الخاسرون في الانتخابات العراقية يواصلون حشد الشارع لتحقيق مكاسب سياسية

بغداد - تواصل القوى الشيعية العراقية الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات النيابية المبكرة الضغط بالشارع في محاولة لتحقيق بعض المكاسب السياسية في تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك غداة مواجهات بين أنصارها والقوات الأمنية أسفرت عن مقتل شخص على الأقل وجرح العشرات.
وشارك المئات من مؤيدي الفصائل الموالية لإيران السبت في تظاهرة على إحدى بوابات المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، اعتراضا على نتائج الانتخابات النيابية المبكرة.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "كلا كلا للتزوير"، وصورا لقادة أمنيين كتب عليها "مجرم حرب"، ورددوا شعارات "نعم نعم للحشد" و"الموت لأميركا".
وقاموا بنصب الخيام في الحديقة الموازية لواحدة من البوابات الأربع للمنطقة الخضراء، استعدادا لاعتصام جديد، محرقين صورا لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فيما انتشرت القوات الأمنية في المكان.
وفي وقت سابق السبت، قالت قيادة العمليات المشتركة في العراق، إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجّه بتشكيل ما وصفته بـ"مقر متقدم" يقوده "ضابط برتبة عليا" لإدارة وتأمين منطقة الاعتصام قرب الجسر المعلق في بغداد، لمنع الاحتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين.
وذكرت القيادة في بيان نشرته خلية الإعلام الأمني أن ممثلين عن الأجهزة الأمنية وعن الحشد الشعبي سيشاركون في تشكيل هذا المقر المتقدم.
ودعت القيادة القوات الأمنية إلى "ضبط النفس والالتزام بأفضل الممارسات المهنية لحماية حرية التعبير وحقوق الإنسان". كما طالب البيان المتظاهرين بـ"الالتزام بقواعد حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي".
وكانت السلطات العراقية أغلقت مداخل المنطقة الخضراء، تحسبا من اقتحامها من قبل المتظاهرين الذين أقاموا مجلس عزاء لقيادي ميليشيا "عصائب أهل الحق" الذي قتل في اشتباكات الجمعة، مع القوات الأمنية.
وتعد هذه الميليشيا أحد أبرز الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي العراقي.
ويحتج المتظاهرون على "تزوير" يقولون إنه شاب الانتخابات التشريعية المبكرة، ويطالبون بفرز كامل للأصوات، بعدما سجل تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي تراجعا كبيرا بحسب النتائج الأولية.
إلا أن النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر، لم تصدر بعد، إذ لا تزال المفوضية العليا للانتخابات في المراحل الأخيرة لإعادة فرز الأصوات بناء على طعون قدمت لها، قبل رفعها للمحكمة المختصة وإعلان النتائج النهائية.
وبدأ الاحتجاج منذ نحو أسبوعين باعتصام على إحدى بوابات المنطقة الخضراء، لكنه تطور ليل الجمعة إلى مواجهات بين المعتصمين والقوات الأمنية، حينما حاول المحتجون اقتحام بوابات المنطقة الخضراء التي تضمّ مقار حكومية منها المفوضية العليا للانتخابات وسفارات أجنبية، لاسيما سفارة الولايات المتحدة.
وقتل متظاهر أصيب "بالرصاص" وفق ما أفاد مصدر أمني، وأصيب 125 آخرون بجروح "غالبيتهم من القوات الأمنية" وفق وزارة الصحة، إثر تلك الصدامات، في حين قال مصدر في كتائب حزب الله، إحدى فصائل الحشد الشعبي، إن متظاهرين قُتلا على الأقلّ.
وتداولت مواقع مقربة من الفصائل الموالية لإيران أن رصاصا حيا أطلق على المتظاهرين.
يعزو رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، هذا التصعيد إلى كون القوى الموالية لإيران "تريد اعتماد سياسة حافة الهاوية للحصول على المزيد من المكاسب"، في تشكيل الحكومة المقبلة.
وحصد التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أكثر من 70 مقعدا وفق النتائج الأولية، وبذلك ستكون له مجددا الكتلة الأكبر في البرلمان، ولكنه لا يملك الغالبية فيه.
وقد يستغرق اختيار رئيس للحكومة وتشكّل الكتل السياسية والتحالفات في البرلمان الجديد وقتا طويلا، فيما المفاوضات جارية حاليا بين مختلف القوى السياسية.
وفي بلد تتجاذب على النفوذ فيه طهران والولايات المتحدة، أفرزت الانتخابات برلمانا مشرذما ما يفتح الأبواب أمام سيناريوهات عدة، فيما يرجح محللون توافقا بين القوى الشيعية الأبرز ووصول مرشح وقع الإجماع عليه إلى سدة رئاسة الوزراء.
ويرى الشمري أنه "لا بدّ أن تدخل إيران على خط الأزمة في وقت معين لأنها تدرك بأن ذهاب حلفائها في الداخل العراقي إلى نقطة لا عودة إذا ما اختاروا الاشتباك سيكلفها كثيرا في الداخل العراقي".
وتطالب الفصائل الموالية لإيران خصوصا بانسحاب كامل للقوات الأجنبية من البلاد البالغة 3500 من التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، و2500 عسكري أميركي. كانت الولايات المتحدة قد حدّدت بالاتفاق مع الحكومة العراقية، نهاية العام موعدا لـ"إنهاء المهمة القتالية" في العراق.
يأتي هذا بينما باشرت لجنة التحقيقات، التي أمر الكاظمي بتشكيلها، عملها للكشف عن الملابسات والتداعيات التي أدت إلى سقوط قتيل والعشرات من الجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية، فيما توعد قيس الخزعلي الكاظمي بالرد بعد طرد أنصاره من المنطقة الخضراء.
يأتي ذلك فيما أعربت البعثة الأممية في العراق عن أسفها لتصاعد عمليات العنف ووقوع إصابات بين المحتجين على نتائج الانتخابات والقوات الأمنية على مداخل المنطقة الخضراء.