الشرق والغرب، مع هيمنة الميليشيات المسلحة، وتدخلات أجنبية.

وتمّ التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في أكتوبر من العام الماضي، وأفضى حوار سياسي بين الأطراف الليبية، برعاية أممية في جنيف في فبراير الماضي، إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة مهمتها التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر القادم.

ويشهد الاستحقاق الانتخابي في ليبيا معارضة شرسة خصوصا من ممثلي الإسلام السياسي، ويعتبر المجلس الأعلى للدولة، وهو بمثابة مجلس ثان في البرلمان، أكبر الرافضين للانتخابات.

وسبق أن اتهم رئيس مجلس النواب صالح بإصدار القوانين الانتخابية من دون التشاور معه، الأمر الذي نص عليه الاتفاق السياسي الذي يقتضي مشاركة المجلسين في صياغة هذه القوانين.

4