شارع الثقافة في أفغانستان مغلق في وجه الشباب

مخاوف متزايدة لدى أصحاب المكتبات في كابول من تعرض مكتباتهم لمضايقات من قبل عناصر طالبان.
الجمعة 2021/10/29
الكتاب سلاح يخيف طالبان

مع رجوع عناصر طالبان إلى سدة الحكم وانتشارهم في الشوارع تراجع الشباب المعاصر عن الحياة المنفتحة التي كان يحياها في الشوارع بعد أن أغلقت المكاتب والفضاءات التي كانوا يرتادونها، كما ازدادت مخاوف بائعي الكتب على نشاطهم.

كابول - في سوق الكتب داخل حي بل سرخ، واحة السلام السابقة التي كان يرتادها الشباب العصري والمثقف قرب الصروح الجامعية في كابول، أغلق ما يقرب من نصف المكتبات أبوابه، فيما يغرق ما تبقى من هذه المواقع الثقافية في الظلام لتوفير الكهرباء.

ويمسك عبدالأمين حسيني بكتاب “وأصبحت ميشال أوباما” الذي يتضمن سيرة السيدة الأولى السابقة في الولايات المتحدة قائلا “خذ هذا الكتاب مثلا، المشكلة ليست في كونه عن ميشال أوباما، بل في كونها لا ترتدي الحجاب”.

ويوضح صاحب المكتبة أنه قبل عودة حركة طالبان إلى الحكم في أغسطس “كانت أعمالنا مزدهرة جدا، حتى أنّي أسست دار نشر خاصة وبدأت في تحقيق حلمي في كتابة كتب للأطفال مستوحاة من حياة ابنتيّ”.

وكتب  أجمل عازم صاحب دار نشر عازم الأفغانية على جناحه في معرض فرانكفورت للكتاب عبارة “لا كتب هذه السنة”، قائلا، كنا نعرض أحدث الكتب الأفغانية التي تضمنت ما بين 350 و400 عنوان جديد”.

لكنه اضطر لأن يوقف عمل دار النشر قبل ثلاثة أشهر، حين عادت طالبان للحكم ، وقبلها غادر عازم إلى كندا “بسبب التهديدات الخطيرة التي نعرفها عن طالبان”.

في ظل حكم طالبان السابق أُجبر بائعو الكتب غير الدينية على وقف العمل ونُهبت بعض المكتبات في كل أنحاء البلاد.

وبعد شهرين من إعادة السيطرة على كابول، لم يتعرض أيّ عنصر من طالبان للمكتبات في بل سرخ، لكن على غرار الكثير من الأفغان في هذه الفترة الانتقالية، يرى أصحاب المكتبات أن هذا الأمر مسألة وقت فقط.

وقد سحب بائع في السوق يفضّل عدم كشف هويته الأعمال الشعبية للإيراني عبدالكريم سروش، أحد كبار المفكرين الدينيين المعاصرين والذي يتهمه المتشددون بالتجديف.

لكن في غرب المدينة، في مكتبة سعدات المتخصصة في بيع الكتب باللغة الإنجليزية، لا يزال بالإمكان العثور على كل شيء تقريبا: نسخة فارسية تكدّس عليها الغبار من رواية “مدام بوفاري” الفرنسية الشهيرة، وكتب تشارلز بوكوفسكي، إضافة إلى الكثير من كتب الخيال العلمي.

ويقول مصطفى براك (23 عاما) وهو طالب ماجستير في القانون، خلال جولته الأسبوعية في المكان “في كل مرة آتي إلى هنا، أُفاجَأ بأن أجد المكتبة مفتوحة”.

ويقول الطالب الأزرق العينين قبل مغادرته المكتبة حاملا معه كتابا عن تطوير الذات “أريد فقط أن أستمر في تعلم أشياء جديدة وأحسّن ثقافتي وتكون لي حياة ثقافية”.

كذلك لا يزال أشهر متجر لبيع الكتب في كابول، “شاه م بوك كو” الملقب بـ“الأرشيف الوطني لأفغانستان” مفتوحا “كما كانت الحال أثناء تغييرات النظام الأخيرة”، بحسب مالكه منذ عام 1974 شاه محمد رئيس الذي غادر إلى لندن في سبتمبر بتأشيرة عمل لكنه يعتزم العودة إلى أفغانستان.

وينتشر في ممرات المكتبة ذات الأسقف المنخفضة أكثر من 17 ألف كتاب مرتّبة بحسب اللغة (الداري، البشتو، الفارسية، والإنجليزية)، معظمها عن تاريخ البلاد، بينها بعض النسخ النادرة التي تُباع على منصات التسوق عبر الإنترنت، وهو مصدر الدخل الوحيد من التجارة.

ويشرح مدير المكتبة سليمان شاه في الموقع “لا نزال نفتح أبوابنا، لأننا آلينا على أنفسنا الحفاظ على هذه الكتب التي تشكّل إرثاً للشعب الأفغاني، ويجب إبقاؤها متاحة للقراءة والدراسة من الجميع”.

ويقول إن اثنين من عناصر طالبان أتيا في اليوم السابق إلى المكتبة بملابس مدنية لأول مرة منذ 20 عاما.

ويوضح شاه “كانا يبحثان عن كتاب غير موجود هنا”.. ليقول بعد العديد من الأسئلة إن هذا الكتاب هو القرآن، “وسورة يس تحديدا”.

ويضيف ” قاما بجولة سريعة في المكان ثم عاينا البطاقات البريدية، وتأكدا من عدم وجود أي كتب رومانسية، ثم غادرا المكان”.

20