تعميمات وزير الإعلام اللبناني مفبركة أم غير صالحة للنشر

بيروت- أثار بيان منسوب لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي يبدي فيه امتعاضه من تسريب تعميماته الداخلية لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، جدلا واسعا.
وأكد البيان الذي لم تتحقق “العرب” من صحته بصفة مستقلة على “ضرورة إعادة هيكلة وزارة الإعلام وفصل الرافضين للقيود المفروضة”، بعد تسريب تعميم قبله بيوم واحد هدد فيه قرداحي بتفعيل عقوبات ضد من يتعرض لرموز الدولة، وانتشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء في البيان الذي وجهه قرداحي مخاطبا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي “أتقدم باعتراضي وامتعاضي الشديدين لمحاولات إجباري على تقديم الاستقالة”، مضيفا أن “بعض الموظفين تعمدوا تسريب خطاباتي السرية مؤخرا لمواقع التواصل الاجتماعي”.
وأكد قرداحي في خطابه أنه سيقوم بإعادة هيكلة وزارة الإعلام، كما أكد أن الوزارة ستقوم بمعاقبة الموظفين الذين ثبت تورطهم في بعض التجاوزات بالعقاب والفصل عن العمل أو النقل، بحسب المخالفة التي ارتكبها.
وسبق بيان إعلان إعادة هيكلة الوزارة بيان آخر أكد فيه قرداحي “معاقبة كل من يتعرّض بالقدح والذم لرموز الدولة، بما من شأنه نشر الفوضى وتفريق وحدة الصف اللبناني، خصوصا في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها البلاد”.
وأضاف البيان الذي حمل ختم قرداحي وتوقيعه “نهيب بكم عدم نشر ما من شأنه المس بالكرامة أو التعرض بالذم والقدح أو التحقير بحق رئيس الدولة ميشال عون أو رئيس مجلس النواب نبيه بري أو أحد الوزراء وكذلك قادة الطوائف الدينية المختلفة ورجال الدين، وقادة الأحزاب السياسية وقادة حركات المقاومة اللبنانية كالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أو أحد رموز حزب الله وحركة أمل وغيرها من الفصائل”. وشدد على أن “كل من يتجاوز هذه التعليمات سيتم تحويله للنائب العام الاستئنافي لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقه شخصيا وبحق المؤسسة الإعلامية الناشرة حسب نظام العقوبات من قانون المنشورات والمطبوعات وعليه جرى التنبيه”.
وأثار البيان غضبا واسعا في الأوساط الصحافية اللبنانية التي تتهم قرداحي بمحاولات التضييق على حرية التعبير في لبنان، واعتبروه استمرارا لتدهور الحريات في البلاد، واستكمالا لتصريحات الوزير السابقة منذ توليه منصبه، حول الحريات المسؤولة، ما جعل وزارة الإعلام اللبنانية تنفي المعلومات المتداولة عن التعميم.
ومن جانبها، أعلنت وزارة الإعلام في بيان أن “التعميم الذي يتم تداوله عار من الصحة”. وطلبت الوزارة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية عدم نشر أي بيان أو تعميم منسوب إليها ما لم ينشر في موقعها الرسمي أو موقع “الوكالة الوطنية للاعلام”. لكن صحافيين قالوا إن بيان الوزارة ليس إلا محاولة لامتصاص الغضب، خاصة أن هذا هو التوجّه الذي يتبناه قرداحي.
وكان قرداحي وصف في سبتمبر الماضي، الانتقادات الموجهة إلى المسؤولين في وسائل الإعلام، بأنها “اعتداء على كرامة السياسيين”. وقال “أريد إعلاما على صورة لبنان الذي نعرفه، لبنان الرحابنة وفيروز. فهذا هو لبنان الجميل وليس لبنان الذي يشهد نوعا من التفلت بسبب الظروف التي مرّ بها بلدنا من كورونا والتحركات الشعبية”.
واستهجن صحافيون وعاملون في قطاع الإعلام اللبناني تصريحات قرداحي التي تنتصر للسياسيين وتصادر حرية التعبير ومبدأ أساسيا للصحافة وهو مساءلة ومحاسبة الطبقة السياسية، خصوصا في بلد مثل لبنان تعتبر فيه صحافة المساءلة ذات أهمية قصوى بسبب الفساد المستشري في البلاد والأزمات الاقتصادية التي تسبب بها السياسيون.
ويبدو قرداحي متمسكا بموقفه المنتقد لحرية التعبير في الإعلام رغم الجدل الواسع الذي أثارته تصريحاته السابقة عند تسلمه منصبه، والتي دعا فيها إلى عدم استضافة “المبشرين بالجحيم” في الشاشات اللبنانية.
ولا يخفِي قرداحي توجهاته لتقويض النمط القائم على حرية التعبير في الإعلام، الذي يكفله الدستور اللبناني، متحدثا عن “ضوابط للإعلام”.