موسكو تمنح طالبان نصف اعتراف لحثها على محاربة داعش

وزير الخارجية الروسي يحذر من خطر التنظيمات الإرهابية ويدعو الحركة المتشددة إلى عدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية ضد الدول المجاورة لها.
الأربعاء 2021/10/20
مخاوف روسية من توسع الصراع المسلح بين طالبان وداعش إلى أراضيها

موسكو - أقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بما تبذله حركة طالبان من "جهود" لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، في إشارة إلى التهديدات الإرهابية التي تشهدها البلاد وسائر المنطقة، وذلك لحث الحركة المتشددة على منع تدفق داعش إلى روسيا والجمهوريات الحليفة لها على حدود أفغانستان.

ويأتي تصريح لافروف خلال محادثات دولية أولى في موسكو مع الحكام الجدد لأفغانستان، إذ قال "نعترف بالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في الوضع السياسي العسكري"، مشيرا إلى أن الخطر "الإرهابي" القادم من البلاد يهدد المنطقة بأسرها. 

وشدد وزير الخارجية الروسي على أن قضية الإرهاب وتنظيم داعش - ولاية خراسان، فضلا عن تجارة المخدرات، من أبرز المخاطر التي تهدد أفغانستان وجوارها، داعيا الحركة إلى عدم السماح باستخدام الأرضي الأفغانية ضد الدول المجاورة لها.

وأكد لافروف أن "مهمة إحلال سلام مستدام في أفغانستان لا تزال ملحة، وموسكو ترى الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو تشكيل حكومة شاملة تعكس مصالح كافة القوى العرقية والسياسية في البلاد".

ولفت إلى أن مستوى الدعم الذي ستحظى به طالبان مرتبط بشكل وثيق مع سياساتها الاجتماعية وبمدى احترامها للحقوق والحريات الأساسية، مؤكدا أن الجانب الروسي بحث هذه المسألة بالتفصيل مع وفد الحركة المشارك في محادثات الأربعاء.

وعن أهمية اجتماعات "صيغة موسكو"، قال إنها "تنبع من جمعها أفغانستان مع الدول المجاورة لها"، في حين أعرب عن أسفه لعدم مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات، قائلا إن "السبب قد يكون تغيير المبعوث الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، الذي أعلن قبل يومين استقالته".

وتستضيف روسيا الأربعاء محادثات دولية حول أفغانستان بحضور حركة طالبان، سعيا لتأكيد نفوذها في آسيا الوسطى والدفع في اتجاه التحرك ضد مقاتلي تنظيم داعش، الذين يحتشدون بحسب قولها في هذا البلد الهش.

وتعتبر هذه المحادثات أحد أهم  اللقاءات الدولية التي تحضرها طالبان منذ وصولها إلى السلطة في منتصف أغسطس، وسيشارك فيها مسؤولون من عشر دول بينها الصين وباكستان.

وتأتي بعدما حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي من أن مقاتلي تنظيم داعش يحتشدون في أفغانستان، لنشر اضطرابات في الجمهوريات السوفيتية السابقة الواقعة على حدود روسيا.

ويترأس وفد طالبان نائب رئيس الوزراء عبدالسلام حنفي، وهو شخصية بارزة في القيادة الأفغانية الجديدة، وسبق أن أجرى محادثات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأسبوع الماضي.

وجاءت هذه اللقاءات بعد محادثات جرت بين طالبان ومسؤولين أتراك في أنقرة.

وتعهدت بروكسل بتقديم مليار يورو لتجنب أزمة إنسانية بعد استيلاء الحركة على السلطة.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء أن أحد أهداف لقاء موسكو هو تعزيز "جهود المجموعة الدولية لمنع أزمة إنسانية"، قائلة إن تشكيل "حكومة جامعة" سيكون على جدول أعمال اللقاء، وإن المشاركين سيصدرون بيانا مشتركا في ختام المحادثات.

وسبق أن استضافت موسكو ممثلين عن حركة طالبان في موسكو مرات عدة في السنوات الماضية، بالرغم من أن الحركة مصنفة "منظمة إرهابية" في روسيا.

ويعبّر مسؤولون روس كبار، بينهم بوتين، عن قلقهم بشأن الأمن منذ تولي طالبان السلطة في أفغانستان وانسحاب القوات الأجنبية، بعد تواجد استمر حوالي 20 عاما.

وحذر الرئيس الروسي الأسبوع الماضي من أن حوالي ألفي مقاتل موال لتنظيم  داعش تدفقوا إلى شمال أفغانستان، مشيرا إلى أن قادتهم يخططون لإرسالهم إلى دول آسيا الوسطى المجاورة للتنقل كلاجئين.

ولفت بوتين إلى أن قادة تنظيم "الدولة الإسلامية" في أفغانستان يسعون لتوسيع نطاق نفوذ المجموعة المتطرفة في أنحاء دول سوفيتية سابقة في وسط آسيا، وهي منطقة تعتبرها موسكو باحة خلفية لها، لإثارة نعرات دينية وعرقية.

وبعد تولي طالبان السلطة، أجرت روسيا مناورات عسكرية إلى جانب جمهوريات سوفيتية سابقة قريبة من أفغانستان.

وعلى الرغم من مد اليد لطالبان، فإن مسؤولين روسا وبينهم بوتين أوضحوا أن موسكو لا تمضي في اتجاه اعتراف رسمي بالنظام الإسلامي.

وقال لافروف "الاعتراف الرسمي لا يجري بحثه وقد تم إعلان ذلك"، لكنه لفت إلى أن روسيا وعلى غرار دول أخرى في المنطقة تبقي على اتصالات مع الحركة.

وفي ثمانينات القرن الماضي، خاضت موسكو حربا كارثية استمرت عقودا في أفغانستان، وأسفرت عن مقتل ما يصل إلى مليوني أفغاني، وأجبرت سبعة ملايين على النزوح، وأدت إلى مقتل أكثر من 14 ألف جندي سوفيتي.