أمير الكويت يترك معركة تشكيل الحكومة ومشاكل البرلمان لولي العهد

الكويت – أعلن وزير الديوان الأميري الشيخ محمد عبدالله المبارك أن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد فوّض لولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ممارسة بعض صلاحيات الأمير بصفة مؤقتة.
ولم يذكر البيان الأميري أسباب التفويض المؤقت أو تفاصيل أكثر بشأن الاختصاصات التي فُوّضت لولي العهد.
لكن مصادر كويتية مطلعة أكدت لـ”العرب” أن هذه الصلاحيات تشمل إجراء المشاورات المعهودة لتسمية رئيس الوزراء، حيث كان الأمير يجتمع عادة برؤساء الحكومات والمجالس النيابية السابقة، كما تشمل تسمية رئيس الوزراء والموافقة على الوزراء.
وأضافت المصادر أن التفويض يشمل كذلك مختلف الصلاحيات المتعلقة بتطبيق القوانين والعلاقة مع مجلس الأمة (البرلمان)، وهي المهمة الصعبة التي تحتاج إلى متابعة دائمة من أجل بناء علاقة ثقة وتعاون بين الحكومة والبرلمان وحل الخلاف الذي أعاق مؤسسات البلاد في السنوات الماضية.
وبهذا التفويض سيكون على الشيخ مشعل تعيين رئيس للوزراء ليشكل حكومة جديدة ستكون الثالثة هذا العام في وقت تسعى فيه البلاد لإجراء إصلاح مالي لتعزيز مالية الدولة التي تضررت بشدة العام الماضي جراء انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
صلاحيات التفويض لولي العهد تشمل تسمية رئيس الوزراء والموافقة على الوزراء وقيادة المشاورات الحكومية
ويأتي هذا التفويض في وقت تمر فيه الكويت بفترة تحول بعد عقد حوار وطني نتجت عنه مجموعة من القرارات، من بينها العفو عن معارضين وعن محكومين ومتسترين بقضية خلية العبدلي، إضافة إلى جملة من الاتفاقات على سياسات إصلاحية وخطوات للتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لكن الوضع يبقى معرضا للتأزّم بسبب رفض جماعات نيابية وأخرى محسوبة على أقطاب شيوخ من الأسرة الحاكمة وسياسيين صيغة العفو التي حصلت، والتي توازي في العفو بين معارضين سياسيين وآخرين مدانين بأحكام نتيجة الشروع في أعمال تخريب، في إشارة إلى خلية العبدلي التي أثار قرار العفو عنها ردود فعل مختلفة خاصة إثر اكتشاف خلية جديدة تعمل لفائدة حزب الله وإيران.
وكان عناصر الخلية، التي تم تفكيكها في عام 2015، قد أدينوا بالتجسس لصالح إيران وجماعة حزب الله اللبنانية وحيازة أسلحة في منطقة العبدلي شمالي مدينة الكويت العاصمة.
وشمل العفو عضوين من الخلية المزعومة إلى جانب أربعة أدينوا بالتستر على المجموعة، وخُففت الأحكام الصادرة عن 18 آخرين بعضهم قضى بالفعل مدة العقوبة المخففة.
كما تضغط مجموعة من المعارضين الكويتيين المقيمين في لندن والمحكومين في قضية “قروب الفنطاس” كي يشملها العفو مثلما شمل المحكومين الموجودين في تركيا أو الموجودين في الداخل على خلفية قضية اقتحام مجلس النواب.
وأصدر الشيخ نواف يوم السبت مرسومين بمنح العفو وخفض الأحكام عن 35 شخصا، من بينهم نواب سابقون يعيشون في تركيا صدرت بحقهم أحكام بتهمة اقتحام مبنى البرلمان في احتجاجات مناهضة للفساد عام 2011.
ويشار إلى أن عملية تفويض الصلاحيات من أمير الكويت إلى ولي عهده قد تمت سابقا أيام الراحل الشيخ صباح الأحمد عندما كان خاضعا للعلاج وتم تفويض ولي عهده آنذاك الأمير الحالي الشيخ نواف الأحمد صلاحيات مماثلة في انتظار انقضاء فترة العلاج.

ويقول مراقبون للشأن الكويتي إن قرار تفويض الصلاحيات في ملف مهم جدا، مثل تشكيل الحكومة والعلاقة مع البرلمان، إلى الشيخ مشعل هو بمثابة تمرين على مهمة قيادة البلاد في ظل الأخبار المتداولة حول صحة الشيخ نواف، والتي قد تعيقه مؤقتا عن أداء جزء من مهامه خاصة بسبب سفره للعلاج في الخارج.
وبدا الشيخ نواف واهنا في آخر ظهور علني له عندما ألقى كلمة قصيرة في البرلمان في أكتوبر الماضي. وقالت الكويت في يوليو إن أمير البلاد خضع لفحوصات طبية كانت ناجحة على أن تستمر لاحقا.
وتولى الشيخ نواف (84 عاما) الإمارة لما يزيد عن عام بقليل فقط بعد وفاة شقيقه في سبتمبر 2020، والذي حكم البلاد لأكثر من عشر سنوات.
وبدأت مبكرا التجاذبات داخل الأسرة الحاكمة بشأن ولاية العهد في ظل الوضع الصحي للشيخ نواف وتهيئة الشيخ مشعل، الرجل القوي وصاحب النفوذ والشعبية، لاستلام مقاليد الأمور. وقد خرجت هذه التجاذبات إلى العلن بعد تصريحات النائب مهلهل المضف، عضو لجنة الحوار الوطني، التي قال فيها إن “الشعب الكويتي في المرحلة القادمة ومن خلال مجلس الأمة لن يقبل بولي عهد قادم له ارتباط بشبهات وملفات فساد”. وأضاف “لن نجامل أحدا على مصلحة الكويت لأن مسألة ولاية العهد لا تتعلق بأسرة الحكم بل بمصير الدولة”.
والأحد قبل أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد استقالة حكومة بلاده التي قدمتها قبل نحو أسبوع. ويتضمن الأمر الأميري “استمرار كل من رئيس الحكومة والوزراء في تصريفِ العاجلِ من شؤون منصبه لحين تشكيل الوزارة الجديدة”، بحسب ما أوردته الوكالة آنذاك.