شرطان لدى حمدوك للعودة إلى رئاسة الحكومة في السودان

الخرطوم - أكد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، الذي حلّ الجيش السوداني حكومته الأسبوع الماضي، موافقته الأربعاء على العودة إلى منصبه على رأس فريق من "الكفاءات المستقلة" مع الإفراج عن الوزراء والسياسيين المعتقلين.
يأتي ذلك في وقت تشهد البلاد منذ أسبوع جهود وساطة إقليمية ودولية حثيثة لإنهاء الأزمة التي نجمت عن استيلاء الجيش على السلطة.
ونقلت قناة العربية عن مصادر، لم تسمها، القول إن رئيس وزراء السودان المعزول "وافق على العودة لقيادة الحكومة السودانية". وأضافت أن الحكومة السودانية المقبلة ستكون حكومة كفاءات من المستقلين، مشيرة إلى أن حمدوك اشترط جمع كل المبادرات المطروحة لتكون خارطة طريق له، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين من الوزراء والقادة السياسيين من الحرية والتغيير.
والأسبوع الماضي اشترط حمدوك عودة الحكومة السودانية إلى عملها والإفراج عن الوزراء المعتقلين، لحل الأزمة الراهنة في البلاد، بحسب بيان لمكتبه.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر قريب لحمدوك الأربعاء قوله إنه لم يتوصل حتى الآن إلى اتفاق مع قادة الجيش.
وأكدت وكالة بلومبرغ الأميركية أن الجيش السوداني والسياسيين يقتربون من اتفاق جديد لتقاسم السلطة. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن المفاوضات بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وجماعات متمردة سابقة ورئيس الوزراء المقال، استمرت الثلاثاء في العاصمة الخرطوم.
وبحسب مصادر بلومبرغ، فإنه على الرغم من إحراز تقدم في المحادثات، فإن الاختلافات الرئيسية لا تزال قائمة.
وفي الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ألقت "قوة عسكرية" القبض على حمدوك والكثير من وزرائه، قبل أن يعلن قائد الجيش حل مؤسسات الحكم الانتقالي التي شكلت بالشراكة بين الجيش والمدنيين عقب إسقاط نظام عمر البشير في 2019، إثر انتفاضة استمرت خمسة أشهر.
وأعيد حمدوك إلى منزله في اليوم التالي ولكنه وضع قيد الإقامة الجبرية.
ونقلت الوكالة عن دبلوماسيين قولهم إن البرهان يرى أن وجود حمدوك في الحكومة الجديدة التي يريد تشكيلها، "مفتاحا لكسب المصداقية في الشارع".
وأحد المقترحات قيد المناقشة هو "منح حمدوك صلاحيات أكبر، لكن مع حكومة جديدة أكثر قبولا للجيش"، كما قالت المصادر.
وأشارت إلى أن هذا المقترح يشمل أن "يكون الجيش مسؤولا عن مجالس الأمن والدفاع التابعة للحكومة بموجب الاتفاق"، مضيفة أنه "لا يزال تشكيل مجلس سيادي جديد، أعلى هيئة تنفيذية برئاسة البرهان حتى إعلان حله، قيد المناقشة".
وأوضحت مصادر الوكالة أن سبب الخلاف بين الجيش والسياسيين يكمن حول التعيينات الوزارية، وتشكيل الحكومة.
وقال بيان نشرته وزارة الإعلام السودانية المقالة، إن حمدوك يصر على أن حل الأزمة يتمثل في الإفراج عن جميع المعتقلين وعودة حكومته إلى عملها، وأنه لن يعترف بقرارات زعماء الانقلاب.
ونزل الآلاف من المحتجين إلى الشوارع الأسبوع الماضي للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري وعودة الحكومة التي يقودها المدنيون. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن ثلاثة محتجين قتلوا برصاص قوات الأمن، ليرتفع عدد القتلى منذ الخامس والعشرين من أكتوبر إلى 15.
وفي حين أشارت بلومبرغ إلى أن التوصل إلى اتفاق "لا يزال بعيد المنال"، قال الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرذيس الاثنين إن "ملامح الصفقة ستصبح مرئية" في الأيام المقبلة.
وقال بيرذيس من الخرطوم خلال مؤتمر بالفيديو إن "الكثير من محاورينا في الخرطوم، ولكن أيضا على المستويين الدولي والإقليمي، يعبّرون بشدّة عن رغبتهم في التحرك سريعا للخروج من الأزمة والعودة إلى الوضع الطبيعي".
والتقى مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان الأحد حمدوك، وكتب على تويتر أنه ناقش "خيارات الوساطة ومستقبل السودان". وشدد بيرذيس على ضرورة العودة إلى "مراحل الانتقال السياسي كما شهدناها قبل الخامس والعشرين من أكتوبر".
وقال رئيس الأركان السابق للجيش السوداني عماد عدوي لوكالة بلومبرغ من القاهرة، بعد أن أطلعه كبار قادة الجيش على المحادثات، "أعتقد أنهم سيتوصلون إلى نتيجة في القريب العاجل. هناك العديد من الوسطاء، بما في ذلك الجهات الفاعلة السودانية وجنوب السودان والدول الأفريقية والأمم المتحدة".
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان قال الثلاثاء من واشنطن، إن الجيش يعلم أن دعم التنمية الاقتصادية في السودان وتخفيف عبء الديون، وكذلك تمويل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يعتمد على استعادة المسار الديمقراطي.
وأكد فيلتمان أنه فوجئ بقرارات الجيش التي اتخذت بعد ساعات على مغادرته السودان، في ظل محاولته إصلاح العلاقات العسكرية - المدنية.
وقال إن "العسكريين في السودان فاوضوني قبل إجراءاتهم بنية سيئة أكثر من كونهم كذبوا علي"، مؤكدا أنه "على المدنيين ألا يحاولوا تهميش العسكريين، وعلى العسكريين ألا يعملوا على تهميش المدنيين وخطف العملية الانتقالية".