أموال طائلة مملوكة لزعماء دول ومحاطة بالسرية في "أوراق باندورا"

الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين يؤكد أن الملفات مرتبطة بنحو 35 من زعماء دول حاليين وسابقين، وأكثر من 330 سياسيا ومسؤولا عاما في 91 دولة وإقليما.
الاثنين 2021/10/04
أوراق باندورا: العاهل الأردني اشترى عقارات فخمة بأكثر من 100 مليون دولار

واشنطن - وضع تحقيق جديد أطلق عليه "أوراق باندورا" العشرات من القادة والمسؤولين السياسيين وشخصيات مهمة في قلب فضيحة تهرب ضريبي ومن بينهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وأصدقاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعمل على تحليل "أوراق باندورا" التي تمثل أحد أكبر التحقيقات الإعلامية على الإطلاق، أكثر من 600 صحافي في الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، حللوا نحو 11.9 مليون وثيقة من شركات خدمات مالية حول العالم.
ويأتي هذا التحقيق بعد خمس سنوات من كشف التسريب المعروف باسم "أوراق بنما" النقاب عن كيفية إخفاء أثرياء أموالا بطرق لم تتمكن وكالات إنفاذ القانون من اكتشافها.
وقال الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، وهو شبكة من المراسلين والمؤسسات الإعلامية مقرها واشنطن، إن الملفات مرتبطة بنحو 35 من زعماء دول حاليين وسابقين، وأكثر من 330 سياسيا ومسؤولا عاما في 91 دولة وإقليما. 
وتظهر الملفات أن الملك عبدالله الثاني الذي واجه احتجاجات ضد إجراءات التقشف الحكومي في السنوات الأخيرة، أنشأ شبكة من الشركات الخارجية "أوفشور" لتكوين مجموعة من الممتلكات بين العامين 2003 و2017 تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار، بينها 15 منزلا في كاليفورنيا وواشنطن ولندن.
ورفضت السفارة الأردنية في واشنطن التعليق، لكن هيئة "بي.بي.سي" نقلت عن محامين للملك قولهم إن جميع الممتلكات تم شراؤها بواسطة أموال شخصية، وإنه من الممارسات الشائعة للشخصيات البارزة شراء العقارات عبر شركات أوفشور لأسباب تتعلق بالخصوصية والأمن.
وفي لبنان، حيث ظهرت أسئلة مماثلة حول الثروة والفقر، تظهر "أوراق باندورا" أن شخصيات سياسية ومالية بارزة لجأت أيضا إلى ملاذات خارجية.
ومن بين هؤلاء رئيس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي وسلفه حسان دياب، وكذلك حاكم "مصرف لبنان" المركزي رياض سلامة الذي يخضع للتحقيق في فرنسا بتهمة غسيل الأموال. كما يظهر في الملفات السرية وزير الدولة اللبناني السابق ورئيس مجلس إدارة "بنك الموارد" مروان خيرالدين.
وتكشف السجلات المسربة أن العديد من الشخصيات القوية التي يمكن أن تساعد في إنهاء نظام الأوفشور تعمد بدلا من ذلك إلى الاستفادة منه.
وهي في هذا السياق، خبّأت الأصول في شركات سرية وصناديق ائتمانية، في الوقت الذي لا تفعل حكوماتها شيئا يذكر لإبطاء التدفق العالمي للأموال غير المشروعة التي تثري المجرمين وتفقر الدول.
وتعرض الملفات تفاصيل الأنشطة المالية لمن سمّته "وزير الدعاية غير الرسمي" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأكثر من 130 مليارديرا من روسيا والولايات المتحدة وتركيا ودول أخرى.
وذكرت أيضا صحيفة واشنطن بوست، وهي جزء من الاتحاد، قضية سفيتلانا كريفونوجيخ، وهي امرأة روسية قالت الصحيفة إنها أصبحت مالكة لشقة في موناكو من خلال شركة خارجية تأسست في جزيرة تورتولا في الكاريبي في أبريل 2003، بعد أسابيع فقط على إنجابها طفلة. وقالت الصحيفة نقلا عن مؤسسة برويكت الروسية للصحافة الاستقصائية إن هذه المرأة كانت في ذلك الوقت على علاقة سرية بدأت منذ سنوات طويلة مع بوتين.
