الشركات الصغيرة والمتوسطة في المغرب تسعى لمجاراة وتيرة التجارة الإلكترونية

تدفع التحولات التكنولوجية في إدارة الأنشطة الاقتصادية الشركات الصغيرة والمتوسطة في المغرب والتي كانت الجائحة أحد محفزاتها، إلى مجاراة التحول الرقمي للرفع من كفاءة أعمالها باعتبارها أحد محركات النمو التي تراهن عليها السلطات في تحقيق المزيد من العوائد، والمساعدة في تقليص معدلات البطالة في السوق المحلية.
الدار البيضاء - يحث المغرب الخطى باتجاه تعزيز رقمنة قطاع الأعمال حتى يكون إحدى الركائز الأساسية في التنمية، وهو ما يتجسد في احتضانه النسخة الثانية من برنامج تشرف عليه ميتا الأميركية لدعم أكثر من ألفي شركة صغيرة ومتوسطة بالبلاد في هذا المضمار.
ولا يخفي النمو السريع للتجارة الإلكترونية بالبلاد حجم التحديات المتعلقة بمخاوف المستهلكين من مدى متانة قواعد فرض الالتزامات بين البائعين والمشترين، في وقت برزت فيه خلال السنوات الماضية مسألة المخالفات والاحتيال بسبب ضعف المعايير التنظيمية.
ومع ذلك يبدو هناك إصرار كبير من المسؤولين على السير في هذا المجال، خاصة بعد أن أطلقت السلطات أواخر 2019 منصة رقمية موحدة لتحفيز الشركات الناشئة على الابتكار، عبر تسهيل دخولها إلى الأسواق العالمية والحصول على الخدمات المتعلقة بالمدفوعات والتحويلات المالية.
وتعمل الرباط على تحقيق استراتيجيتها في المجال الرقمي، تنطلق منها كافة مشاريع التنمية الرقمية لضمان تسريع الإنجاز والنجاعة، مع استحضار بعض المحاور الهامة كتطوير البنية التحتية الرقمية والاستغلال الأنسب للموارد والخدمات.

محمد الدريسي الملياني: مبادرة ميتا تنسجم مع التحولات الهيكلية للنموذج التنموي الجديد
وفي تحرك يؤكد رهان الحكومة على هذا القطاع في دعم النمو، تتعاون وكالة التنمية الرقمية المغربية مع ميتا للعام الثاني على التوالي، بعد نجاح تجربة العام الماضي، حيث تم تأهيل أكثر من 1700 شركة صغيرة ومتوسطة في ثماني مدن مغربية في جهات الدار البيضاء – سطات، والرباط سلا – القنيطرة، والداخلة، وسوس ماسة.
وتشير البيانات إلى أن 80 في المئة من تلك الشركات عززت أساليبها التسويقية عبر منصات فيسبوك وإنستغرام وواتسآب ومسنجر، إذ تم إعدادها جيدا بالمهارات الرقمية والتي ساعدتها في التفاعل مع العملاء وتنمية أعمالها.
ولإنجاح المهمة، ستتولى شركة ستارت آب فاكتوري المغربية مهمة تنفيذ برنامج “بوست ويذ فيسبوك” (تعزيز مع فيسبوك)، وستعمل عن كثب مع وكالة التنمية الرقمية لتعزيز حضور البرنامج في جميع أنحاء المغرب، وكذلك القطاعات والمجتمعات الرئيسية في مختلف المناطق الجهوية، كجزء من مهمتها لتعزيز التقنيات والابتكار في البلاد.
ويتألف برنامج هذا العام من مسارات تعليمية متنوعة تتضمن مقدمة حول منتجات وأدوات ميتا، والاستعداد لبناء حضور تفاعلي عبر الإنترنت، وتنمية النشاط التجاري باستخدام أداة “مدير الإعلانات”.
وإلى جانب ذلك كيفية المشاركة بفعالية وإبداع مع المجتمع، بالإضافة إلى أمثلة المحتوى الجديدة مثل المتاجر وواجهات برمجة تطبيقات التحويل والإعلانات المخصصة وغيرها.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن محمد الدريسي الملياني، المدير العام للوكالة، قوله “يعزز هذا البرنامج الجهود المبذولة من طرف مختلف المؤسسات المغربية العمومية والخاصة لتشجيع تطوير المهارات الرقمية داخل الشركات الصغيرة والمتوسطة”.
وأضاف أن “هذه المبادرة تندرج في إطار التحولات الهيكلية التي دعا إليها النموذج التنموي الجديد، والذي يجعل الرقمنة بمثابة رافعة للتحول السريع من خلال التدريب على المهارات الرقمية”.
وأشار إلى أنه في هذا الاتجاه، يمكن القول إن تحدي الغد هو جعل المغرب دولة رقمية، حيث ستتوجب الاستفادة بشكل مندمج من التقنيات الرقمية بالنظر لمزاياها التحويلية على المستوى الاقتصادي.
ولدى وكالة التنمية الرقمية خطة للقيام بالعديد من الإجراءات والمبادرات التي تهدف إلى تحفيز البحث في المجالات الرقمية.
2000
شركة سيتم تأهيلها لتعزيز أساليبها التسويقية بعد نجاح تجربة العام الماضي
كما تتسلح ببرنامج موسع لدعم تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر استغلال الأدوات الرقمية وتدريب المهارات، ما سيمكن من تشجيع الابتكار ودعم التحول الرقمي على الصعيد المحلي.
وقال عزام علم الدين، مدير السياسة العامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ميتا، إن “التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة نتيجة لكوفيد - 19 لا تزال كبيرة”.
وأضاف “نحن بدورنا ما زلنا ملتزمين بدعمها لتحقيق التعافي والازدهار، ولدينا دور مهم نلعبه عبر توفير المهارات الرقمية اللازمة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة، من أجل البقاء والتعافي وتحقيق النتائج سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع”.
ويعتقد المختصون في الاقتصاد الرقمي أن المغرب لديه إرادة قوية لمصاحبة الشركات الناشئة المحلية ومواكبة الشباب المغربي حامل الشهادات والمهتم بالابتكار والقطاع الرقمي، لتقليص إجراءات الحصول على التمويل وخفض معدلات البطالة.
وقال مهدي علوي، الرئيس التنفيذي ومؤسس ستارت آب فاكتوري، “نهدف إلى تحويل التحديات أمام هذه الشركات إلى فرص ومبيعات ناجحة من خلال الابتكار واستراتيجيات التسويق الرقمي المناسبة”.
وأضاف “النسخة الثانية من البرنامج تتيح لنا مساعدة المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة، لمساعدتها على تجاوز الأزمة الصحية التي تؤثر على أعمالها”.