تواصل مفقود بين أردوغان ومحافظ البنك المركزي يعمّق أزمة الليرة

أنقرة ـ يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحميل البنك المركزي مسؤولية التدهور الاقتصادي، خاصة مع تراجع الليرة التركية إلى مستوى قياسي مقابل الدولار الجمعة، تحت وطأة مخاوف بشأن مصداقية السياسة النقدية وقوة الدولار.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن أردوغان بدأ يفقد الثقة في محافظ البنك المركزي شهاب قاوجي أوغلو، بعد أقل من سبعة أشهر من إقالته لسلفه. وأضافت المصادر أن الاثنين لم يتواصلا كثيرا في الأسابيع الماضية.
وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية الأمر، أن أردوغان يشعر بخيبة أمل من تأخير خفض سعر الفائدة حتى الشهر الماضي فقط. وقالت إنه لم يتضح ما قد يفعله أردوغان إذا أقدم أصلا على أي تصرف.
ولم يرد مكتب الرئاسة على طلبات للتعليق على ثقة أردوغان في قاوجي أوغلو.
وأقال الرئيس فجأة ثلاثة محافظين للبنك المركزي خلال العامين ونصف العام الماضية بسبب خلافات سياسية، مما أدى إلى تقويض الليرة وإلحاق ضرر شديد بمصداقية السياسة النقدية والقدرة على التنبؤ بها.
وقال محللون إن الخفض المفاجئ لسعر الفائدة الشهر الماضي كان دليلا آخر على التدخل السياسي نظرا لأن أردوغان، الذي يصف نفسه بأنه عدو لأسعار الفائدة، سعى منذ فترة طويلة إلى تطبيق إجراءات التحفيز رغم ارتفاع التضخم. ونتيجة لذلك سجلت الليرة مستويات منخفضة قياسية.
ولم يتطرق أردوغان علنا إلى خفض أسعار الفائدة، ورفض البنك المركزي التعليق على مزاعم التدخل في سياساته النقدية.

وقالت ميرال أكشينار، زعيمة حزب الخير التركي المعارض، الأربعاء إن أردوغان قد يقيل محافظ البنك المركزي قريبا، إذ يتناسب مع النمط المعتاد للرئيس المتمثل في "التنصل من المسؤولية" بعد القرارات السيئة.
وذكرت المصادر، المقربة من الرئاسة، إن أردوغان يشعر بخيبة أمل لأن قاوجي أوغلو لم يتمكن من خفض التضخم في الأشهر القليلة الماضية.
واستقرت الليرة عند 8.9650 للدولار مع الساعة 08:21 بتوقيت غرينتش، مبتعدة عن أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.9750، لكن أقل من إغلاق الخميس عند 8.8800. وتراجعت العملة التركية 17 في المئة مقابل الدولار هذا العام.
ويسعى الرئيس أردوغان إلى فرض سياسة نقدية تقوم دوما على التناقضات، بحسب الخبراء، ما تسبب في أزمة قاسية لليرة، كما أنه يحاول تحميل سياسات البنك المركزي مسؤولية التدهور الاقتصادي، دون أن يمتلك جرأة الاعتراف بأخطائه.
وانتهج الرئيس التركي طيلة السنوات الماضية سياسة المغامرة بخفض أسعار الفائدة، فارضا إرادته على البنك المركزي بإجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، ما تعارض مع الوضع الهش للتوازنات المالية والاقتصادية، وانعكس بسرعة ووضوح في اتجاه انهيار متسارع لليرة التركية.
ويرفض أردوغان استقلالية المركزي التركي في اتخاذ القرارات، وكان قد استغل سلطاته التنفيذية في يوليو 2019 لفصل مراد تشتين قايا، محافظ البنك آنذاك، ما قوض استقلال البنك المركزي وسياسته النقدية.