وقالت الصحيفة إن كريفونوجيخ وابنتها البالغة من العمر 18 عاما والكرملين لم يردوا على طلبات للتعليق.
وأظهر التحقيق أن رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس لم يصرح بامتلاكه شركة استثمار أوفشور استخدمت لشراء قصر بقيمة 22 مليون دولار في جنوب فرنسا.
وعلق بابيس في تغريدة "لم أقدم يوما على أي فعل غير قانوني. لكن هذا لا يمنعهم من محاولة التشهير بي والتأثير على الانتخابات التشريعية التشيكية" المقررة الجمعة والسبت.
وكشف التحقيق أن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الذي أطلق حملة ضد الفساد ومن أجل الشفافية المالية، يمتلك سرا مع ستة من أفراد عائلته شبكة من 11 شركة أوفشور قيّمت أصول إحداها بـ30 مليون دولار.
وأظهرت وثائق أوردها التحقيق أن أفرادا من أوساط رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المقربة، بينهم وزراء وعائلاتهم يملكون سرا شركات وصناديق تبلغ قيمتها الملايين من الدولارات.
ورحب عمران خان في تغريدة بالتقرير الأحد واعدا بـ"إجراء تحقيق" حول كل الباكستانيين الواردة أسماؤهم في الوثائق وبـ"اتخاذ الإجراءات المناسبة" في حال ثبوت التهم عليهم.
وعلى صعيد منفصل، يبدو أن الوثائق تظهر أن مكتب المحاماة العائد للرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس أخفى هوية مالك شركات أوفشور عدة وهو سياسي روسي سابق متهم باختلاس أموال. ونفى مكتب المحاماة هذه الاتهامات على ما ذكرت "بي.بي.سي". 
وجاء في الوثائق أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حوّل قبيل انتخابه رئيسا للبلاد في 2019، حصته في شركة أوفشور سرية.
وتظهر الوثائق أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي كان يشن حملة على الملاذات الضريبية، اشترى مع زوجته مبنى في لندن بسعر 8.8 مليون دولار في العام 2017 من خلال شراء الشركة التي تملكه ومقرها في جزر فيرجين البريطانية.
وبموجب القانون البريطاني تجنبا من خلال ذلك دفع ضرائب تبلغ مئات الآلاف من الدولارات.
وذكرت "بي.بي.سي" أن ما من مؤشر يثبت أن الزوجين بلير يخفيان جزءا من ثروتهما، فيما أكدت شيري بلير أنها وزوجها أخضعا العقار بعد ذلك للقانون البريطاني.
وإضافة إلى السياسيين، ضمت لائحة الشخصيات المرتبطة بأصول في شركات أوفشور المغنية الكولومبية شاكيرا وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر ونجم رياضة الكريكت الهندي ساشين تندولكار.
وأكد محامو النجوم الثلاثة للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين أن الاستثمارات مشروعة ونفوا أي تهرب ضريبي.
وأنشأ المركز الأميركي للنزاهة العامة في العام 1997 الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أصبح كيانا مستقلا في 2017. وتضم شبكة الاتحاد 280 صحافيا استقصائيا في أكثر من مئة دولة ومنطقة، فضلا عن حوالي مئة وسيلة إعلام شريكة.
وبرز الاتحاد مطلع أبريل 2016 مع نشره تحقيق "وثائق بنما" الذي استند إلى حوالي 11.5 مليون وثيقة سربت من مكتب محاماة ببنما.
وكانت فضيحة "وثائق بنما" بدأت في الثالث في أبريل 2016 مع تسريب 11.5 مليون وثيقة رقمية من مكتب المحاماة موساك فونسيكا. وهذه الوثائق الحساسة التي حللتها المجموعة الدولية للصحافيين الاستقصائيين أدت إلى سلسلة صدمات في العالم، بينها استقالة رئيس الوزراء الآيسلندي سيغموندور ديفيد غونلوغسون، ثم رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف.
وبعد تسرب الوثائق، فتح 150 تحقيقا على الأقل في 79 بلدا في قضايا التهرب الضريبي أو تبييض الأموال، حسب المركز الأميركي للنزاهة العامة. وقامت بنما منذ ذلك الحين بسلسلة إصلاحات لتعزيز الرقابة المصرفية ومعاقبة التهرب الضريبي بالسجن، وتبادل المعلومات مع منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي.