عقوبات أميركية تستهدف رجلي أعمال لبنانيين ونائبا مقربا من حزب الله

واشنطن - فرضت وزارة الخزانة الأميركية الخميس عقوبات على رجلي أعمال لبنانيين ونائب في البرلمان مقرب من حزب الله، بسبب ما قالت إنه فساد على نطاق واسع قوض سيادة القانون في لبنان.
وتأتي العقوبات ضمن إجراءات أميركية تستهدف "محاسبة النخبة السياسية والتجارية في لبنان التي استفادت من ممارسات المناقصات غير اللائقة للعقود المتضخمة، وثقافة المحسوبية المنتشرة التي تقوض مؤسسات لبنان وسيادة القانون والاستقرار الاقتصادي".
وأوضحت وزارة الخزانة في بيان أن كلا من الرجال الثلاثة "استفاد شخصيا من الفساد والمحسوبية المستشريين في لبنان، لجمع ثروات شخصية على حساب الشعب اللبناني ومؤسسات الدولة".
وأضاف البيان "بينما يواجه الشعب اللبناني صعوبات يومية للحصول على سلع وخدمات عامة مثل الأدوية والكهرباء والمواد الغذائية في ظل أزمة اقتصادية مدمرة غير مسبوقة، يتصرّف أفراد من الطبقة السياسية اللبنانية مع محسوبين عليهم، من دون عقاب لتحقيق الثروات الشخصية وإخفائها".
وعقب إعلان العقوبات، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان أنها تأتي تضامنا مع الشعب اللبناني الذي يطالب منذ فترة طويلة بالمساءلة والشفافية ووضع حد للفساد المستشري.
وأضاف "نحن ملتزمون بالعمل مع الحكومة اللبنانية وشركائنا الدوليين من أجل مستقبل أفضل وأكثر إشراقا للبنان"، داعيا المسؤولين اللبنانيين إلى "إنهاء الفساد واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمات التي يواجهها البلد".
وأوضحت السلطات الأميركية أن النائب جميل السيد المقرب من حزب الله، "سعى إلى الالتفاف على السياسات والقوانين المصرفية الوطنية"، و"قد ساعده مسؤول حكومي رفيع المستوى على تحويل أكثر من 120 مليون دولار إلى استثمارات في الخارج".
وجميل السيّد هو المدير السابق للمديرية العامة للأمن العام، وكان يعد بالنسبة لكثيرين رجل دمشق الأول في لبنان في زمن الوصاية السورية.
وسجن السيّد أربع سنوات إثر الاشتباه بضلوعه في عملية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، وأطلق سراحه لاحقا من دون توجيه أي اتهامات له.
وجاء في بيان وزارة الخزانة الأميركية "خلال تظاهرات العام 2019، وعندما تجمّع محتجون أمام منزله للمطالبة باستقالته واصفين إياه بأنه فاسد، دعا السيّد السلطات إلى إطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم".
وفي تغريدة الخميس بعد إعلان فرض هذه العقوبات عليه، كتب جميل السيّد "اليوم لن يكون لي تعليق على ما يسمى بالعقوبات الأميركية"، داعيا وسائل الإعلام إلى مؤتمر صحافي ظهر الجمعة في بيروت.
أما جهاد العرب المقرّب من رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، فقد حاز "بسبب علاقاته السياسية الوثيقة"، عدة مناقصات بقيمة مئات الملايين من الدولارات مع تضخيم الفواتير المقدمة للحكومة، في مقابل "رشاوى دفعها إلى مسؤولين حكوميين". ومن بين هذه الصفقات، عقد لمواجهة أزمة النفايات في بيروت العام 2016، إلا أنه لم ينجح في تقديم حل لهذه المشكلة الكبيرة.
وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن العرب حاز مناقصتين بقيمة 200 ملون دولار، بعد توسطه للتوصل إلى صفقة سياسية العام 2014 تمهيدا للانتخابات.
وجهاد العرب من أبرز المقاولين في لبنان، وتعهدت شركته "الجهاد للمقاولات اللبنانية" خلال السنوات الماضية مشاريع ضخمة في لبنان، قسم كبير منها بموجب عقود مع الدولة.
وتعرّض بعد بدء حركة الاحتجاجات الشعبية في لبنان في السابع عشر من أكتوبر 2019، لحملة تتهمه بالفساد. وأعلن في يونيو إقفال جميع أعماله في لبنان، متحدثا عن "هجوم وتحريض وافتراءات" ضده وضد أفراد عائلته.
واتهمت وزارة الخزانة الأميركية داني خوري بكسب الملايين من الدولارات من خلال مناقصات، "مع فشله في احترام شروط هذه العقود بشكل واسع".
وداني خوري مقرّب من النائب جبران باسيل، زعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس اللبناني ميشال عون. وسبق لواشنطن أن فرضت عقوبات على باسيل بشبهة الفساد أيضا.
ورأت وزارة الخزانة الأميركية أن خوري استفاد من علاقاته بجبران باسيل للحصول على عقود كبيرة.
وأضافت "اتهم خوري وشركته بطمر نفايات سامة في البحر المتوسط، ما أدى إلى تسميم مصائد الأسماك وتلويث شواطئ لبنان، في حين فشل في إيجاد حل لأزمة النفايات".
وداني خوري هو متعهد سد بسري (جنوب لبنان) الذي ووجه بناؤه بحملة شعبية لوقفه منعا للإضرار بالبيئة في محيطه. ونجحت الحملة في دفع البنك الدولي إلى إعلان تعليق تمويل بناء السد إلى حين تبيان الحقائق.
وفي محاولة للتنصل من خوري، علّق جبران باسيل على العقوبات المفروضة على خوري عبر حسابه على تويتر قائلا "الظلامة الدولية لا ترحم! داني خوري، لا هو شريك لي في السياسة ولا أنا شريك له في الأعمال، لم أسعفه مرة في أشغاله ولا هو استفاد يوما من معرفته بي في الجامعة".
وبموجب العقوبات، تجمّد كل ممتلكات ومصالح الرجال الثلاثة المحتملة في الولايات المتحدة، سواء أكانت حسابات مصرفية أو ممتلكات عقارية أو أصولا أخرى على ما جاء في بيان وزارة الخزانة.
وتمنع هذه العقوبات الشركات والمواطنين الأميركيين بما في ذلك المؤسسات المالية التي لها وجود في الولايات المتحدة، من التعامل معهم، ما يحد من إمكان استفادتهم من الشبكات المالية والتجارية العالمية.
وبرّرت وزارة الخزانة فرض هذه العقوبات بقولها إن الفساد قوّض حكم القانون والحكومة السليمة في لبنان الغارق في أزمة سياسية واقتصادية حادة جدا.
ويتخبط لبنان في أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي من الأسوأ في العالم منذ 1850. وانهار سعر صرف الليرة اللبنانية، فيما يعاني اللبنانيون في حياتهم اليومية من تضخم جامح مع ارتفاع هائل في أسعار المحروقات، ومن انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي، فضلا عن تجميد أموالهم في المصارف.
وتحض واشنطن والمؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السلطات اللبنانية على إجراء إصلاحات شاملة، إلا أن الانقسامات السياسية الحادة تستمر في تعطيل أي تقدم.